الحمد لله والصلاة والسلام على رسول، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله أدي الأمانة، وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الله على يديه الغمة وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، أما بعد: فإن دين الإسلام جاء متمما لمكارم الأخلاق، داعيا لأحسنها، منفرا أشد التنفير من سوء الخلق وسوء التعامل بين الناس، بل تجاوز الأمر حدود الحث والتنفير وجعل من حسن الخلق شرط من شروط اكتمال الإيمان والإسلام، والأثار الدالة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصى، وهنا سوف نتعرف على خلق المسلم وكيف ينبغي أن يكون المسلم مع ربه ومع غيره.
المسلم صادق
من صفات المسلم الحقيقي أن يكون صادقا، لا يكذب على أحد ولا على نفسه، باطنه يصدق ظاهره، وفعله يوافق قوله، وهذا لأن نبينا علمنا مكانة الصدق وحث عليه أيما حث، وبين لنا فضله وذم الكذب والكاذبين كما لم يذم خلقا من قبل، وأخبرنا أن الكذب يتنافى مع تمام الإيمان ومما دل على ذلك، ما راوه عبد الله بن جراد، أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ” يا نبي الله، هل يزني المؤمن؟ قال: (قد يكون من ذلك)، قال: يا رسول الله، هل يسرق المؤمن؟ قال: ( قد يكون من ذلك )، قال: يا نبي الله هل يكذب المؤمن؟ قال: (لا)، ثم أتبعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون).
المسلم مؤتمن
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: في معرض حديثه عن الأمانة (أدي الأمانة إلى أهلها، ولا تخن من خانك)، وهذه الصفة من الصفات التي لا تنفك عن المسلم أبدا، فما دام مسلما حقا فهو أمين، أمين في قوله ونقله، أمين على ما يؤتمن عليه من سر أو عرض أو مال أو غير ذلك، فخلق الأمانة عنوان الإيمان.
المسلم لا يقول إلا طيباً
من الآداب النبوية الراقية جداً والتي حث عليه الإسلام، أن يكون المسلم قليل الكلام واع لما يصدر عنه، لا يثرثر بفضول القول، فلعل كلمة يلقي بها لا يلقي لها بالا تهوي به في دركات الشقاء أمداً طويلاً، فالمسلم لا يخوض في أعراض الناس، ولا يغتاب، ولا يهوي في مستنقع النميمة والفتنة، كذلك لا يجري على لسانه بذيء القول ولا يعتاد على ترديد الشتائم أو الكلام الفاحش، وذلك في كل تعاملاته مع الناس، الغريب منهم والقريب والمسلم وغير المسلم، وقد نفى النبي -صلى الله عليه وسلم أن يجتمع في شخص صفة الإسلام وصفة البذاءة أو الفحش في الكلام ومما يدل على ذلك صراحة حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه – إذ يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ».
المسلم من سلم المسلمون من أذاه
المسلم شخص راق يسلم القاصي والداني من أذاه، وكلمة أذى تعني كل ما يمكن أن يسبب ضرراً للغير، والأذى إما يتأتى عن طريق الفعل الذي أداته اليد، وإما أن يتأتى عن طريق القول الذي أداته اللسان، ومن ثم فإن الإسلام لا يعد المسلم مسلماً إلا بشرط أن يسلم غيره من أذى لسانه أو يده، وهذا ما نص عليه حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ».
المسلم شجاع
المسلم الحق صاحب العقيدة القوية الراسخة يثق فيما عند الله، ويعلم أن الحياة فانية، ويدرك معنى أن كل شيء بقدر، فتجده مقداما شجاعا متعاونا، لا يهاب الموت ولا يخاف من الفقر، فيقول الحق حين يدعى لذلك ويبذل كل ما في وسعه من المساعدة لمن يحتاج ذلك.
المسلم كريم
المسلم يعي معنى أن الرزق بيد الله، وأن الصدقة والعطاء يزيد المال ولا ينقصه فتجده يبذل بلا خوف ولا وجل يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وقد علمنا النبي أن البخل لا يجتمع مع الإيمان، فقال: (خصلتان لا تجتمعان في المؤمن، البخل وسوء الخلق).
وأخيراً هذا المقال تذكرة لكل مسلم يحب دينه ويفخر به أن يكون قدوة حسنة وصورة صادقة للإسلام، ويتق الله ولا يشوه تلك الصورة بفكره أو قوله أو فعله.