وما أجمل أن نتعرَّف على هذا الذي يُذكِّرنا بشهر القرآن! وهو شهر رمضان المبارَك. نعم، الذي يفعل ذلك هو شهر شعبان. وهو الذي سيكون حديثنا عنه وفيه وحوله في خطبتنا اليوم؛ فما رأيكم أن تكون بدايتنا سريعة ومُباشرة إلى الخطبة!
عناصر الخطبة
- شعبانُ شهرُ رسول الله ﷺ يأتي قبل رمضان شهر القرآن، وهو فرصة للتوبة والتزود بالأعمال الصالحة.
- ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة، يغفر الله ﷻ فيها لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن، فعلينا أن نترك الشحناء والبغضاء لتصفية القلوب.
- في شهر شعبان وقعت غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة من الهجرة، وفي هذه الغزوة قال أهل الإفك في أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها– ما قالوا، فبرأها الله مما قالوا، ونزل القرآن ببراءتها.
- الرسول القائد ﷺ وأد الفتنة في هذه الغزوة، وجمع الصفوف، وقضى على الشائعات والأراجيف.
- التمسك بدعاء سيدنا يونس –عليه السلام– ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ الأنبياء: 87، وترديده أربعين مرة في اليوم والليلة، ليحفظنا الله ﷻ من كل سوء، ويرفع عنا الوباء والبلاء.
الخطبة الأولى
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
شعبانُ شهرُ رسول الله ﷺ يأتي قبل رمضان شهر القرآن، الذي أُنزلُ فيه القرآن على قلب رسول الله ﷺ، وهو فرصة للتوبة والتزود بالأعمال الصالحة، وإكثار رسول الله ﷺ من العبادة في هذا الشهر جاء لتحفيز المسلمين لشهر رمضان شهر الصيام والقيام.
ونحن إذ نعيش اليوم في شهر شعبان في هذا الشهر الذي حدثنا عنه الحبيب محمد ﷺ، ونبهنا إلى أنه شهر يغفل عنه كثير من الناس، كما في حديث أسامة بن زيد –رضي الله عنه– قال قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» — سنن النسائي.
تقول أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها– «كان رسول الله ﷺ يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيت رسول الله ﷺ استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان» — متفق عليه، أي أن النبي ﷺ أراد التنبيه على فضل صيام شعبان.
وليلة النصف من هذا الشهر ليلة مباركة، يغفر الله ﷻ فيها لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن، فعلينا أن نترك الشحناء والبغضاء لتصفية القلوب وتحليتها استعداداً لاستقبال شهر القرآن الذي فيه تضاعف الأعمال، وفيه ليلة القدر، خير من ألف شهر.
وقد ورد في فضل ليلة النصف من شعبان بعض الأحاديث الصحيحة التي تدل على عظمتها ومكانتها عند الله ﷻ، يقول النبي ﷺ «يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن» — صحيح ابن حبان.
ومن الاعمال الصالحة في شعبان الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ، لما ورد عن بعض العلماء أن الله ﷻ أنزل في هذا الشهر المبارك قوله ﷻ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ الأحزاب:56، قال الإمام سهل بن محمد: “هَذَا التَّشْرِيفُ الَّذِي شَرَّف اللَّهُ ﷻ بِهِ نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْلَغُ وَأَتَمُّ مِنْ تَشْرِيفِ آدَمَ بِأَمْرِ الْمَلَائِكَةِ بِالسُّجُودِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي ذَلِكَ التَّشْرِيفِ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ ﷻ عَنْ نَفْسِهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ، ثُمَّ عَنِ الْمَلَائِكَةِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَتَشْرِيفٌ صَدَرَ عَنْهُ أَبْلَغُ مِنْ تَشْرِيفٍ تختصّ به بالملائكة مِنْ غَيْرِ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ”.
وفي شهر شعبان وقعت غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة من الهجرة، وفي هذه الغزوة قال أهل الإفك في أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها– ما قالوا، فبرأها الله مما قالوا، ونزل القرآن ببراءتها.
وفي هذه الغزوة قال رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول مقالة سوء وفتنة لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال ﷻ: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ المنافقون:8.
وتبرأ عبد الله من فعل أبيه وأتى رسول الله ﷺ ، فقال له: يا رسول الله أنت والله العزيز وهو الذليل، أو قال أنت الأعز وهو الأذل، وإن شئت والله لنخرجنه من المدينة. ووقف عبد الله بن عبد الله بن أبي لأبيه بالطريق، وقال: والله لا تدخل المدينة حتى يأذن لك رسول الله ﷺ بالدخول، فأذن رسول الله ﷺ بدخوله.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102.
لا ريب أن المنافقين هم العدو، وقد حذرنا الله ﷻ في قوله: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ المنافقون: 4، فلنحذرهم، ونحذِر منهم مجتمعنا خاصة والمجتمعات الإسلامية عامة.
ففي غزوة بني المصطلق أطلت الفتنة برأسها، فظهرت دعوى الجاهلية التي أثارها دعاة العصبية والعنصرية، عندئذ وأد رسول الله ﷺ الفتنة في هذه الغزوة، وجمع الصفوف، وقضى على الشائعات والأراجيف، فلنقتد به ﷺ في معالجة هذه الفتن التي تصيب مجتمعاتنا في هذا العصر عصر منصات التواصل والإنترنت، ولنعتصم بحبل الله المتين جميعاً ولا نسمح لدعاوى المرجفين الذي يُفرقون ولا يجمعون، ولنكن صفاً متراصاً في مجتمعنا الأردني المتماسك في لُحمته ولله الحمد والمنة.
هذا، واعلموا عباد الله أن فضل دعاء سيدنا يونس –عليه السلام– ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ الأنبياء: 87، وترديده أربعين مرة في اليوم والليلة، بنية حفظ الأمة من كل سوء ومكروه، وأن يرفع الله ﷻ عنها الوباء والبلاء، وان يجمعها على الخير، ويبعدها عن الشر.
والحمد لله ربّ العالمين..
المزيد من الخطب المكتوبة لنفس الموضوع:
- ↵ بداية مع خطبة عن شهر شعبان وصيامه.. فضائل وأحكام
- ↵ يليها خطبة: وقفات مع شهر شعبان – للشيخ خالد المصلح
- ↵ وأخيرًا نجِد خطبة قصيرة عن شهر شعبان… هدي النبي قبل رمضان
وإن كان بخاطرك –أخي الخطيب– مقترات أخرى لُخطَب جمعة أُخرى، فلا تبخل علينا بها؛ وجزاك الله خيرا.