«ملك» تسأل: أنا فتاة لدي 25 عاما وذات مؤهل عال وعلى قدر من الجمال.. مخطوبة منذ عام لزميلي الذي يكبرني بشهور، وقد تعرفت عليه منذ عامين، ولمست فيه الإخلاص، والصدق والتفاهم، ونظرا لظروفه المادية فقد تسامح معه أهلي في أشياء كثيرة بالنسبة لمتطلبات الجواز، ومررنا بظروف صعبة كثيرة وتنازلنا عن أشياء مادية كثيرة، وكنت والحمد لله دائما راضية وقنوعة، ولحكمة الله كنا نخرج من أزماتنا أقوى مما فات ونلتزم الصبر والرضا حتى يأذن الله لنا بالزواج، وأهلي الحمد لله راضون عنه تماما.
في بداية معرفتي بخطيبي صارحني بأنه كان يحب فتاة كثيرا، وقال لي إنها توفيت بعد إجراء عملية في القلب، ومن هنا بدأت علاقتي معه بتثبيته وإعانته ومساندته في محنته حتى تطورت الأمور وتعلقنا ببعض وأصبحنا نشعر بشكل لا إرادي أننا نقدر بعضنا، خصوصا أنني في نفس الوقت بالذات كنت قد تركت إنسانا كان يريد أن يخطبني لأني اكتشفت أنه كذب علي..
منّ الله على خطيبي بالسفر إلى إحدى الدول الخليجية وقد شجعته كثيرا ولا أخفي عليكم أنني عانيت في أول شهور غربته، حيث كان قليل التواصل معي، وكان حديثه معي عندما نتواصل غالبا يشكو من الظروف ومن المحيطين به، ولكنى كنت دائما بجواره العون والسند وتحاملت على نفسي ومشاعري رغم احتياجي لاهتمامه بي، واهتممت به أكثر مما فات وأصبحت أنا التي تبحث له عن حلول ومخارج وأفكر دائما في راحته.
المهم جاءت المفاجأة الكبرى التي لم أعمل لها حسابا.. بأن الفتاة التي قال عنها أنها ماتت في الحقيقة لم تمت، وأنها بالفعل أجرت عملية جراحية بالقلب ولكن العملية نجحت ومن بعدها غادرت هي وأهلها إلى إحدى الدول الخليجية وأنه بالصدفة رآها في أحد المولات التجارية عنده في نفس الدولة التي يعمل بها.. هو نفسه الذي صارحني بهذا.
وعندما قلت له إنك قد كذبت علي وأعدت لي الجرح الماضي.. قال لي إنها من سبع سنين بالفعل أجرت هذه العملية في القلب ولكنها نجحت ثم غادرت هي وأهلها وكنت مازلت في الثانوية العامة وكانت ظروفي المادية لا تؤهلني للارتباط بها وقتها ومنذ ذلك الوقت اعتبرها ماتت من قلبه.. لكنه في الحقيقة رغم ذلك لم يستطع أن ينساها..
وعندما سألته هل عندما رأيتها الآن إحساسك بها مثل إحساسك بها أول ما عرفتها.. قال لي: “الإحساس دا غصب عن الواحد”… ففهمت الإجابة…
الآن هو لا يريد أن يفرط فيها ولا في… صدقوني أعلم أنه أحبني كثيرا وأنا كذلك، ولكنه لم يتخيل أنه سيراها يوما فتجدد مشاعره لها وأمله بها وصارحني بأنها قالت له إنها مازلت تحبه ولم ترتبط بأي إنسان من بعده…
بالله عليكم قولى لى ماذا أفعل؟ لقد تعبنا كثيرا وضحينا وربما ضحيت أنا أكثر منه ولكن الآن هناك واقع جديد يفرض نفسه علي.. ولا أعرف كيف أتعامل معه..
