عناصر الخطبة
- أهمية الاستفادة من التاريخ والسيرة النبوية في التأمل والاستلهام.
- أهمية التخطيط الدقيق لتحقيق الأهداف.
- التعلم من السيرة النبوية وسيرة الصحابة في العطاء والتضحية والأخوة والتراحم.
- التأكيد على أن الهجرة النبوية كانت مرآة للإسلام.
- التذكير بأن السعادة تكمن في التعلم من الماضي والاستعداد للحاضر والمستقبل.
- الحث على صيام يوم عاشوراء واغتنام فضله وثوابه.
- الدعوة للتقوى والتفاؤل والتوكل على الله في بداية العام الهجري الجديد.
مقدمة الخطبة
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، سَهَّلَ لِهِجْرَةِ رَسُولِهِ ﷺ المَسَالِكَ، وجَعَلَهَا نُورًا أَضَاءَ الأَمْصَارَ وَالمَمَالِكَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى رَبِّهِ وَامتَثَلَ، وَدَعَا إِلَى أَسْمَى المَبَادِئِ وَالمُثُلِ، ﷺ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِينَ صَدَّقُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوهُ وَآزَرُوهُ، وَعَلَى كُلِّ مَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
الخطبة الأولى
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ –عِبَادَ اللهِ– (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وَاعْلَمُوا –أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ– أَنَّ المَحَطَّاتِ المُهِمَّةَ فِي التَّأْرِيخِ مَنَارَاتٌ تُؤَرَّخُ بِهَا الأَحْدَاثُ، وَيُحْسَبُ مِنْ خِلالِهَا الزَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ وَقْفَةٍ مَعَ التَّأْرِيخِ فَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقِفُوا عِنْدَهُ هُوَ تَأْرِيخُ نَبِيِّهِمْ وَسِيرَتُهُ ﷺ ، تِلْكَ السِّيرَةُ المُضَاءَةُ بِالنُّورِ وَالأَمَلِ، القَائِمَةُ عَلَى رُؤْيَةٍ ثَاقِبَةٍ لِلْمُسْتَقْبَلِ، تَسْتَنِدُ إِلَى استِحْضَارِ سُنَنِ التَّأْرِيخِ وَمَا فِيهَا مِنْ عِبَرٍ.
فَحَرِيٌّ بِنَا –أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ– وَنَحْنُ نَمُرُّ بِذِكْرَى الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ أَنْ نَقِفَ وَقْفَةَ إِجْلالٍ مَعَ أَنْوَارِ تِلْكَ الهِجْرَةِ، فَحَدَثُ الهِجْرَةِ لَمْ يَكُنْ حَدَثًا عَادِيًّا أَوْ عَابِرًا، بَلْ لَهُ أَثَرُهُ العَمِيقُ فِي مَسِيرَةِ التَّأْرِيخِ، بِمَا حَمَلَهُ مِنْ مَعَانٍ جَلِيلَةٍ، وَوَقَفَاتٍ عَظِيمَةٍ، لا تَنْقَطِعُ دَلالَتُهَا، وَلا يَجِفُّ يَنْبُوعُهَا، فَهُوَ حَدَثٌ يَتَجَدَّدُ ذِكْرُهُ فِي مَطْلَعِ كُلِّ عَامٍ، لِيُجَدِّدَ المُسْلِمُ مَعَهُ حَيَاتَهُ، فَيَسْعَى إِلى صَلاحِ حَالِهِ، وَيَجْعَلَ يَوْمَهُ خَيْرًا مِنْ أَمْسِهِ، وَغَدَهُ خَيْرًا مِنْ يَوْمِهِ، وَعَامَهُ الجَدِيدَ أَفْضَلَ مِنْ عَامِهِ المَاضِي، فَيَسْعَى إِلَى رِضَا اللهِ ﷻ وَالتَّوْبَةِ مِنَ الهَفَوَاتِ وَالزَّلّاتِ، وَزِيَادَةِ الهِمَّةِ وَالنَّشَاطِ لِفِعْلِ الخَيْرَاتِ، وَتَحْقِيقِ الأَهْدَافِ وَالارتِقَاءِ نَحْوَ حَيَاةٍ أَفْضَلَ وَسُلُوكٍ أَمْثَلَ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ أَهَمَّ وَقْفَةٍ مِنْ وَقَفَاتِ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الَّتي عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ إِيَّاهَا فِي تَخْطِيطِهِ لِلْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ هِيَ كَيْفَ نُخَطِّطُ التَّخْطِيطَ الدَّقِيقَ المُحْكَمَ؛ لِنَصِلَ إِلَى الأَهْدَافِ الَّتِي نَصْبُو إِلَى تَحْقِيقِهَا، وَالغَايَاتِ الَّتِي نَتَوَخَّى الوُصُولَ إِلَيْهَا. فَوَضْعُ خُطَّةٍ وَاضِحَةِ المَعَالِمِ، تَجْعَلُ الأَهْدَافَ فِي بَرْنَامَجٍ عَمَلِيٍّ قَابِلٍ لِلتَّنْفِيذِ، هُوَ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ اللهُ لَهُ بِالهِجْرَةِ إِلَى المَدِينَةِ، فَجَعَلَ الهَدَفَ فِي هَذِهِ المَرْحَلَةِ الخُرُوجَ الآمِنَ مِنْ مَكَّةَ وَالوُصُولَ إِلَى المَدِينَةِ، لِذَلِكَ أَخَذَ فِي خُطُوَاتِ التَّخْطِيطِ الدَّقِيقِ، بِتَوْزِيعِ الأَدْوَارِ عَلَى فَرِيقِ عَمَلٍ، كُلٌّ عَلَى حَسَبِ طَاقَاتِهِ وَقُدُرَاتِهِ، مِنْ صَاحِبٍ فِي الرِّحْلَةِ وَمُرَاقِبٍ لِلطَّرِيقِ إِلَى مَنْ يَجْلِبُ الطَّعَامَ وَمَنْ يَمْحُو الآثَارَ.
نَعَمْ؛ فَقَدْ أَخَذَ ﷺ بِجَمِيعِ الأَسْبَابِ المُمْكِنَةِ، وَخَطَّطَ لِلْخُرُوجِ الآمِنِ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَبْذُلَهُ البَشَرُ فِي ذَلِكَ، مُعَلِّمًا لِلأُمَّةِ التَّخْطِيطَ وَأَخْذَ الحَيْطَةِ وَالحَذَرِ، مَعَ تَعَلُّقِ القَلْبِ بِاللهِ تَعَالَى، إِذْ مِنْهُ يُسْتَمَدُّ التَّوْفِيقُ وَالنَّجَاحُ، وَبِالقُرْبِ مِنْهُ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ وَتَسْتَقِرُّ الأَرْوَاحُ (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ: إنَّ المُتَدَبِّرَ فِي مَوَاقِفِ الرَّسُولِ ﷺ وَإِعْدَادِهِ لِهِجْرَتِهِ المُوَفَّقَةِ، وَخُطُوَاتِهِ النَّاجِحَةِ، يُدْرِكُ فَلْسَفَةَ النَّجَاحِ فِي كُلِّ عَمَلٍ، وَطَرِيقَ الوُصُولِ إِلَى الأَمَلِ، وَاليَومَ وَنَحْنُ نَسْتَشْرِفُ عَامًا هِجْرِيًّا جَدِيدًا نَتَذَكَّرُ فِيهِ النَّهْجَ النَّبَوِيَّ، لَحَرِيٌّ بِنَا أَنْ نَرْجِعَ إِلَى سِيرَتِهِ ﷺ وَإِلَى سِيرَةِ أَصْحَابِهِ –رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم– الَّذِينَ سَجَّلُوا بِأَعْمَالِهِمْ وَقَفَاتٍ نَتَعَلَّمُ مِنْهَا ونَتَأَسَّى بِهَا، وَنَسِيرُ عَلَى هُدَاهَا.
فَالهِجْرَةُ مَحَطَّةٌ لِتَقْوِيمِ السُّلُوكِ وَالأَخْلاقِ، وَإِنَّهُ لَجَدِيرٌ بِنَا أَنْ نَسْتَلْهِمَ مِنْ أَنْوَارِهَا مِنْهَاجَ حَيَاةٍ نَسِيرُ عَلَى نَهْجِهِ وَنَقْتَفِي أَثَرَهُ، فَهَذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ جَمَعَ حَوْلَ مَائِدَةِ القُرْآنِ رِجَالًا وَنِسَاءً، شِيبًا وَشَبَابًا، صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ –عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ– يَبْعَثُ فِيهِمُ الأَمَلَ، وَيُؤَاخِي بَيْنَهُمْ بِرِبَاطِ العَقِيدَةِ، وَيَحُثُّ عَلَى التَّعَارُفِ، وَيَنْشُرُ الفَضَائِلَ وَيُحَارِبُ الرَّذَائِلَ، فَوَحَّدَتْ هَذِهِ المَبَادِئُ نُفُوسًا مُطْمَئِنَّةً آمَنَتْ بِاللهِ حَقَّ الإِيمَانِ، وَسَارَتْ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ .
نَعَمْ لَقَدْ كَانَتِ –أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ– الهِجْرَةُ مَدْرَسَةً لِلتَّرْبِيَةِ الإِنْسَانِيَّةِ، فَجَّرَتْ في قَلْبِ الأُمَّةِ يَنَابِيعَ الرَّحْمَةِ وَالنُّبْلِ، فَانْطَلَقَ فِيهِمْ صَوْتُ الأُخُوَّةِ وَالتَّعَاطُفِ وَالتَّرَاحُمِ، وَمَا أَحْوَجَ أُمَّتَنَا اليَومَ إِلَى هَذِهِ المَبَادِئِ السَّامِيَةِ وَالقِيَمِ الرَّاقِيَةِ، الَّتِي لَو أَصْبَحَتْ وَاقِعَ المُسْلِمِينَ فِي الحَيَاةِ، لَاخْتَفى الحِقْدُ وَالحَسَدُ مِنْ أَوْسَاطِهِمْ لِيَحُلَّ مَحَلَّهُما الوُدُّ وَالمَحَبَّةُ وَالصَّفَاءُ، فَيَغْدُوَ المُجْتَمَعُ مُجتَمَعًا أَسَاسُ التَّفَاضُلِ فِيهِ تَقْوَى اللهِ تَعَالَى وَالعَمَلُ الصَّالِحُ، يَلْتَقِي أَفْرَادُهُ عَلَى دُرُوبِ الخِدْمَاتِ الإِنْسَانِيَّةِ، الغَنِيُّ يَعْطِفُ فِيهِ عَلَى الفَقِيرِ وَيُسَانِدُهُ، وَالقَوِيُّ يَأْخُذُ بِيَدِ الضَّعِيفِ وَيُسَاعِدُهُ، رَائِدُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).
إِنَّ الهِجْرَةَ النَّبَوِيَّةَ مِرْآةٌ عَكَسَتِ الإِسْلامَ أَمَامَ نَاظِرَيِ الإِنْسَانِيَّةِ كُلِّهَا بِمَا تَمَثَّلَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ مِنْ مَبَادِئِ هَذَا الدِّينِ وَتَعَالِيمِهِ السَّمْحَةِ؛ فَضَرَبُوا أَرْوَعَ صُوَرِ البَذْلِ وَالعَطَاءِ وَالتَّضْحِيَةِ وَالفِدَاءِ وَالإِيثَارِ وَالإِخَاءِ، ظَلَّتْ عُنْوَانًا لِهَذَا الدِّينِ وَقُدْوَةً لِجَمِيعِ أَتْبَاعِهِ يَحْذُونَ حَذْوَهَا وَيَسِيرُونَ مُقْتَفِينَ نَهْجَهَا.
