إخواني أئِمَّة وخطباء المسلمين في كل الأقطار الإسلامية، بين يديكم الآن خطبة عن المال مكتوبة «مختصرة/قصيرة» لكنها تحتوي على عظيم الوعظ والإرشاد من قرآن ربنا وسُنَّة نبينا المصطفى ﷺ.
الخطبة مُقسَّمة إلى ثلاث أربعة أجزاء: مقدمة، ثم خطبة أولى وثانية، ثم الدعاء.
نسأل الله الحنَّان المنَّان ﷻ أن ينفعنا وإياكم بكل ما جاء فيها من الدروس والمواعِظ.
مقدمة الخطبة
الحمد لله المتفضل بالجود والإحسان، جعل المال قوام حياة الإنسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال ﷻ: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب).
الخطبة الأولى
أيها المؤمنون: قال الله ﷻ: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) فالمال نعمة عظيمة، وبهجة وزينة، وهو من ضروريات حياة الناس، به تتحقق مصالحهم، وتتهيأ أسباب سعادتهم، ولذلك أمر الله ﷻ بالجد في كسبه، والسعي في طلبه، فقال ﷻ: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) فبالمال يكفي المرء نفسه وأهله، ويهيئ لأولاده حياة كريمة من بعده، قال ﷺ: «إنك أن تدع ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس».
عباد الله: لقد امتدح الله ﷻ عباده المؤمنين، الذين هم في إنفاقهم يعتدلون، فلا يسرفون في أموالهم ولا يبذرون، ولا يبخلون ولا يقترون، فقال ﷻ: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما). وقال ﷻ: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) فاللبيب من أحسن إدارة ماله، فأنفقه فيما يعود بالخير عليه وعلى عياله، دون أن يثقل كاهله بالديون، فيضيع نفسه ومن يعول، قال رسول الله ﷺ r: «لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها». قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال «الدين».
وإن استثمار المال وتنميته؛ يمكن الإنسان من تلبية احتياجاته، وتدبير شؤون حياته، ويعينه على طاعة ربه، قيل لابن المبارك: نراك تعمل وتتاجر. ألا تزهد؟ فقال: إنما أفعل ذلك لأصون وجهي، وأكفي نفسي، وأستعين على طاعة ربي.
فاللهم بارك لنا في أموالنا، وارزقنا شكرها وحسن استثمارها، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد ﷺ، وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
وهنا: معا ضد التسول.. خطبة بليغة قصيرة
الخطبة الثانية
الحمد لله الرزاق الكريم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
أيها المصلون: قال رسول الله ﷺ: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه؛ حتى يسأل عن خمس» وذكر منها: «وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه». فيا فوز من يكتسب ماله بجد واجتهاد، وينفقه في مرضاة رب العباد، فيزيد الله ﷻ ماله بركة ونماء، ويورثه سعادة وهناء، ويعظم له أجرا وجزاء، قال الله ﷻ: (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير).
هذا وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وهذه أيضًا: خطبة عن الميراث / الوصية وأسباب خلاف الورثة
الدعاء
- اللهم احفظ لبلادنا أمانها واستقرارها، وأدم رخاءها وازدهارها، وبارك في خيراتها، واكلأها برعايتك، واشملها بعنايتك، يا رب العالمين.
- اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحبه وترضاه.
- اللهم أمواتنا الذين انتقلوا إلى رحمتك، وأدخلهم بفضلك فسيح جناتك.
- وارحم يا رب شهداء أوطاننا وضاعف أجرهم، وارفع في الجنة درجتهم، وشفعهم في أهلهم.
- اللهم ارحم المسلمين والمسلمات: الأحياء منهم والأموات.
- اللهم اسقنا الغيث، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وأقم الصلاة.
وختامًا؛ أترككم مع خطبة عن الرزق وأسبابه ومفاتيحه.. والله ﷻ نسأل أن يمنّ عليكم بجزيل العلم والفهم؛ اللهم آمين.