أحد أهَم الموضوعات على الإطلاق نطرحه اليوم من خلال خطبة عن واقع المسلمين اليوم، نتناول من خلالها الأسباب والحلول. وبالطَّبع الخطبة متوفرة من أجلكم مكتوبة بالكامل كما جاءت على لِسان الشيخ هشام خليفة -جزاه الله خيرا-.
ولعلكم من عنوان الخطبة عرفتم مدى عظَم وأهمية هذا الموضوع، خاصة في ظِل ما يُحاك بالدين الإسلامي والشعوب الإسلامية من مؤامرات ودسائِس شنيعة، وما يجب أن نفطن إليه جميعا ونتداركه قبل فوات الأوان.
مقدمة الخطبة
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد كله ولك الشكر كله، يا من لك الأمر كله والكون كله، نحمدك حمدًا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك.
سبحانك لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد، المنزه عن الوالدة والولد، سبحانه لا يحتاج إلى معين ولا شريك ولا وزير.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه وحبيبه وخليله.
اللهم صل وسلم وبارك على أتم وأكمل مخلوقاتك سيدنا محمد الذي تم معناه وتمت صورته، ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسيم.
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آل بيته وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الخطبة الأولى
أما بعد أيها الإخوة الكرام أوصيكم وأوصى نفسي بالفرج، والمخرج، أوصيكم بأمر الله لمن أراد المفتاح في قوله ﷻ ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا | وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾.
أيها الكرام الأفاضل الأمة هناك إجماع على أنها تمر بمرحلة من أخطر مراحل الانحطاط والدنو والقهر عِلما أن المسلمين كما قرأنا هم يشكلون ثلث سكان العالم، ويمتلكون أعظم الثروات في العالم من احتياطي الذهب من البترول، يمتلكون جغرافيا تمتد عبر القارات، يمتلكون طاقات بشرية.
واقع المسلمين اليوم
بعض أفراد هؤلاء كانوا سبب بالصعود إلى الفضاء، وباكتشاف أخطر وأدق المعادلات الرياضية والفيزيائية.
أمة غنية، تمتلك كأمة أكبر قوة عسكرية بالعالم، عدة وعتاد ولكن، كلمة ولكن مؤلمة، هل سؤال يجيب عن نفسه؟
هل الأمة تعيش حقيقة واقع حديث رسول الله؟ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عندما قال «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها».
نعم شيء طيب، أكل المسلمين أكل طيب يستطيعون أن يأكلون ما شاءوا منا «كما تداعى الأكلة إلى قصعتها» قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله! قال «لا، أنكم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل».
مثل ورق الشجر اليابس الذي يتساقط على مجرى النهر لا قيمة له ولا وزن له ولا مفعول له ولا تفعل له ولا قدرة له، يمشي ويأخذه السيل حيث شاء.
المفكرون يا إخوتي الذين يعتنون بالشأن الاجتماعي يدرسون دائمًا أسباب علو الأمم، ويدرسون أسباب هبوط الأمم وذل الأمم.
أسباب تراجع الأمة الإسلامية
الأمة لا تتراجع كأمة إلا إذا توفرت مجموعة أسباب، ممكن سبب واحد يكون سبب لهلاك الأمة، لضياعها، لعيشتها في حيرة عامة.
يوشك الحليم أن يكون حيران من الفتن.
هذه الأسباب اختصرها جدا، سأطرح عناوين، لترى معي أخي وحبيبي أن الصادق المصدوق ﷺ وبكل وضوح، قال سبب وسبب وسبب، وقال أن أحد هذه الأسباب قد يؤدي لهلاك الأمة.
فلنرى هل عانت ومرضت الأمة بسبب واحد أم بهذه الأسباب؟ استخلصتها واختصرتها بما يلي:
الاختلاف والتنازع سبب لهلاك الأمة
أول سبب واضح الاختلاف التنازع الخصام: ألم يقل الله ﷻ عندما قال ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ﴾ نتيجة كلمة واحدة ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.
وأتى الرسول ﷺ موضحًا ذلك ومبينا المعنى الحقيقي لهذه الأمة وأن هذه سنة في البيت، إخوة متنازعون في البيت كيف يكون البيت، في شركة في أي موقع فقال ﷺ «لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا» كلمة، لا موضوع إنشاء، ولا شرح طويل «اختلفوا فهلكوا».