فَاتَّقُوا اللهَ –أَيُّهَا المُسْلِمُونَ–، وتَعَلَّمُوا مِنْ مَدْرَسَةِ الهِجْرَةِ التَّجْدِيدَ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُونَهَا، فَالهِجْرَةُ تُنِيرُ لَنَا الطَّرِيقَ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ كَمَا أَنَّهَا تُعْلِنُ لِلْعَالَمِ أَنَّهَا رِحْلَةُ إِرْشَادٍ وَتَبْلِيغِ رِسَالَةٍ.
أقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأسْتغْفِرُ اللهِ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِدِينِهِ المُبِينِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولَهُ فَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَاحِبُ المُعْجِزَاتِ وَالآيَاتِ، المَبْعُوثُ بِالخَيْرِ وَالبَرَكَاتِ، ﷺ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى، وَتَزَوَّدُوا مِنْ أَيَّامِكُمْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَاعْلَمُوا أَنَّ فِي حَدَثِ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ، آيَاتٍ نَيِّرَاتٍ وَدَلائِلَ بِالِغَاتٍ، يَنْبَغِي تَدَارُسُهَا، وَالوُقُوفُ عَلَى مَكْنُونَاتِ العِظَةِ وَالعِبْرَةِ مِنْهَا؛ لأَجْلِ إِيقَاظِ القُلُوبِ، وَتَنْبِيهِ البَصَائِرِ، فَالسَّعِيدُ مَنِ اتَّعَظَ بِالمَاضِي وَعَمِلَ لِلْحَاضِرِ وَاسْتَعَدَّ لِلْمُستَقْبَلِ، بِقَلْبٍ مِلْؤُهُ الأَمَلُ وَبِنَظْرَةِ التَّفَاؤُلِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «خَيْرُكُمْ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ»، وَهَذَا مِنْ أَجَلِّ دُرُوسِ الهِجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، فَعَلَى رَغْمِ المَصَاعِبِ الَّتِي اكْتَنَفَتْ أَحْدَاثَ تِلْكَ الرِّحْلَةِ، وَمَا لاقَاهُ الرَّسُولُ ﷺ وَصَاحِبُهُ فِيهَا، فَإِنَّ شُعَاعَ الأَمَلِ وَالتَّفَاؤُلِ كَانَ حَاضِرًا فِي كُلِّ مَرَاحِلِهَا، إِلَى أَنْ وَصَلا إِلَى المَدِينَةِ وَالتَقَيَا بِالفِئَةِ المُؤْمِنَةِ الَّتِي تَنْتَظِرُهُمَا.
فَاتَّقُوا اللهَ –عِبَادَ اللهِ–، واَستَفْتِحُوا عَامَكُمُ الجَدِيدَ بِمَا نَدَبَكُم إِلَيْهِ نَبِيُّكُمُ الكَرِيمُ – عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالتَّسلِيمِ – مِنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَصِيَامِ يَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي المُسْنَدِ لِلإِمَامِ الرَّبِيعِ مِنْ حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا – أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَانَ كَفَّارَةً لِسِتِّينَ شَهْرًا، أَوْ عِتْقَ عَشْرِ رَقَباتٍ مُؤْمِنَاتٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ».
هذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ الأَمِينِ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ بِذَلكَ حِينَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمتَ عَلَى نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وعَنْ جَمْعِنَا هَذَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
⇐ المزيد من الخطب حول الهجرة النبوية:
- ↵ خطبة: عظيم الدروس المستفادة والعبر المستخلصة من الهجرة النبوية الشريفة
- ↵ خطبة جمعة مختارة حول ذكرى الهجرة النبوية الشريفة وما كان فيها دروس وعبر
- ↵ خطبة: ذكرى الهجرة النبوية الشريفة – دروس وعبر
- ↵ خطبة عن الهجرة النبوية وأثرها في حياة المسلم – مكتوبة
سائلين المولى الكريم الحليم ﷻ أن يوفقنا إلى كل خير.