لقد أصبحت المضادات الحيوية (Antibiotics) نوع سهل من الأدوية التي يتجه جميع الأشخاص دائمًا إلى تناولها في حالة الإصابة بأي عدوى، ولكن هذه تعتبر من أسوء التصرفات التي يقوم بها الإنسان.
حيث أن تناول المضادات الحيوية بدون وصفة طبية له الكثير من المخاطر والأضرار على صحة الإنسان على المدى البعيد، وهذه المخاطر قد تصل إلى وفاة المريض في بعض الأحيان.
المضاد الحيوي
تقول الدكتورة “لينا يحيى”، الطبيبة الصيدلانية ورئيسة جمعية التوعية بالأخطاء الدوائية، أن المضاد الحيوي هو عبارة عن دواء يقوم بقتل البكتيريا فقط.
وبالتالي فإنه عند تشابه أعراض البكتيريا مع الفيروس أو الفطريات فإن المريض من المستحيل أن يستطيع التمييز بين البكتيريا والفيروس، وبالتالي فإن استخدامه المضاد الحيوي قد لا يجدي في بعض الحالات، إضافة إلى المخاطر التي يسببها.
والجدير بالذكر أن المريض إذا كان في حاجة إلى المضاد الحيوي ولم يأخذه فإن ذلك يسبب له مخاطر وأضرار كثيرة جدًا، وقد تصل أحيانًا إلى تسمم في الدم وتؤدي إلى الوفاة.
خطورة سوء استخدام المضادات الحيوية
تابعت د. “لينا يحيى”، أن منظمة الصحة العالمية قد أشارت إلى ظهور نوع من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في جسم الإنسان، وهذه البكتيريا لا تستطيع كمية كبيرة من المضادات الحيوية قتلها، وبالتالي يصاب الإنسان بمخاطر شديدة.
وأضافت الدكتورة أنه قديمًا كان مرض “السل الرئوي” من الأمراض التي ليس لها علاج، ولكن تم التوصل إلى نوع من المضاد الحيوي قد ساعد في اختفاؤها تمامًا.
وفي عام 2018 قالت منظمة الصحة العالمية أن هناك حوالي نصف مليون إنسان يحملون مرض “السل الرئوي”، وهؤلاء الأشخاص عند تناولهم لأنواع المضادات الحيوية وُجد أن نوع البكتيريا الموجودة في أجسامهم هي بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية.
وقد وصلت نسبة الشفاء إلى أقل من 64%، وهذا يعني أن هناك الكثير من الأشخاص لا يمكن شفاؤهم من مرض “السل الرئوي“، مما سبق نصل إلى أن سوء استخدام المضادات الحيوية يصل بالإنسان إلى العديد من المخاطر الشديدة.
وكما تقول د. “يحيى”، أنه ظهرت الآن مشكلة المقاومة البكتيرية، وهذا ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية، كما أكدت على عدم تناول أي نوع من المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب أو في حالة التأكد أن المريض مصاب بعدوى بكتيرية.
ولكن يجب الانتباه أيضًا أنه في حالة عدم تناول كورس المضاد الحيوي كامل فإنه لا يتم القضاء على البكتيريا الموجودة بالكامل، وبالتالي فإن هذه البكتيريا تظل موجودة وتسبب نوع من المقاومة البكتيرية، وكذلك الحال عند استخدام نوع مضاد حيوي لا يتناسب مع نوع البكتيريا.
من المعروف أنه في دول أوروبا هناك القوانين المفروضة التي تمنع أي صيدلي من إعطاء مريض المضاد الحيوي بدون وصفة طبية.
ولكن بالفعل هناك الكثير من التلاعب في هذه القوانين وهناك الكثير من المضادات الحيوية التي تعطى دون وصفة طبية، ولهذا السبب هناك أيضًا إحصائيات تشير إلى وجود مخاطر ناتجة عن سوء استخدام المضادات الحيوية في هذه الدول.
ولذلك تؤكد الدكتورة أن المشكلة تكمن في فكر المجتمع نفسه ولا تستطيع القوانين علاجها، وهذا ما نريد تغييره عن طريق النصح وزيادة الوعي لدى الأشخاص.
كيف يمكن التعرف على مشاكل سوء استخدام المضادات الحيوية؟
تؤكد د. “لينا” مرة أخرى أن المضاد الحيوي لا يفيد المريض إلا في حال إذا كان مصاب بعدوى بكتيرية، بينما هي ضارة إذا كانت العدوى فيروسية، وفي حالة إذا كانت العدوى فيروسية فيمكن الاتجاه إلى أنواع أخرى من العلاجات بعيدة عن المضادات الحيوية.
وتابعت الدكتورة أن الطبيب الصيدلي يمكنه مساعدة المريض للتعرف على نوع العدوى إذا كانت فيروسية أو بكتيرية، وبالتالي يمكنه تحديد إذا كان في حاجة إلى المضاد الحيوي أم لا وتحديد الكمية المناسبة.
وأردفت د. “لينا” أن تناول جرعة خاطئة من المضاد الحيوي يسبب ضرر على المريض؛ حيث أنه عدم إكمال الجرعة يؤدي إلى عدم قتل جميع البكتيريا الموجودة.
وبالتالي فإن البكتيريا الموجودة هذه تتعرف على نوع المضاد الحيوي الذي تناوله المريض، وتقوم هذه البكتيريا بالتكاثر والتطوير من نفسها بحيث تصبح مقاومة لهذا النوع من المضاد الحيوي، كما أنه يؤدي إلى خلق نوع جديد من البكتيريا ينتشر بين الناس.
ختامًا، يعتبر الهدف الأول والأساسي الذي تعمل عليه منظمة الصحة العالمية هو محاولة إيجاد نوع أقوى من المضادات الحيوية للتغلب على الطفرات الوراثية التي تظهر لأنواع من البكتيريا المقاومة.