فكرت كثيرا أن أتركه، وكما ضحيت من أجله أضحي الآن وأتركه لسعادتها وسعادته، ولكنه يضغط علي بأن لا أتركه ويقول لي أكيد هناك حل غير البعد وقالها لي: سأكون معكما سعيدا ولكني لا أعرف ماذا أفعل.. مع العلم بأنه يخاف أن يزعلها بسبب هذه العملية.. حتى فكر أن يجمع بيني وبينها ولكنى رفضت وبشدة أن أكون في وضع زوجة ثانية، وصارحته كيف يستطيع أن يفتح بيتين في ظل إمكانياته الحالية وفى بداية الغربة، وكيف سيفي بمتطلبات واحتياجات كل منا، ودائما أفكر معه حتى قال لي: لا أعرف ماذا أفعل، وهو في حيرة شديدة وكل ما نتحدث يؤكد لي أنه لا يستطيع أن يتركني ولن يتحمل بعده عنى، وفى نفس الوقت مشاعره وأحاسيسه تحن إليها..
كل حزني أني حافظت عليه وعلى حبي له بكل ما أملك وتعاهدنا على الصبر والإخلاص وفجأة تأتى الحياة وتصدمني حتى أصبحت مترددة ومحتارة أنا الأخرى.. هل أتركه وأضيع حبي وأحسم الأمر أم ماذا أفعل؟.. أشعر بأن لي فيه أكثر مما لها فيه فهي تركته وأنا ساعدته وساندته وأحببته بصدق وهو كذلك، ولكنها هناك تتواصل معه وتعبر له عن احتياجها له برغم أنها رأت الدبلة في يديه وقال لها إنه يحبني كثيرا وباركت له خطبته وأثنت عليَّ من غير أن تراني..
أشعر أن الأمور متداخلة وأريد أن أخرج منها بدون جرح أو ألم… أأضحى الآن من أجله وأتركه.. أم عليه هذه المرة أن يضحي من أجل إسعاد الآخر..
عرضت عليه أن أعرض هذه المشكلة عليكم وأرى بماذا تنصحوننا وهو رحب كثيرا لثقتنا بموقعكم وآرائكم..
أرجو الاستنارة برأيكم الذي سوف أقرأه مرات ومرات..
الإجابـة
مشكلتك تذكرنا بأن في الحياة أمورا تستعصي على الخيال، اللهم إلا إذا كان خطيبك يكذب عليك في موضوع عدم علمه بسفرها إلى تلك الدولة الخليجية، إذ لا يوجد في رسالتك ما يفهم منه أنه لم يقصد أن يتبعها إلى حيث هي، وقد تكون الأمور جرت مصادفة أي بدون تدبير منه، ولكن يبقى الاحتمال الأول واردا أكثر، أي أنه التقى بها مع سبق الإصرار والترصد كما يقال، خصوصا وأنت تقولين إنك عانيت من بداية غربته بسبب قلة تواصله معك، وحديثه كله عن مشكلاته وظروفه؛ حيث اختفى حديث الحب بين الخطيبين بمجرد الابتعاد، فهل السبب هو الانشغال بالظروف ومشكلات العمل؟ أم إنه الالتقاء المباشر بالحبيبة السابقة؟!.
لذلك لا أستطيع أن أقول إنه كذب عليك أنت فقط، بل لعله كذب على نفسه، وظن أنه إن قام بخطبتك فسوف ينساها، ولكن ذلك لم يحصل، ويبدو أنك أحببته لدرجة لم تجعلك ترينه على حقيقته إلا بعد أن صارحك بما جرى، وكلامه عن “الإحساس دا غصب عن الواحد” كلام غير منطقي، وبالتالي غير مقبول، لأنه إن أحس بك أنت وأحبك فلا يمكن أن يكون قد بقي على حبها؛ لأن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه ليحب بهما امرأتين في نفس الوقت.
