ما هي الخطوات العملية لتحقيق السعادة الزوجية؟
قال الدكتور “شريف صلاح الدين” استشاري التدريب والتطوير. تنبني السعادة الزوجية على مجموعة من المهارات المكتسبة للطرفين وليس على مجرد الكلام أو النصائح الجوفاء، وعليه تعتبر كل النصائح التي تطلب من الزوجين أن يكونا جيدين في التعامل مع بعضهما البعض مجرد كلام وتنظير لا تتأسس عليه خطوات عملية يمكن تنفيذها، لكن الأصح عند دفع الزوجين لتحقيق السعادة الزوجية هو سرد مجموعة من الخطوات العملية التي يمكن لكل طرف تنفيذها واقعياً ليتحصل كليهما على النتائج الملموسة. وتتمثل الخطوات العملية لتحقيق السعادة الزوجية في الآتي:
العزم على اتخاذ أربعة قرارات غاية في الأهمية والضرورية وهي
قرار الحب: حيث أكد “د. صلاح الدين” على أنه من الواجب على الزوجين فور إتمام الزواج والدخول إلى عش الزوجية أن يقررا معاً أنهما تزوجا لأنهما يحبان بعضهما وليس لمجرد أن الزواج عادة مجتمعية أو سنة الحياة، وبناءً على هذا القرار سيسعى كل طرف إلى قبول ما هو مشترك بينه وبين الطرف الآخر، وكذلك سيقبل الأجزاء الغير مشتركة أو الغير مستساغة بالنسبة له في الطرف الآخر، وهنا يحدث التغاضي عن التصرفات والسلوكيات الغير مستساغة مع العمل بجد على تغييرها تبعاً لشعور الحب المتبادل بينهما، ومن ذلك القرار ينزع كل طرف عند ذكر اسم الطرف الثاني إلى الإقرار والتصريح بمحبته وبكل ما هو إيجابي فيه مع التغاضي تصريحاً وشعورياً عما هو سلبي وغير مقبول.
والجدير بالذكر وجود فارق كبير بين الحب والإنبهار، فغالبية ما يُصرح به على أنه حب قبل الزواج لا يتعدى كونه إنبهار البدايات، لكن شعور الحب الحقيقي يتولد من خلال خوض الطرفين غمار المواقف الحياتية مع بعضهما البعض، وهو ما يُظهر شريك الحياة على طبيعته، والتي قد تكون بعيدة جداً عن الصورة الملائكية التي رسمها الشريك الآخر له في مخيلته.
قرار الحضن: فقد يستغرب البعض من العنوان، لكنه حقيقي بمقصوده اللغوي، لأن مساحة الأحضان الواقعية وعددها بين الزوجين لها تأثيرات فعلية على السعادة الزوجية، فقرار الحب لابد له من دعم بقرار الحضن.
قرار الدعم النفسي: وتابع “د. شريف” قائلاً: فلابد من كل طرف أن يتوقع أن شريك حياته لن تستقيم نفسيته في خط مستقيم مدى الحياة، فهذا ضد الطبيعة البشرية، لذا على كل طرف توقع حدوث انكسارات وهنَّات نفسية للطرف الآخر، ولذلك على كل طرف القرار بدعم الطرف الآخر نفسياً فور دخوله في مأزق نفسي وعصبي طوال رحلة الزواج.
قرار المدح: فقليل من الأزواج من ينتبه لهذه النقطة، بل إن الواجب للسعادة الزوجية هو اتخاذ قرار جاد بمدح شريك الحياة في كل الأمور من أدناها إلى أعلاها، فلابد من الزوجين أن يمدح كل منهما الآخر في اللبس والكلام والتفكير والتصرف، فالإنسان بطبيعته جُبِل على حب المدح وحب من يمدحه، لذلك فإن زيادة مساحة المدح بين الزوجين مدعاة لزيادة الحب بينهما ومن ثَم زيادة السعادة الزوجية.
وأردف “د. شريف” موضحاً: والخلاصة أن تلك القرارات الأربعة أساسية لوضع أول قدم على طريق السعادة الزوجية، لكن اتخاذ القرارات المضادة لها وتنفيذها يمثل مِعْول هدم للحياة الزوجية دون أن يشعر الطرف المنفذ للقرارت العكسية بضلوعة في هدم العلاقة.
وبعد تثبيت القرارت الأربعة والشروع في تنفيذها في كل موقف من مواقف الحياة الزوجية يأتي الدور على خطوات عملية أخرى وهي:
المشاركات
ويندرج تحت هذا المفهوم ما يلي: ضرورة وجود أنشطة مشتركة بين الزوج وزوجته يستمتع كل منهما بتأديتها مع الطرف الآخر:
ولا يتحدد هنا طبيعة أو نوع النشاط، حيث إن هذا الأمر يختلف من أسرة لأخرى، فقد يستمتع زوجان بالخروج والتنزه مع بعضهما في مكان ما، وقد يستمتع زوجان بالجلوس في المنزل ومشاهدة فيلم محبب، وقد تكون متعة المشاركة بين الزوجين بتأدية نشاط اجتماعي معين، وهكذا دواليك بحسب طبيعة كل زوج وزوجة.
ومن ضمن ما يندرج تحت عنصر المشاركات التشارك في تحقيق حلم ما أو هدف بعينه: ولا يُقصد بذلك الأهداف القاصرة المتمحورة حول تناول وجبة معينة أو… أو… من تلك الأمور البسيطة والأحلام القاصرة، ولكن المقصود ههنا هو التشارك في حلم كبير مفاده تحسين شكل الأسرة ووضعها في المستقبل مثلاً.
