تُصبح السلسلة أكثر جمالًا بما سنقدّمه اليوم؛ وهي خطبة عن نعيم القبر والبرزخ. نعم؛ فالمُتابِع لنا من قبل سيعرِف أننا قدَّمنا مجموعة من الخُطَب المكتوبة النَّفيسة، غزيرة العِلم والوَعظ والإرشاد عن هذه الموضوعات وحولها.
وسنوافيكم بالمقترحات خِلال الخطبة؛ فتابعوا القراءة وتحرّوا روابط المقترحات من بينها.
مقدمة الخطبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه ﷺ
الخطبة الأولى
أما بعد فيا عباد الله ﴿اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.
عباد الله يقول الله ﷻ ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾، وحديثنا اليوم عن البشائر التي تحصل للمؤمن الذي يعمل الصالحات عند وفاته، وفي حياة البرزخ وأين تذهب أرواح المؤمنين؟
فأقول مستعينا بالله ﷻ، يقول الله ﷻ ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ | نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾.
بشرى المؤمن عند الموت
فيبشرون عند حضور الأجل برحمة الله ﷻ، ويقال لهم لا تخافوا لما أقبلتم عليه، ولما خلفتم من الدنيا، ولما خلفتم وراءكم في الدنيا من أهل وولد.
نحن نتولى شؤونكم فيما تستقبلون من أهوال القيامة، فنتولى أموركم بأمر الله ﷻ.
يقال لهم عند حضور الأجل، ويقال لهم في القبر، ويقال لهم عند البعث والنشر كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره -رحمه الله تعالى-.
وقال ﷻ ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ | الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ | لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
هذا هو وعد الله ﷻ لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات، وقال ﷻ ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ﴾، التي اطمأنت للإيمان بالله، وللأعمال الصالحة،﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ | ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً | فَادْخُلِي فِي عِبَادِي | وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾.
وقال حبيبنا ﷺ كما في حديث البراء بن عازب «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر فيجيء ملك الموت ويجلس عند رأسه، ويقول: أيتها الروح الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضاه» قال «فتخرج، تسيل من جسده كما تسيل القطرة من فم السقاء، فإذا أخذها لم يدعها»، إي الملائكة «في يده طرفة عين، فيعرجون بها إلى السماء الدنيا، فلا يمرون على ملأ».
أي ملأ من الملائكة «إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: فلان ابن فلان بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، فيستفتحون فيفتح له»، يستفتحون باب السماء فيفتح له «ويشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها إلى السماء السابعة، فيقول الله ﷻ: اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه في الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه إلى جسده».
وفي الحديث الآخر، يقول النبي ﷺ «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه».
قالت عائشة: وفي رواية أو بعض أزواج النبي ﷺ هو الموت يا رسول الله كلنا نكره الموت، قال «ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت وبشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فيحب لقاء الله فيحب الله لقاءه».
نعيم البرزخ
ثم بعد ذلك يُجهز المؤمن الذي سابق في الخيرات والطاعات ويحمل على الأعناق.
وتأملوا هذا الحديث الذي في الصحيحين «إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال فرح تلو فرح، واحتملها الرجال»، يقول حبيبنا ﷺ «فإن كانت صالحة قالت: قدموني، قدموني».
نسأل الله الكريم من فضله «وإن كانت غير ذلك قالت: يا ويلها إلى أين تذهبون بها؟».
ثبات المؤمن عند السؤال في القبر
ثم إذا وضع العبد في حفرة ومعه العمل الصالح العبد المؤمن وذهب عنه المحبون والمشفقون من الأبناء والأقارب والأحباب أتاه ملكان كما في تتمة حديث البراء ابن عازب «فيسألانه من ربك؟ وما دينك؟ ومن هذا الرجل الذي بعث فيكم، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي هو رسول الله ﷺ، فيقولان له: وما علمك بذلك؟»،
لأن الله ثبته كما قال ﷻ ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ «فيقول قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقت، فيقال إن صدق عبدي».
وتأملوا يا عباد الله، «فيفتح له باباً إلى الجنة، يلبس من لباس الجنة ويفرش له من الجنة فيأتيه من طيبها وريحها فيقول: ربي أقم الساعة لأنه يرى مقعده في الجنة».
