ما أجمَل أن تكون خطبة الجمعة مفيدة وهادفة؛ وتتحدَّث عن موضوعات تمس الواقع الذي يعيشه المسلم. ومن هذا المُنطَلق، نوفر لكم هاهُنا خطبة جمعة حول حقوق العمال والخدم والمتعاقدين.
الخطبة بين يديكم مكتوبة كاملة؛ شاملة: المقدمة والخطبة الأولى والثانية، ومُختتمة بالدُّعاء.
الخُطبَة من إلقاء فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -جزاه الله خيرًا- ونحن بدورنا نوفرها لكم في صفحتنا هذه لتكون مرجعًا لكل إمام وخطيب، وجاهزة للاطلاع المباشر أو الطباعة أو الحِفظ.
مقدمة الخطبة
الحمد لله الذي قَسَمَ بين الناس أخلاقهم وأرزاقهم، وجعل بعضهم فوق بعض درجات لِيَتَّخِذُ بعضُهم بعضًا سُخْرِيَّا، الحمد لله فَضَّلَ مَن شاء بنعمة المال، ومنع من شاء نعمة المال، فكان الناس على طبقات متفاوتة يخدم بعضهم بعضًا، ويسعى بعضهم في مصلحة بعض، وذلك منه ﷻ لِحِكْمَةٍ عظيمة لا تصلح الحياة إلا بها، ﴿وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: ٣٢].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بَلَّغَ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وبَيَّنَ المَحَجَّةَ، فصلواتُ الله وسلامه عليه ما تتابع الليل والنهار، وما طلعت الشمس والقمر، ولا غَرَبَنَا، صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين. أما بعد..
فيا أيها المؤمنون، اتقوا الله حق التقوى.
الخطبة الأولى
عباد الرحمن.. إن الله ﷻ له الحكمة البالغة فيما يختار في هذه الدنيا، بل وفيما يختار في أمره كله، قال ﷻ: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص].
إن الله ﷻ حِكْمَة بالغة فيما تَرَوْنَ من انقسام الناس إلى ذوي مال وفير، وإلى متوسطين، وإلى مَنْ يَسْعَوْنَ لِكَفِّ أنفُسِهِم، وإلى من يَسْعَى لكي يحصل على لقمة العيش، والله ﷻ أَخْبَرُ بِخَلْقِهِ، وهو ﷻ لطيف بمن يشاء.
وإن مما جعله الله ﷻ في هذه الدنيا بين الناس أن جعلهم مُتَفَاوِتِينَ في المال: بعضهم غني، وبعضهم متوسط، وبعضهم مسكين أو فقير، وجعل الحكمة من ذلك أن يتخذ بعضهم بعضًا سُخْرِيَّا كما قال ﷻ: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف: ٣٢].
جعل الله ﷻ بعضَ الأراضي غَنِيَّةٌ بما يَخْرُجُ منها من باطنها، وبما يُنزل من السماء رزقا لها، فجعل الله ﷻ لكل أرض قوتًا، ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ [فصلت: ١٠]، كلُّ أرض بما يناسب أهلها، وكل أرض يأتيها رِزْقُها في سنين، ثم قد يُحْرَمون في سنين أخرى، يحرمون مما كانوا يَرْفُلُونَ فيه ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٤٠]، فليس الأمر مستقيما على حال.
ففي هذه البلاد كان الناس لا يَجِدُون المال الذي يَجِدُونه،اليوم، بل قد حَدَّثَنَا الكبار أنه قد مَرَّ على الناس في هذه البلاد أنهم كانوا يسافرون إلى بعض البلدان القريبة؛ لكي يُحَصِّلُوا لُقْمَةَ العيش، لكي يأتوا بالمال ليؤكلوا به أولادهم وأهليهم، لكي يعيشوا حياة يمكنهم معها أن يكون على بعض السعادة.
لقد عاش الناس في هذه البلاد في سنين مضت بحيث إنهم لا يجدون شبعهم كل يوم، وقد كان هذا شأن معظم الناس، إلى أن مَنَّ الله ﷻ عليهم بالخير العظيم ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور]، فبعد أن كنا نرحل لتحصيل لقمة العيش صار الناس يرحلون إلينا ليجدوا في هذه البلاد ما يسد جوعتهم، وما يَكْسُونَ به عَوْرَتهم وأهليهم وأولادهم رَحْمَةٌ من ربك، وهذا لا بد أن يكون لنا معه وقفة.
إن من يأتون إلى هذه البلاد لكي يطلبوا لقمة العيش، إنهم وأخص بالذكر منهم المسلمين، إنهم مسلمون لهم ما لنا وعليهم ما علينا، أتوا ليطلبوا الرزق الذي تَفَضَّلَ الله ﷻ به على أهل هذه البلاد ليأخذوا الرزق بما تعمل به أيديهم، وبما اكتسبوه من عَرَقِ جَبِينهِم، وذلك عمل منهم محمود ومشروع، والحمد لله على خيرته.
والذي نراه في هذه البلاد في أنحاء شتى، وخاصة في المؤسسات والشركات وفي بعض البيوت أن هؤلاء يُنظر إليهم نَظَرًا غير شرعي، بل يُنْظَر إليهم نَظَرًا مُنْكَرًا، فيرى أنهم مثل العبيد والعياذ بالله فيستخدمهم كما هو في ذهنه استخدام العبيد فيما مضى، ويحملهم من الأعمال ما لا يُطيقون، ويهينهم، ويؤذيهم، ولا يعطيهم في كثير من الأحيان حقوقهم، فكم سَمِعنا عن أناس مَضَتْ عليهم الأشهر الطويلة الثلاثة والأربعة وربما أكثر من ذلك، ولم يُعْطِهِمْ صاحب العمل أَجْرَ عَمَلِهِمْ، وقد جاء في الحديث: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، وهؤلاء أَتَوْا بعُهُودٍ وعُقُودٍ يَجِبُ وَفَاؤُها رِعايةً لِحَقِّ الله ﷻ الذي قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، والذي قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨]، والذي قال: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء].
إن الذي ينظر إلى نفسه وأنه في مال وفير، من مسكن هنيء، يعيش فيه عيشة هنية، ثم يمنع هذا المال عن إخوانه المسلمين هم ومَنْ وراءهم من أهليهم وأولادهم، وهم محتاجون إلى هذا المال، فمنهم المريض الذي يحتاج إلى علاج، ومنهم الجائع الذي يحتاج إلى غذاء، ومنهم العاري الذي يحتاج إلى كسوة، ومنهم… ومنهم في حاجات مختلفة.
إن الذي يحرم أولئك أَجْرَهم، فإنه سيدخل فيما قاله النبي ﷺ: «ما من عبد استرعاه الله رعية، فلم يحطها بنصيحة، إلا لم يجد رائحة الجنة»، والرعية يدخل فيها أولئك؛ لأنهم رَعِيَّة، قد استرعى الله ﷻ عليهم مَنْ أتى بهم كفيلاً لهم.
إن أولئك، أيها المسلمون، لا شك أن لهم حقاً، فإن النبي ﷺ قال فيما رواه أبو داود في سننه قال: «اعْفُ عَنْهُ يَعْنِي الْخَادِمَ. قالوا: يا رسول الله، كم نعفو عن الخادم؟ قال: «اعْفُ عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً»، وهذا لأجل أن له حقا، فهو بشر، وهو مسلم وله حقوق، فلا يجوز أن يُهان، ولا يجوز أن يحمل على ما لا يُطيق من العمل، ولا يجوز أن يحمل على استعباد واستذلال، ولا يجوز أن يرى بتكبر واستعلاء، فإنه كما قال ﷺ: «إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم».