وإن كان الرجل بإمكانه أن يحب زوجته الأولى ثم يتحول الحب إلى مودة فتأتي أخرى فتشعل نار الحب في قلبه، فيتزوجها، ويصارحها بأنه يحب الأولى، ولكنها تفهم -إن كانت ذكية وحساسة- أن حب كل واحدة مختلف عن الأخرى، فحب الأولى هو نتيجة العشرة والارتباط والمصالح المشتركة خصوصا إن وجد أولاد بينهما، أما حب الأخرى فهو مختلف من حيث أنه حيوي ويعيد للرجل شيئا من مغامراته التي افتقدها بسبب التقدم في العمر وبسبب الاعتياد، وهنا أنا لا أبرر للرجل زواجه من اثنتين، ولكني لا أصدق أن رجلا يحب الاثنتين بنفس الدرجة، وهذا في حال الرجل المتزوج أما في حال خطيبك فالوضع يتطابق مع ما ذكرته في ناحية ويختلف في ناحية أخرى.
فالناحية التي ينطبق بها كلامي عليك وعلى خطيبك هو إمكانية وجود حب من طرفه لك ولها، فحبه لك بسبب العشرة والتودد أي أنه أقرب للعقل، وحبه لها لأنها أول من أشعلت نار الحب في قلبه، وعلى هذا فهي يمكن أن تقول: أنا الأولى بينما تعتقدين أنت أنك الأولى وأنك الأحق به.
وأما الناحية التي يختلف فيها كلامي بالنسبة لك ولخطيبك عن المتزوج الذي يحب زوجته وتزوج أخرى أنك لم ترتبطي به بعد حق الارتباط، فالارتباط الجسدي عندما يحصل يجعل العلاقة مختلفة كليا عنها في حال وجود الارتباط العاطفي، ولذلك ورغم اعترافي بصعوبة وضعك لكني إن وضعت نفسي في مكانك، فيجب أن أحمد الله على أن اتضحت لي الأمور قبل الزواج، فأنت الآن على البر كما يقال.
وصحيح أنه ليس من السهولة التضحية بالحب، لكن أعتقد أن التضحية بالحب أهون من التضحية بالكرامة، ولا أقصد أن الزواج الثاني مهين لكرامة المرأة، فهو حق للرجل خصوصا عندما يوجد تقصير لا يمكن تلافيه من المرأة، كوجود مرض لا يساعد على تبادل الحب جسديا مثلا، وفي حالتك لا يوجد ما يبرر له التفكير بالزواج الثاني من هذه الناحية، لأنكما خاطبان ولستما عاقدين ولا متزوجين حتى نحكم عليك بالتقصير، فالتقصير هنا واضح أنه من ناحيته فعاطفته تجاهك لا تتعدى الواجب، ولا تدخل في حيز الحب.
لذلك أنصحك أن ترتفعي بكبريائك عن هذا الهزل؛ لأن الرجل الذي يريدك حقا لا يضعك أمام هذا التهديد من بداية حياتك معه، فإن كان يحبها وإحساسه معها فلن يكون محبا لك ولا يشعر بك، وأنت أحببته بصدق ولكنه خذلك، وإن كان صادقا معك ولم يتبعها إلى حيث سافرت وأهلها فأنا قد وضعت هذا في الاحتمال من بداية الإجابة، ولذلك أدعوه -بما أنه يثق بنا- أن يرسل لنا المشكلة من وجهة نظره؛ لأن إجابتي هذه هي حسب المعطيات الواردة في رسالتك، وهي من وحي خبرة بالحياة؛ لأن حياتك معه لا يمكن أن تستقيم إذا بدأت معوجة، ومن فكر بعواقب الاختيار أوشك أن يصل إلى صحيح القرار.
⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:
- ↵ شاب يبحث عن زواج ناجح بعد تجربة زواج فاشلة
- ↵ شاب يبحث عن زوجة متدينة في زمنٍ قلّ فيه التدين
- ↵ حيرة العريس: بين حبّه لخطيبته وقصر قامتها!
⇐ أجابتها: ليلي أحمد الأحدب