مشكولة بالكامل؛ نعم، أعلم أن كثيرون يرغبون الخطب المشكولة؛ ولذلك؛ لديّ اليوم خطبة قصيرة مختصرة عن فضل التسبيح؛ وأهميته، وثمراته.
نعم؛ هي أحد الكنوز؛ هي خطبة فضل تسبيح الله عز وجلَّ والذي حثَّنا عليه ﷻ في كتابه العزيز كثيرًا، وكذلك نبينا المصطفى ﷺ في سُنَّته. فلا تفوتكم هذه الخطبة الرائِعة يا أكارِم.
مقدمة الخطبة
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، أَمَرَنَا بِتَسْبِيحِهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ ﷻ، قَالَ سُبْحَانَهُ: (إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُون).
الخطبة الأولى
أَيُّهَا الْمُسَبِّحُونَ: يَقُولُ اللَّهُ ﷻ: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ* وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ). فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ حَثٌّ مِنَ اللَّهِ ﷻ لِعِبَادِهِ عَلَى تَسْبِيحِهِ وَتَحْمِيدِهِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ.
وَالتَّسْبِيحُ مَعْنَاهُ: تَعْظِيمُ اللَّهِ وَتَنْزِيهُهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ. فَبِدُخُولِ الْمَسَاءِ؛ يَتَحَوَّلُ النُّورُ إِلَى ظَلَامٍ، وَالْحَرَكَةُ إِلَى سُكُونٍ، وَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَأْتِي الضِّيَاءُ، وَتَنْبِضُ الْحَيَاةُ، وَحِينَئِذٍ تَشْهَدُ الْعُقُولُ وَالْقُلُوبُ بِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا التَّدْبِيرِ إِلَّا الْخَالِقُ سُبْحَانَهُ. فَيَلْهَجُ الْمُؤْمِنُ بِالتَّسْبِيحِ، تَالِيًا قَوْلَهُ ﷻ: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ).
فَسُبْحَانَكَ يَا مَنْ تُسَبِّحُهُ الْمَخْلُوقَاتُ وَتُعَظِّمُهُ، وَتَحْمَدُهُ وَتُقَدِّسُهُ، (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا). سُبْحَانَهُ تُسَبِّحُ لَهُ الْجِبَالُ الرَّاسِيَاتُ، قَالَ ﷻ عَنْ سَيِّدِنَا دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ) فَسُبْحَانَكَ يَا مَنْ: (يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ).
وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ ﷻ رَسُولَنَا ﷺ بِأَنْ يسَبِّحَهُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)، فَكَان ﷺ يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ».
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا). فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ مُسَبِّحِينَ، لَكَ ذَاكِرِينَ، وَوَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلًا بِقَوْلِكَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
وهنا أيضًا نزيدكم بـ: خطبة مكتوبة عن فضل الصلاة على النبي ﷺ
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلِّ اللَّهُمْ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَيُّهَا الْمُسَبِّحُونَ: إِنَّ التَّسْبِيحَ مِنْ أَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ ﷻ، فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْكَلَامِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ ﷺ: «مَا اصْطَفَاهُ لِمَلَائِكَتِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، ثَلاثًا تَقُولُهَا». وَبِالتَّسْبِيحِ تَكْثُرُ الْحَسَنَاتُ، وَتُرْفَعُ الدَّرَجَاتُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ؛ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ».
وَبِالتَّسْبِيحِ يُفَرِّجُ اللَّهُ ﷻ الْكُرُبَاتِ، وَيَكْشِفُ الْمُلِمَّاتِ، قَالَ ﷻ عَنْ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
فَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَمِلْءَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَمِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ. وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الْأَكْرَمِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
وختامًا.. نترككم يا أكارم؛ بعد أن قدَّمنا لكم خطبة قصيرة مختصرة عن فضل التسبيح «مشكولة بالكامل»، مع -أيضًا- خطبة الجمعة مكتوبة عن فضل ذكر الله.. معززة بالآيات والأحاديث والقصص. وبالله التوفيق والسداد. أستودعكم الله.