أوضح “د. ديتر كونس” (رئيس مختبر علاجات اضطرابات النوم) أن هنالك ثلاثة أنواع من المرضى الذين يأتون إلى المختبر، فمنهم من يعاني من اضطراب حركي أثناء النوم عند رؤيته كابوساً مما يجعله يصدر حركات غير عادية كالضرب أو الصراخ، والنوع الثاني هم من يعانون مشكلات مزمنة باضطراب النوم ومن الإجهاد النفسي والإنزعاج لدى الاستيقاظ من النوم دون معرفة السبب، أما النوع الثالث فهم هؤلاء الذين لا يستطيعون النوم في الوقت المحدد لهم خصوصاً ممن يعملون في أوقاتٍ مختلفة من الليل والنهار ويضطرون للنهوض في الرابعة صباحاً.
(الميلاتونين) هو دواء يساعد الجسم على التمييز بين الليل والنهار، ويتم استخدامه الآن لعلاج اضطرابات النوم في مرحلة حركة العين السريعة فلماذا يتم استخدامه على هذا النحو؟
أوضح “د. ديتر كونس” أن الأمر وليد المصادفة حيث أن من المعروف أن (الميلاتونين) له تأثير على النوم وعند استخدامه مع أحد المرضى استطاع المريض النوم بعد عدة أيام ثم اختفت الأعراض بالكامل بعد عدة أسابيع وعندها لاحظ الأطباء أن هناك ثمة أثر معين لهذا الدواء على حركة العين، ومنذ ذلك الحين يتم استخدام هذا الدواء لعلاج اضطراب حركة العين السريعة.
لكن هذا النوع من الاضطراب لا يشبه اضطرابات النوم العادية المعروفة فمن يعانون من اضطرابات في النوم يقولون أنهم لا يستطيعون النوم أو أنهم يستيقظون باكراً جداً لكنهم لا يعانون من تغير في السلوك، فما الذي يسبب هذا الاضطراب ويجعله خطيراً؟
أوضح “د. ديتر كونس” أنه إلى جانب هذه الظاهرة يعلم الأطباء منذ وقت ليس ببعيد أنها مرحلة بدائية لمجموعة أمراض عصبية، وهذا أمر لافت جداً أن في جميع هذه الأمراض يتم ملاحظة وجود الأعراض السريرية فقط بعد أن يكون المرض العصبي أصبح في مرحلة متقدمة في الدماغ وعندها لا يعود بوسع المرء فعل أي شيء سوى إبطاء العوارض، أما الآن فلدينا الأعراض السريرية قبل حدوث المرض العصبي أي أن الأمل أصبح موجوداً في إيقاف الاضطراب أو تخفيف سرعته عندما نعلم ما سببه قبل أن تظهر الأعراض الأخرى. من خلال جهاز تخطيط الدماغ يمكن رؤية حركة العضلات والدرجة التي تكون عليها الحركة وما يشير إليه ذلك من نشاط الدماغ، وعندما يدخل الشخص في مرحلة حركة العين السريعة في النوم سيظهر ذلك كمجرد خط. أي أن المريض ينام نوماً طبيعياً إذا كان الخط أقل عرضاً أي أنه من خلال هذه الإشارات يمكن تحديد ما إذا كان هناك اضطراب في النوم أو عدمه.
الحبوب المنومة تسبب بعض المشاكل ويمكن أن تقود إلى الإدمان فهل ينبغي تجنبها؟
أوضح “د. ديتر كونس” أن تناول الحبوب المنومة على فترات متباعدة لا يشكل أي خطورة، وإنما تناولها لفترات طويلة متواصلة يمكن أن يسبب مشكلة. المشكلة الأساسية هي أن هناك أكثر من مائة مُسبب مختلف للاضطرابات المرتبطة بالنوم مقارنةً مع حبوب منومة محدودة، وهذا يعني أن معظم الحبوب المنومة التي بين أيدينا اليوم ليست حبوباً منومة في الواقع ولكن بالأحرى هي نوع من التخدير الذي يضمن عدم بقاء الشخص مستيقظاً أي أن هذا لا يحفز وظائف النوم. أي أن هذه الحبوب تقوم بتخدير الدماغ بحيث يعتقد الشخص أنه ينام جيداً في حين أنه أثناء ذلك تكون بعض وظائف الدماغ متوقفة عن العمل وهذا يمثل نوع من الخطورة، ولكن كثير من الناس يحتاجون إلى هذا النوع من الراحة مثل الأشخاص الذين لا ينامون بقدرٍ كافٍ أو بشكلٍ جيد على مدى فترة طويلة لأنهم يشعرون بالتوتر ويجدون صعوبة كبيرة في نشاطهم اليومي، فهؤلاء الأشخاص يسعدون عندما يجدون راحة في النوم حتى لو كان ذلك على حساب بعض وظائف النوم الجيدة، وربما لا يحميهم ذلك من مرض السكري فهو لا يعزز نظام المناعة بالجسد ولكن هذه الراحة مهمة للجهاز العصبي وهذا أمرٌ إيجابي.
الحبوب المنومة جيدة للعلاج على المدى القصير فماذا عن وجود بدائل أخرى تحقق علاج طويل الأمد؟
أوضح “د. ديتر كونس” أنه إذا كان المرء يعاني من أرق مزمن ينبغي عليه مراجعة طبيب على دراية بالأمر ومتخصص في الاضطرابات النفسية والعصبية أو على الأقل علم الأعصاب لأنه يعرف أيضاً أساليب العلاج المختلفة والأدوية التي يُمكن الاستفادة منها، وينصح في هذه الحالة بالذهاب إلى أحد مختبرات النوم لكنها ليست متوفرة في كل مكان. هناك خطوات بطيئة في اتجاه علاجات محددة لهذه الاضطرابات المائة ولكنها مجرد بداية، بعض العلاجات تهتم بالدواء وبعضها يهتم بالمستوى السلوكي وفي بعض الأحيان يتوجب فقط شرح وظائف النوم للمريض حتى يتمكن من اتخاذ خطوات من تلقاء نفسه.