اليوم المسلمون ودعني أركز أكثر، الإسلاميين متنوعين، مدارس، بالله عليك لو هؤلاء فقط لم يختلفوا ألم يكن حال الأمة أفضل بكثير؟
هؤلاء يكفر بعضهم بعضا، هؤلاء يعادي بعضهم بعضا، أي وصلوا إلى أعلى من قضية الاختلاف.
الخلاف والاختلاف بحث طويل، أنت غير أنا، هذا علامة طبيعية وجيدة، أنت تفكر غير ما أنا أفكر.
أما نصل للتنازع هذه مشكلة، هذه أول واحدة، هذه تريد بحثا طويلا.
التطرف والتشدد
الأمر الثاني الغلو والتشدد المؤدي للتطرف: كما في حديث النبي ﷺ لا شرح ولا استفاضة لأنه شيء مؤلم.
كل يغالي ويتشدد برأيه، ما الدليل؟ ما هو الدليل؟ الدليل عندما تبدأ برفض الآخر، أنا لم أقل مسلم ضد كافر أو بوذي، المفروض يرفضه، أما أتكلم عن الأمة، عن المسلمين.
يصل هذا التطرف والتشدد، هو التطرف، أنه أنا على الحق وغيري على الباطل ويصل طبيعي هذا النوع من الفكر إلى رفض الآخر، والرفض يأخذ أشكالا وألوانا، يمكن أن يؤدي إلى القتل، لأن من يكفر يستحل الدم والعرض وغيره.
تولى غير الأكفاء
السبب الآخر وهو تولى غير الأكفاء وغير الأمناء مسئولية الأمة: حكام الأمة، القادة بكل أشكالهم وأنواعهم ودرجاتهم إلا من رحم ربك ولكن قرار ليس بيدهم، يمكن أن تستثني رجل مثلا وأنا لا أمدحه.
بعض الحكام نذكر منهم الأكفاء، ولكن الذي يريد أن يعلم الفارق عليه أن يقرأ كيف كان الوضع قبل سنوات طويلة، وكيف هو الآن؟ بالميزان الإسلامي وبالميزان الوطني.
أما باقي ما تبقى، أموال الأمة منهوبة، ثروات ضائعة، أكبر نسبة فخر في الأمة الإسلامية والعربية، حاجات الأمة كثيرة، شباب مهمش، عمل لا يوجد، من المسؤول؟ لأنه استلم غير الأكفاء، وغير الأمينين الذين نهبوا أموال الشعوب ولم يحققوا شيء، شيء يذكر.
أما على مستوى الراحة العامة والكفاية لم يكن.
الأمر الآخر وهو الجهاد: أي جهاد؟ سيدنا النبي ﷺ يقول «ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب أو بعذاب» الجهاد الحق، الجهاد الواضح.
النية للجهاد وهذا الإعداد هو طريق لعز الأمة ولرفعتها، وعدم أن تعيش الأمة هذه الحالة، يؤدي إلى الهوان، والنتيجة عذاب.
أخلاقيات المسلمين اليوم
اختصر بحديث أخير قد يشمل كثير من القضايا، حدوث خلل في أخلاقيات الأمة، تصبح الأمة الإسلامية أمة ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.
أمة «ألا أخبركم بأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا» يعني قيم وآداب وسلوك ومعاملة، أمة «الدين المعاملة».
لا الأخ مع أخوه، ولا الجار مع الجار، ولا الناس مع بعضها، هذا الخلل ماذا يحدث؟ اسمع إلى حبيبك ﷺ واختم به لما كان هذا مكان عجب الصحابة لما أخبرهم بذلك قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ مؤمن يؤمن بك يا رسول الله يصل لهذا المستوى! قال ﷺ «كيف أنتم إذا طغى نساؤكم، وفسق شبانكم، وتركتم الجهاد» قالوا: وإن ذلك لكائن يا رسول الله؟ قال «وأشد منه سيكون» قالوا: وما أشد منه يا رسول الله؟ ما في أكثر من ذلك، قال «نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون» قالوا: وما أشد منه؟ قال «كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر».
بالسياسة، بالاقتصاد، بالإعلام، تلفزيوناتنا العربية والإسلامية، برامجنا، كيف إذا رأيتم المعروف منكرا؟ والمنكر معروفا؟.