ومن المشاركات أيضاً مشاركة النمو: وبيَّن “د. شريف” المقصود بقوله: أن ينظر كل طرف لمدى نمو وتطور الطرف الآخر في حياته ومداركه، فلا سعادة زوجية ولا حياة أسرية ذات رخاء وأحد طرفيها ينمو ويتطور علمياً وعقلياً وعملياً ومادياً والطرف الثاني تابع أو خادم أو مُتخلي عن طموحاته وتقدمه ليبلغ الطرف الأول مبتغاه، فلا سعادة زوجية مع ظُلم طرف بإجباره على التخلي عن أحلامه وطموحاته العملية والعقلية حتى ينجح ويتميز الطرف الآخر وحده.
وتنبع خطورة نماء أحد الزوجين علمياً وثقافياً واجتماعياً ومادياً على كتف الآخر في أنه عند نقطة معينة سيشعر الطرف الأعلى أن الثاني أصبح أقل منه في المستوى، ومن ثَم هو شريك لا يناسبه لاتساع الفجوة بينهما، لذا لا مفر من تشارك النمو بحيث يصبح التطور الحياتي قاسم مشترك بين طرفي العلاقة الزوجية ومن هنا تتحقق السعادة الزوجية وتنتفي مشكلات عدم التساوي بين الطرفين.
الإيجابية بمحاورها المختلفة وهذه تتمثل في
تقبل الاختلاف الإيجابي في وجهات النظر: حيث إن الاختلاف بين البشر عموماً شيء واقعي لا يمكن عدم حدوثه، لكن إذا لم يتبع الزوجين طرق تقبل الإختلاف الإيجابية فهذا يأخذهم للتقبل السلبي الضار الذي يظهر في صورة الرضا بالأمر الواقع على مضض وبالجبر، وهو ما يتبعه بالتراكم سلبية في التعامل بين الزوجين تظهر في صورة كثرة العراك والشكوى حتى مع أحط وأتفه الأسباب لعدم وجود المناعة الزوجية.
التنازل الإيجابي: وهو إقرار بأن الحياة الزوجية لا تسمح بأن ينفذ كل طرف من الطرفين كل رغباته وحاجاته بغض النظر عن مدى تناسبها مع شعور وكيان الطرف الآخر، وهنا تظهر أهمية التنازل الإيجابي الذي يمنع من فعل تصرفات صحيحة وممتعة لكونها تتسبب في أذى أو عدم راحة الطرف الثاني، ومدلول كلمة إيجابي هنا أن كل طرف يتنازل عن بعض السلوكيات الممتعة له وهو في كامل اريحيته وحبه لا قهراً ولا جبراً.
الاحترام الإيجابي للخصوصية: وتابع “د. شريف” قائلاً: فلكل إنسان ركنه الهادئ الذي يستعيد فيه نشاطه وحيويته بعيداً عن منغصات الحياة، ومن هنا من المحتم على الزوج وعلى الزوجة احترام هذا الركن مكانياً وزمانياً، وهو ما يعد الإحترام الإيجابي الباعث على السعادة الزوجية، لأن التعدي على مساحة الخصوصية التي لا تمس الأسرة بضرر من أي طرف من الأطراف سيخلق نوع من المشكلات والأعباء الطاردة للسعادة من المنزل، لكن عند إقرار كل طرف بضرورة احترام المساحة الزمنية والمكانية التي يرتاح فيها الطرف الآخر ويجدد نشاطه ويُصفي ذهنه فإن ذلك يزيد من شعور التقدير بين الطرفين، بل إنه يبعث على دفع الأفكار النمطية الهدامة الناتجة عن كون الزواج جعل الزوج مُنعصر في آتون الحياة الوظيفية لتوفير المال، وجعلت الزوجة تصارع في آتون الحياة المنزلية وتربية الأولاد وقضاء حاجاتهم، وكله مما يهدم العلاقة الزوجية ويهدم الأسرة.
العلاقات الإيجابية مع أسرة شريك الحياة: فمن الباعث على السعادة الزوجية إيجابية علاقات الزوج الاجتماعية مع أسرة الزوجة وإيجابية علاقات الزوجة مع أسرة الزوج، حتى وإن وجد اختلافات جمّة حول شئون حياتية مختلفة، فالسعادة والعلاقة الزوجية تتعكر إذا ما وضع أي طرف شريك حياته في مقابل أهله، أي أن الزوج يصر على أن يكون هو أو أهل الزوجة والعكس صحيح بالنسبة للمرأة، فلن تسير الحياة حينما تُخير الزوجة بين زوجها أو أهلها، ولن تستقيم حين يُخير الزوج بين زوجته وأهله، لكن السعادة الزوجية تنشأ إذا ما عامل الزوج أهل زوجته على أنهم أهله، وهي كذلك.
التنبه لطبيعة الياء في كلمتي زوجي وزوجتي: اختتم “د. شريف” قائلاً: الكثير من الأزواج يعتبر أن حرف الياء في الكلمتين هي ياء الملكية، في حين أنها ياء المسئولية، فعند قول زوجي فمقصود الياء هنا هو مسئولية الزوجة عن إسعاد زوجها، وكذلك الحال مع كلمة زوجتي، فالياء هنا تشير إلى مسئولية الزوج في إسعاد زوجته ولا تشير إلى ملكيته لها، فالحياة الزوجية مجموعة من المسئوليات الواجبة على كل طرف لإسعاد الطرف الآخر، ولا تعني بأي حال من الأحوال امتلاك الفرد لشريك حياته، فهذا مفهوم خاطئ منتشر بيننا عن الزواج، وهو أصل مشكلة هروب السعادة الزوجية من بيوتنا وحياتنا.