خطبة: كنتم خير أمة أخرجت للناس – مكتوبة جاهزة

خطبة: كنتم خير أمة أخرجت للناس - مكتوبة جاهزة

مقدمة الخطبة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.. الحمد لله الذي فضلنا على سائر الأمم، واصطفانا ليكون خير أمة. فما أعظمها من شهادة، وما أسمى هذا الوصف! فما الذي جعلنا خير أمة؟ وما هي مسؤوليتنا تجاه هذا الوصف العظيم؟ هذا ما سنتدارسه في خطبتنا اليوم، لنستلهم منه العبر والدروس، ونعمل على تجسيد معانيه في واقع حياتنا.

الخطبة الأولى

أيها المؤمنون: إن أمةَ الإسلام هي خيرُ أمةٍ أخرجها اللهُ للناس. يقول الله ﷻ: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ سورة آل عمران: 110.

فهي أمةٌ أسسَ رسولُ الله ﷺ بنيانهَا على البرّ والتقوى. فحفظها الله ﷻ بحفظه ورعاها برعايته. وهي أمةٌ ربانية امتازت على بقية الأمم بهذه الميزة العظيمة، لأنها تسير وَفْقَ هدي كتاب الله وسنة رسوله ﷺ. فرفع الله شأنها، وجعل لها كرامة عنده، فهي ليست كالأمم الأخرى عابرة في التاريخ. بل هي أمة باقية جعلها اللهُ خاتمة الأمم تحملُ ميراثَ الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وتحمل الهداية والرحمة للعالمين.

وقد خصّ الله ﷻ هذه الامة بقرآن يتلى إلى قيام الساعة فهو حبل الله المتين وميزانه القويم وصراطه المستقيم. يقول الله ﷻ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ سورة الحجر: 9. فَحفظُ القرآنِ الكريم دليل على حفظ الأمة التي تحمله في صدورها. فكانت هذه بشارة من الله بأن هذه الامة محفوظة بحفظ الله ﷻ لها. لن ينالَ أحدٌ منها الا أذى يسيراً لا يهددُ كينونتها وبقاءها. قال الله ﷻ: ﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾ سورة آل عمران: 111.

ومن خصائص هذه الأمة أيضاً أن لها رسالةً عالميةً تنشرُ العدلَ والفضيلة والرحمة. والأخلاق الفاضلة بين الناس. يقول الله ﷻ: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ آل عمران: 104.

ومن خصائص هذه الأمة أنها تدعو إلى هداية الخلق نحو طريق الحق بالحكمة والموعظة الحسنة. استجابة لأمر الله عز وجل. يقول الله ﷻ: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ سورة النحل: 125.

ومن خصائصها أن الله ﷻ اختارها لتكون شاهدةً على الأمم يوم القيامة. يقول الله ﷻ: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ سورة البقرة: 143. ويقول الله ﷻ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ النساء: 41. هذه الآية الكريمة التي بكى سيدنا رسول الله ﷺ عندما تُليتْ عليه تدلُّ على كرامة هذه الأمة عند الله ومسؤوليتها، لأن الشاهد لا بدّ من عدالته فهذه شهادة عظيمة من الخالق ﷻ لهذه الامة.قال رسول الله ﷺ: “يَجِيءُ نُوحٌ وأُمَّتُهُ، فيَقولُ اللَّهُ تَعالَى: هلْ بَلَّغْتَ؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، فيَقولُ لِأُمَّتِهِ: هلْ بَلَّغَكُمْ؟ فيَقولونَ: لا ما جاءَنا مِن نَبِيٍّ، فيَقولُ لِنُوحٍ: مَن يَشْهَدُ لَكَ؟ فيَقولُ: مُحَمَّدٌ ﷺ وأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أنَّه قدْ بَلَّغَ، وهو قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]. والوَسَطُ: العَدْلُ. أخرجه البخاري.

ومن أهم خصائص أمة سيدنا محمد ﷺ أنّ قُوّتهَا تكْمنُ في اجتماع كلمتها، ووحدة صفها، وتعاضد أفرادها. يقول الله ﷻ: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ آل عمران: .103.

ومن حِفظِ الله ﷻ لهذه الأمة أنها لا تجتمع على ضلالة. عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: ” إنَّ اللَّهَ لا يجمعُ أمَّتي…علَى ضلالةٍ ويدُ اللَّهِ معَ الجماعةِ، ومَن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ” سنن الترمذي

أقول قولي هاذ وأستغفر الله الحليم العظيم لي ولكم، وأتوب إليه.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ سورة آل عمران: 102.

أيها الأحِبة، إن وصفنا بخير الأمة يحمل في طيَّاته تحديات كبيرة، ولكنها في الوقت نفسه فرصة عظيمة لنرتقي بأنفسنا وأمتنا. فلنسعَ جميعًا إلى أن نكون خير أمة، وأن نحمل راية الإسلام عالياً، ونعمل على نشر قيمه السامية في كل مكان. ونسأل الله ﷻ أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

والحمد لله ربّ العالمين…

أضف تعليق

error: