«وداد» تسأل: أنا مخطوبة منذ 8 أشهر وزواجي بعد 6 أشهر، وعمري 22 عاما وهو 24 عاما، أحب خطيبي جدا، وهو دائما يقول لي بأني حبيبته الوحيدة وعشيقته التي طالما حلم بها، وبدوني هو أتعس إنسان.
المشكلة هي أني من بيئة مختلفة جدا عنه؛ فبيئتي عصرية ومتحررة نوعا ما، أما هو فمن بيئة محافظه جدا وتقليدية جدا، مع العلم أنني وهو حاصلان على البكالوريوس، ورغم تعليمه هذا فهو مقتنع تماما بأسلوب حياة أهله التي أعتبرها قد اندثرت. وهو ينتقد أسلوب معيشتي وطريقة لبسي ونظرتي للحياة والعالم التي لا يتفق معها، ويقول بأن عليَّ أن أغيرها؛ لأنها ستجلب لنا المشاكل.
وأظن أن حبيبي لم يع أني في هذه السن كما هو أيضا لا أستطيع أن أنسلخ من معتقداتي وطريقه حياتي بمجرد حبي له وبسهوله بالغة؛ لظنه أن الحب يفعل الأعاجيب، وعندما أقول له بأن كلا منا عليه أن يؤقلم نفسه مع الآخر لنعيش في حب وسلام، وكثيرا ما يقول بأني طالما أحبه فإني سأسعى لإرضائه بكافة الأشكال مهما كان ضررها علي في البداية كان يتودد لي وصار سهلا ورائعا معي، فلما تأكد من حبي القوي له أصبح يستغل ذلك بأن يذيب الفوارق الاجتماعية بيننا لصالحه طبعا، وعندما أعارضه بشدة في أمر ما يعمد إلى مقاطعتي وتأنيبي لأرضخ وأستسلم له بالنهاية، وهذا ما يحدث دائما، مع أن هذا كله كان يحصل له في الشهور الأربعة لخطبتنا، فأصبح هو الذي يجبرني لما يرغب وأصبحت أراه غير مستعد لإرضائي أبدا.. هو رقيق ولطيف جدا معي إلا فيما يتعلق بأمور أنا لا أطيقها فيه، وأنا على اقتناع بأن الحياة لا بد أن نجاريها لكي تسير في سلام.
أرجوك ساعدني، فانا لا أريد أن تذوب شخصيتي أمامه وأكون دون رأي أو تفكير في نظره، أريد أن أحافظ على قوه شخصيتي وحضوري اللذين عرفت بهما.. أنا أحبه بقوة وبدونه لا أكون شيئا، ورغم ذلك يؤكد لي الشيء ذاته عنده.. وعفوا لإطالتي.
الإجابـة
إنك تذكرين في رسالتك أنك مخطوبة منذ 8 أشهر، وأنك تحبين خطيبك جدًا، وهو يحبك جدًا لدرجة العشق، ولا ندري أتم هذا خلال الخطوبة أم قبلها؟ على أي حال، فلا بد وأنه عندما تقدم لخطبتك كنت تدركين هذا الاختلاف في البيئة؛ لأنه ليس من الاختلاف الخفي الذي يكتشف بعد الخطوبة، حيث الفارق الشديد الواضح بين البيئتين، لدرجة وصفك لطبيعة حياة أهله أنها اندثرت دال على وضوح هذا الاختلاف…
إذن، فالسؤال سيكون وكيف تمت الخطوبة؟ نعم إن الحب شيء مهم في اختيار شريك الحياة ولكن التوافق الاجتماعي أيضًا شيء مهم في ميزان العقل؛ ولذا فنحن دائمًا نتحدث عن التوازن بين جناحي العقل والعاطفة في الاختيار، فإذا ما تغاضينا عن أمر في جناح العقل أو حساباته، فهذا أيضًا حقنا في الاختيار، ولكنه الاختيار المسئول الذي يدرك تبعات هذا الاختيار، من حقك أن تتغاضي عن الاختلاف الاجتماعي بين البيئتين لصالح الحب والعاطفة، ولكن مع الإدراك التام لما يترتب عليه.
إن الزواج شراكة أبدية بين طرفين يجب أن يقدم فيها كل طرف قدر ما يستطيع من تنازلات حتى يستطيع الاقتراب من الطرف الآخر، ولكن في حالة وجود نموذجين مختلفين في نمط الحياة أو التفكير، فلا بد أن نسلم أن أحد النمطين لا بد أن يسود برضى الطرفين وتفاهمهما، بشرط ألا يعتبر أحد الطرفين نفسه قد خسر شخصيته أو حضوره، ولا يعتبر الطرف الآخر نفسه قد انتصر في معركة إثبات الذات؛ لأن الأمر بهذه الصورة لا يستقيم.
ولذا فإن الصورة في النهاية ستكون أنك قد أحببت خطيبك؛ ولذا فقد وافقت على الارتباط به، وكان هذا الارتباط أو الموافقة تعني ضمنيًا تنازلك عن بعض عاداتك الاجتماعية الناتجة عن اختلاف البيئة
لتفعلي ذلك عن رضا وقناعة من أجل الحب ومن أجل بقية صفاته النفسية، ومن أجل باقي مستويات التكافؤ بينكما، وستكون لك شخصية قوية وحضور في حياتك الزوجية بالتفاني من أجل إنجاح هذه الزيجة؛ لأننا لسنا بصدد معركة يحاول كل طرف أن يثبت فيها شخصيته وحضوره، ولكننا بصدد حياة مستمرة ممتدة يشارك فيها كل الطرفين بكل ما يستطيع من أجل إنجاحها؛ لأن النجاح ليس لطرف واحد على حساب طرف.
وتأكدي أن زوجك عندما يرى منك السلاسة والسماحة فسيبذل هو من جهته أيضًا ما يرضيك ويسعدك، وسيكون التفاهم والحوار دائمًا هو الوسيلة الناجحة للوصول بأي خلاف إلى بر الأمان.
⇐ يمكنك الاطلاع على استشارات سابقة أيضًا:
- ↵ خطوبة مبكرة وحب عبر الإنترنت: كيف أُوازن مشاعري وأُبني علاقة ناجحة؟
- ↵ حيرة بعد الاستخارة: هل أُكمل مسيرة حبي أم أرفع الراية البيضاء؟
- ↵ من جحيم إلى جنة: كيف أُداوي جراح الماضي وأواجه حبيبي السابق بقوة؟
⇐ أجابها: عمرو أبو خليل