النتيجة، الخلاصة، الدرس، هذا باب الشاهد في خطبتنا اليوم، قال ﷺ يقول الله ﷻ بي حلفت، ربنا أقسم بذاته، «بي حلفت، لأتيحن لهم فتنة يصير الحليم فيها حيران» أي قدري عليهم عندها، قدري أن يقعوا بفتنة كبيرة جد.
الأمة كلها، كل شبر إسلامي أرضي، كل مسلم في أقصى الصين أخي، فالكلام لم يعني واحد بذاته، كل أرض إسلامية «تجعل الحليم حيرانا».
فالحكماء يحتارون، لم يجدوا مخرجاً، العقلاء يكتبوا ولم يجدوا مخرجاً.
هذه بعض، ومختصر حال الأمة، وكما لاحظت معي يا أخي يا حبيبي طرحت المشاكل.
الحلول لما وصلت له الأمة
أما الحلول هي نقيض هذه المشاكل، الحل اختلفتم؟ الحل لا تختلفوا، الحل أن تبقى متمسك ولا تكون إمعة كما قال حبيبك ﷺ «إن صلح الناس صلحنا، وإن فسدوا فسدنا، بل وطنوا أنفسكم».
المعروف معروف، حتى ولو الناس كلها كفرت بالله، أنت مؤمن، أنت مؤمن.
وكذلك كل قضية طرحناها، هي النقيض، العكس هو الحل، فألهمنا الله وإياكم، وألهم قادتنا ومسؤولينا وآبائنا وأمهاتنا وكل المفكرين الإسلاميين أن يجدوا لهذه الأمة باتحادهم وتوافقهم وجهدهم وجهادهم مخرجا لهذه الأمة.
عل الله ﷻ يجعلنا نشهد تحرير فلسطين والمسجد الأقصى، وأن لا نشهد ذلا بعد ذلك بما كسبت أيدينا.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، استغفر الله العظيم.
وبالمناسبة؛ لدينا أيضًا هنا خطبة عن حرب أكتوبر – ملحمية عظيمة
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه وحبيبه وخليله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحكم الإسلامي
الذي يحدث يا إخوتي عندما تحدث هذه الأمور تذهب أكبر شوكة وقوة للمسلمين، وهو الحكم الإسلامي، والحكم الإسلامي في الإسلام ليس شرطاً أن يكون له صفة معينة، المهم أن يحكم كما قال النبي ﷺ «تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب وسنتي». في رواية صحيحة.
فإذا هو ضياع الحكم، ويصبح الأمر أهواء ومزاجات، ومن خلال هذه الأهواء السياسية والمزاجات السياسية يتحكمون برقابنا أكثر وأكثر.
وتضيع الأمور على الأمة أكثر فلذلك يعني والدليل لما ذهبت الخلافة العثمانية أين صارت الأمة؟ مع كل ما حدث في الجسد العثماني في آخر عهده من أمراض، حتى سموه “الدولة المريضة” وعلى الرغم من ذلك كان هناك عز، وكان هناك جامع.
فإذا نرجو الله ﷻ أن يبين لنا وأن يصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وليس لنا إلا أن نرفع أكف الضراعة إلى الله سائلينك يا رب العالمين ويا أرحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
ويُمكنكم أيضًا -هنا- الاطلاع على خطبة «ثلاث مهلكات» وعظيَّة بليغة الأثر
الدعاء
- اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
- اللهم ولي أمورنا خيارنا، ولا تولي أمورنا شرارنا.
- اللهم اصرف المنافقين من بيننا، واجعلنا يا ربي إخوة متحابين، انزع الغل والحقد والحسد من قلوبنا.
- اللهم أحسن ختامنا، وتوفنا وأنت راض عنا.
- اللهم اجعلنا جندا من جنود تحرير الأقصى وفرج يا إلهي يا مولاي الغمة التي اشتدت على هذه الأمة في كل مكان فيها مظلوم مضطهد يا رب العالمين.
عِباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعل تذكرون.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واستغفروه يغفر لكم، وأقم الصلاة.
وختامًا؛ وبعد أن قدمنا لكم خطبة عن واقع المسلمين اليوم، نود أن نطرح عليكم هاهُنا خطبة عن معاملة غير المسلمين -كاقتراح أخير-. ونسأل الله — أن يوفقنا وإياكم وأن يُسدد خطانا.