نعم إن الخَدَمَ خَوَلٌ أنعم الله ﷻ بهم على الناس لِيَتَّخِذَ بعضُهم بعضًا سُخْرِيَّا، سَخَّرَ اللَّه هؤلاءِ لهؤلاء، وأولئك لأولئك؛ لكي يعيش الناس هؤلاء يَبْذُلُونَ المال، وأولئك يعيشون فيما يكتسبونه، وحِكمة الله بالغة.
ولهذا، أيها المؤمنون، فإنه لا يجوز بل يَحْرُم أن يُؤَخِّرَ صاحِبُ مؤسسة أو صاحب شركة، بل وصاحب البيت عن خدمه، وعن العمال، وعن المتعاقدين بأصنافهم، لا يجوز له أن يُؤَخِّرَ أجرهم أو أن يحرمهم منه بعد أن استحقوه، أو أن يظلمهم، فإن ذلك حرام، فإذا مات على هذه الحال، فإنه يموت وهو غاش لما استرعاه الله عليه، وهو لم يفي بالعقد، فإن العقد الذي عُقد على تلك الأعمال إنه عقد له شروط، وفيه مواثيق وعهود يجب وَفَاؤُها، ومن لم يَفِ بتلك العهود، وتلك الشروط كان متبوئ بعضب لأنه خان الأمانة، والله ﷻ يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨].
إننا نرى كثيرًا من أولئك العمال، وبعضهم راتبه أربعمائة ريال، أو قد تزيد قليلا، نراهم كما شاهدتُ بالفعل أنهم قد حُرِمُوا رواتبهم شهورًا متعددة وصَلَتْ فيما وَقَفْتُ عليه إلى ستة أشهر، وأولئك يَتَضَوَّرُونَ جوعًا يطلبون الصدقة، وأهلوهم وراءهم يطلبون أيضًا ما يعيشون به، إن الذي لا يرى إلا نفسه وما يعيش فيه من نعمة ونعيم، ولا يرى ويُحِسّ بما عليه الآخرون، قد حُرِمَ ما كان ينبغي أن يكون عليه، بل قد ارتكب ما نهى الله ﷻ عنه.
ثم إنه يجب على الأغنياء جميعهم أن ينظروا إلى من يستخدمونه بعين الرحمة، وأن ينظروا إلى حالهم، حيث إنهم ما أتوا إلى هذه البلاد إلا طلبًا للعيش الحلال المبارك، وطلبًا لما يَسُدُّون به رَمَقَهم وكِفَايَتَهم، وما يعيشون به کما یعیش به غیرهم، فلهذا لا يجوز أن يُكَلَّفُوا في أمر المال ما لا يُطِيقُون، فنرى بعضهم يأخذ من العامل للحصول على التأشيرة مبلغ كذا وكذا من المال، ثم يأخذ منه مبلغا آخر من عند قدومه أو رجوعه بالطائرة أو بغيرها، ثم إذا عمل شيئًا أخذ منه، وهكذا، حتى لا يبقى معه إلا القليل إن لم يَحْتَج في بعض الأحيان إلى أن يستدين، وهذا مما ينبغي للذين أنعم الله عليهم أن يتخلصوا منه، فذلك واجب يجب عليهم أن يؤدوه، وإن كان في أمر من باب الصدقة والاستحباب، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ﷻ يضاعف الصدقات.
ثم أيها الذين استرعوا على الأعمال عُمَّالا، أو متعاقدين أو غيرهم الله الله في أدائكم لأماناتكم، فإن من الناس مَنْ لا يؤدي عمله كما ينبغي، فيحتج أصحابُ الأعمال بأن هؤلاء فيهم غشّ وكذا وكذا، وهذا واقع، ويقع في كثير من الأحيان.
فالواجب على المسلمين جميعًا مَنِ اسْتَقْدَمَ للعمل، والعامل والمتعاقد، كل حَسَبَ عمله أن يراعوا أنهم جميعًا مستأمنون على أعمالهم، وأنهم قد أتوا بعقود وعهود يجب عليهم وَفَاؤُها.