نسأل الله الكريم من فضله.
ثم هذه الأرواح تتنعم، أرواح المؤمنين يا مسلمون في جنات النعيم، كما قال حبيبنا ﷺ كما جاء في مسند الإمام أحمد في سند صحيح «نسمة المؤمن»، أي روح المؤمن «طائر يعلق في شجر الجنة».
فالروح تكون على شكل طائر تتنقل وتأكل من ثمار الجنة، أو تكون في حواصل طير تأكل من ثمار الجنة.
الموت راحة للمؤمن
فأرواح المؤمنين يا عباد الله تتنعم، فالموت راحة للمؤمن الذي يعمل الصالحات، الذي جاهد نفسه على طاعة الله ومن معصية الله، ورضي بما كتبه الله ﷻ وقدره.
فيتنعم المؤمنون بجنات النعيم، ولا يشعرون بحياة البرزخ، فهم في نعيم، ولا يتمنى أحد أن يعود للدنيا لِما رأى من النعيم، إلا الشهيد، يتمنى أن يقتل ثانية لما يرى في المنزلة.
والحياة البرزخية لا كما يظن بعض الناس أن الحياة في حياة البرزخ للشهداء كما قال الله ﷻ ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: هذا ليس خاصًا بالشهداء بل لكل مؤمن روحه تنعم بالجنة على حسب منازلهم.
أسأل الله لي ولكم نعيم الدنيا، ونعيم القبر، ونعيم البرزخ، ونعيم الجنة.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
وهنا نبدأ مع أوّض مقترح؛ وهو: خطبة عن عذاب القبر.. تهز القلوب
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا يليق بجلال الله وعظمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد فيا عباد؛ الله اتقوا الله ﷻ وتمسكوا بإيمانكم وبأعمالكم الصالحة.
احسنوا الظن بالله
اسألوا الله ﷻ حسن الخاتمة، واسألوا الله الثبات في الدنيا، وعند الموت وعند السؤال وأحسنوا بالله الظن، فمن عمل الصالحات.
من آمن بالله، وعمل الصالحات فليحسن الظن بالله ﷻ، وعليه أن يسأل الله ﷻ الإعانة، وأن يكثر من قول: اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك.
ولعلنا نتحدث في خطبة أخرى إن مد الله في العمر عن أحوال المؤمنين يوم القيامة، وكيف يكون يوم القيامة على المؤمن.
أسأل -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإياكم من يطول عمره، ويحسن عمله وتحسن خاتمته.
هذا واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ به بنفسه فقال جل من قائل عليم ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللهم صل وسلم وبارك وتفضل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وهنا ثاني المُقترحات؛ وهي خطبة المنجيات من عذاب القبر – مكتوبة
الدعاء
- اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.
- اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك، واجعلنا ممن يطول عمر ويحسن عمله، وتحسن خاتمته، واجعل آخر كلامنا من هذه الدنيا شهادة التوحيد، لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
- واجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، وأظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك، بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
- اجعلنا ممن يبشر بروح وريحان ورب راضٍ غير غضبان يا رب العالمين.
- اللهم اجمع كلمة المسلمين ووحد صفوفهم يا رب العالمين.
- اللهم احفظ علينا عقيدتنا وأمننا واستقرارنا، ووفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى وسدد أقوالهم وأعمالهم.
- اللهم يا حي يا قيوم من أرادنا بسوء اللهم فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره أنت حسبنا ونعم الوكيل، اللهم اكفنيهم بما شئت يا حي يا قيوم.
- اللهم يا حي يا قيوم كما جمعتنا في بيتك في أطهر بقعة فاجمعنا بأعلى الجنان، مع سيد الأنام ﷺ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وبعد -يا عباد الله-؛ فقد قُدِّمَت لكم أعلاه خطبة عن نعيم القبر والبرزخ؛ والتي ألقاها الشيخ د.عبدالعزيز الفايز -جزاه الله خيرا-. وهذا المقترح الأخير، وهي خطبة عن الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فنسأل الله -الحليم العليم- أن تنتفعوا بكل خطبنا ودروسنا ومحاضراتنا التي نوفرها لكم عبر موقع المزيد؛ والله وليّ التَّوفيـق.