عناصر الخطبة
- سنن الله في النصر والنكبات.
- مفهوم النصر الحقيقي ومقاييسه.
- أسباب وشروط النصر.
- التبرع ودعم المحتاجين.
- دعاء الأنبياء في الشدائد.
- أهمية الرجوع إلى الله ﷻ والدعاء في الأزمات.
الخطبة الأولى
الحمد لله..
إن لله ﷻ في هذه الدنيا سنناً ماضية، قال الله ﷻ: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ سورة الأحزاب: 62، ومن هذه السنن سننه ﷻ في النصر وأسبابه مع أنبيائه وأوليائه ومحبيه وعباده المؤمنين، قال الله ﷻ: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ سورة الروم: 47.
فنصر الله ﷻ يكون بظهور الإسلام، قال الله ﷻ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ سورة التوبة: 33، وهذا حصل فالإسلام انتشر في كل العالم وأصبح أبناؤه يشكلون أكثر من ربع سكان العالم، والإسلام أسرع الأديان نمواً وانتشاراً في العالم رغم كيد الكائدين، والمسلمون هم أكثر الناس عبادة لربهم وصلاحاً والتزاماً، فهم الوحيدون الذين يقيمون الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، وهم الوحيدون الذين يحفظون كتاب الله غيباً، ففي الإسلام أكثر من عشرين مليون حافظٍ للقرآن الكريم، وهذا نصرٌ للإسلام والمسلمين، فصدق الله ﷻ ورسوله الكريم ﷺ.
فالنصر لا يعني الفوز الظاهر في كل معركة، فالمسلمون لم ينتصروا يوم أُحدٍ على معنى الغلبة الظاهرة في المعركة، ولكنهم انتصروا بثباتهم وصبرهم والتفافهم حول نبيهم ﷺ، مما أسس لنشر دعوة الإسلام وإيصال تعاليمه للناس كافة، قال الله ﷻ: ﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ سورة آل عمران: 173-174.
فالله ﷻ سمى يوم الحديبية (فتحاً مبيناً) ولم يكن فيه حينئذٍ قتال، قال الله ﷻ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ سورة الفتح: 1.
أما بالنسبة للنصر في المعارك والحروب وساحات القتال فمربوط بشروط معينة من أهمها:
أولاً: الايمان بالله ﷻ، فربنا ﷻ وعد المؤمنين بالنصر ولم يقل المسلمين فكلما قوي الايمان، اقترب المسلمون من النصر، وتقوية الإيمان يعني النصر لهم.
وهناك أسباب أخرى للنصر، فمنها:
- فالأول: الصبر، قال الله ﷻ: ﴿إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾ سورة الانفال: 65.
- وثانيها تقوى الله ﷻ: قال الله ﷻ: ﴿بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ سورة آل عمران: 125.
- وثالثهما: الرباط في سبيل الله ﷻ، قال الله ﷻ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ سورة آل عمران: 200.
- ورابعهما: التذلل الى الله ﷻ، قال الله ﷻ: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ سورة آل عمران: 123، والتذلل هو عدم الاستكبار في الأرض والتكبر على الناس، قال الله ﷻ: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ سورة المائدة: 54
- وخامسهما: ذكر الله ﷻ المستمر، قال الله ﷻ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ سورة الانفال: 45، والمستمر يعني الكثير.
- وسادسهما: الاعداد والتجهيز، قال الله ﷻ: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ سورة الانفال: 60.
- وسابعهما: وحدة المسلمين وعدم تفرقهم، قال الله ﷻ: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾
وهذا يتم من خلال تهيئة النفس وتخليصها من الذنوب والمعاصي، وكذلك الدعاء، قال الله ﷻ: ﴿إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ سورة البقرة: 186، وتقديم ما يمكن تقديمه من العون والمساعدة لأهلنا في غزة.
ومن ذلك التبرع بالمساعدات المادية والعينية من غذاء ودواء وكساء عن طريق الهيئة الخيرية الهاشمية التي فتحت أبوابها لاستقبال الدعم والتبرعات والمساعدات، لإيصالها إلى الأشقاء هناك فهي الجهة الوحيدة التي تضمن وصول هذه المساعدات، بالتعاون مع المستشفى الميداني العسكري في قطاع غزة والذي يشمل 180 طبيب وممرض من كوادر الخدمات الطبية الملكية.
إن من كلام الله ﷻ الذي فيه ملجأ لذوي المصائب وعصمة للممتحنين قولنا: (إنا لله وإنا إليه لراجعون)، قال الله ﷻ: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ سورة البقرة: 155-156.
وإن من هدي الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام في حال الكرب والشدة أن يتضرعوا إلى الله ﷻ بالذكر والدعاء، ومن ذلك ما قاله سيدنا إبراهيم عليه السلام: (حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، وقالَهَا مُحَمَّدٌ ﷺ حِينَ قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران: 173، رواه البخاري، وورد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” كَانَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ “. رَوَى الْبُخَارِيُّ.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران: 102.
لا تنسوا الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ﷺ، فعن أُبي بن كعب رضي الله عنه: (أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا”، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات الى النور، قال ﷻ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ الأحزاب: 43، ومن دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: “سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر”.
ومن قال: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكُتِبَتْ له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي”، وعليكم أيضاً بــ (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن وهما سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) قدر المستطاع.
والحمد لله ربّ العالمين..
المزيد من الخطب القوية
نعم، لديّ بعض المقترحات أيضًا؛ جميعها خطب قوية ومُميَّزة؛ منها:
- ↵ خطبة: طوفان الأقصى – مكتوبة كاملة
- ↵ خطبة جمعة عن الحرب على غزة
- ↵ خطبة الشيخ توفيق الصايغ حول ما يحدث في فلسطين
- ↵ خطبة د. محمد خير الشعال «قصة فلسطين» مكتوبة
وُفِّقتُم بحول الله ﷻ وقوَّته.