ثم أيها المؤمنون، إن قدوم تلك العمالات على اختلاف التخصصات، أو إن قدوم هؤلاء المتعاقدين على حسب أعمالهم وإمكانياتهم، إن هؤلاء وأولئك يجب علينا أن ننظر إليهم نظرة دَعَوِيَّة خاصة، حيث إنهم ربما أتوا من بلاد فيها من الجهل وعدم العلم بالشرع ما فيها، بل إن منهم من لا يحسن الصلاة، أو لا يفهم حقيقة توحيد رب العالمين، أو لا يعلم معنى الشهادتين حق العلم؛ لأنه قد نشأ في بلاد انتشر فيها الجهل، فعلينا تجاه تلك الطوائف، وتلك الفئات أن نسعى إلى تفقيههم في الدين، فهي فرصة ثمينة للدعوة إلى الله ﷻ، بدون رحلة إلى الدعوة، فهؤلاء إذا انسكب في قلوبهم الإيمان والطمأنينة والصدق مع الله ﷻ رَجَعُوا إلى بلادهم، إن عاجلاً أو آجلا، وهم يحملون الالتزام بالإسلام وفهم الدين، فينشرونه في أهليهم، فيعم الخير ما شاء الله أن يعم من الأرض، وإن هذه لَمُهمة ينبغي على أصحاب المؤسسات والشركات، بل وأصحاب البيوت الذين يستخدمون خدما ينبغي عليهم أن يراعوها.
فمجال الدعوة لا ينبغي لنا أن نغفله لِنُحَبِّبَ إلى الناس، بعملنا وقولنا شرحًا وعملا، الإسلام والالتزام بالسنة والعقيدة الصحيحة، فإن المسلمين يعيشون لدينهم لا يعيشون لدنياهم، وإن هذا الأمر لا شك أنه فُرْصَةٌ لا يجوز لنا أن نغفلها.
هناك سبل للدعوة، منها على سبيل المثال إهداء بعض الأشرطة النافعة إلى هؤلاء كل بلغته التي يفهمها، وإن مراكز الدعوة التي تدعو من ليس عربيا، أو التي تدعو غير المسلمين منتشرة فيها تلك الأشرطة المختلفة التي تُبيَّن أحكام الإسلام، وتُبَيِّن التوحيد، وتُبيَّن أحكام الصلاة، وفيها من الكتب النافعة ما تتولاه أجهزة الدولة، وَفَّقَها الله ﷻ.
وينبغي علينا أن نسأل فيما نتعامل به في هذه الدنيا؛ كي يكون عملنا على وَفْقِ الشرع المطهر مُمتَثِلين بذلك ما أمر الله ﷻ به في قوله: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل].
فلا يجوز لصاحب عمل أن يمنع عاملاً له أن يؤدي فريضة الله من الصلاة في المسجد، فأهل العلم يرون أنه ليس للعامل أيضًا أن يتنفل وقت أداء العمل. فعلى رب العمل أن يأمر العمال على اختلافهم والمتعاقدين أن يؤدوا الصلوات في المساجد، وأما أداء النوافل والرواتب، فقد قال الفقهاء والعلماء: إن الأجير بأجْرِ مُخْتَصّ بعمَل يؤدِّيه في ساعات معلومة، لا يجوز له أن يتنفل بنافلة في وقت العمل الذي وفي هذا بيان لحكم الشرع، فعسى أصحاب العمل أن يلتزموه، وعسى أولئك العمال والمتعاقدون أن يلتزموا، فلو التزمنا الشرع لَكَانَ في ذلك خير كثير لنا على اختلاف أصنافنا.
اللهم إنا نسألك الهدى والسداد والتوفيق والرَّشَاد.
اللهم استعملنا في طاعتك، اللهم اجعل قلوبنا لك مُخْبِتة منيبة، واسمعوا قول الله ﷻ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
وهنا تجِد خطبة إيمانية مكتوبة.. عن: جوامع الكلم
الخطبة الثانية
الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد.. فإن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله، وشَرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة؛ فإن يَدَ الله مع الجماعة، وعليكم بلُزُومِ تقوى الله، فإن بالتقوى رفعتكم وفَخَارَكم في هذه الدنيا وفي الدار الأخرى، فاتقوا الله حق التقوى ولا تَمُوتُنَّ إلا وأنتم مسلمون.
عِبادَ الرَّحمن، إن الله ﷻ أَمَرَكم بأمْرِ بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته، فقال قولاً كريما: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب].
أيضًا، نجد هنا خطبة: الفتنة أشد من القتل — مكتوبة كاملة
الدُّعـاء
- اللهمَّ صَلِّ وسَلّم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنورِ والجَبِين الأزهر، وارْضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء الذين قضوا بالحق وبه كانوا يَعْدِلُون، وعنا معهم بعفوك، ورحمتك يا أرحم الراحمين.
- اللَّهمَّ أَعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشِّرْكَ والمشركين، واخم حوزة الدين، وانصر عبادك الموحدين.
- اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان.
- اللهم عليك بأعداء الدين. اللهم عليك بأعداء الدين الذين يكيدون للمسلمين، ويقتلون المسلمين، يا رب العالمين.
- اللهم نسألك أن تنصر عبادك المجاهدين المسلمين في كل مكان، اللهم انصرهم واجعل رايَتَهُمْ فوق كل راية، يا أرحم الراحمين.
- اللهمَّ آمِنًا في دُورِنا، وأَصْلِح أئمتنا وولاة أُمُورِنا، ودُلَّهم على الرَّشادِ وَوَفِّقْهم اللهم بتوفيقك. اللهم دلهم على الرشاد، وباعد بينهم وبين سُبُل أهْل البَغْي والفَسَادِ، يا أكرم الأكرمين.
- اللهم إنا نسألك أن ترفع عن هذه الديار الربا والزنا وأسبابه، وأن تدفع عنها الزلازل والمحن، وسوء الفِتَن ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ، يا رب العالمين.
- اللهم اجعل بلادنا هذه آمنة مطمئنة، وعَيْشَها رَغَدًا، ودِينَها خَيْرَ دِينِ، ومُنَّ على أهلها بِشُكْرِ النِّعَمِ، يَا أكرم الأكرمين. اللهم إنا نسألك صلاحًا فينا جميعًا، لا يُغَادِر منا أحدًا.
- اللهم أصلِحْنا وَأَصْلِحْ ذَرَارِيَّنَا وَأَهْلِينَا، وَأَعْقِبْنَا فيهم خيرا، يا أرحم الراحمين اللهم إنا نسألك أن تُوَفِّقَنا لتوبة نَصُوح قبل المَمَاتِ تَرْضَى بها عنا، وتُكَفِّر بها عنا من سيئاتنا، يا أرحم الراحمين.
عِبادَ الرَّحمن ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[النحل]، فاذكروا الله العظيم الجليل يَذْكُركم، واشكروه على النِّعَمِ يَزِدْكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت].
وأقِـم الصَّـلاة..
كانت هذه -يا عباد الله- خطبة يوم الجمعة حول حقوق العمال والخدم والمتعاقدين. أعتقد أنها تُمثِّل أهمية كبيرة خاصَّة بهذه الفِئات الثلاث الذين قد نجد أن حقوقهم مهظومة في كثير من المجتمعات المسلمية؛ لذا، فهذه الخطبة بمثابة ناقوس خطر وجرس إنذار يدوّي في قلوب وعقول المسؤولين عنهم.
أيضًا، هذه خطبة تهز القلوب مكتوبة — بعنوان: سل الله العافية. نسأل الله ﷻ أن ينفعنا وإياكم بكل الخطب والدروس والمواعظ التي نوفرها لكم عبر موقع المزيد.كوم.