يُقال دومًا “لا خير فينا إن نسينا”؛ واليوم، وفي خطبة عن حرب أكتوبر المجيدة، نُذَكِّركم بهذه الملحمة التاريخية الكبيرة في التاريخ المصري خاصَّة والعربي والإسلامي عامّة. كيف لا وهي تلك الحرب التي استرَد فيها المصريون الأرض التي سُلبَت والعِزَّة والكرامة التي اعتقد البعض انها اهتزَّت!
اليوم، خطبة جمعة مكتوبة عن حرب السادس من أكتوبر لعام 1973 ميلادية، لفضيلة الشيخ إبراهيم المرشدي الأزهري؛ بنظرة على أهم جوانبها ووقفاتها.
مقدمة الخطبة
الحمد لله رب العالمين، أحمده ﷻ حمد الشاكرين ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، حمدًا يستجلب المخزون من نعمائك، ويستلطف المكنون من آلائك، حمدًا يرضيك عنا فترضى.
ونشهد جميعاً أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا نِد له، ولا ولد ولا والد ولا خليط ولا شريك لأن الواحد هو الله.
ونشهد أن سيدنا ونبينا، وحبيبنا وعظيمنا وشفيعنا وقائدنا محمدًا رسول الله، نبي الهدى وبحر الندى وأفضل الخلق جودًا وأكرمهم يدا.
غرامي بمن لم يخلق الله مثله
وليس حبيب منه اتقى ولا أنقى
هو النبي الهاشمي محمدٌ
وأحمد من محمود أسمائه اشتقا
له صفة ما حدها قط واصف
ويكفيك أن البدر من اسمه اشتقا
ويكفيك أن الله كمل حسنه
كذا منه كمل الخلق والخلق
ويكفيك أن الله كمل نوره
وسماه أحمد قبل أن يخلق الخلق
ويكفيك من صلى عليه مرة
عليه يصلى عشرة ثم لا يشقى
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
الخطبة الأولى
أما بعد فيا أيها المؤمنون إن الهجرة النبوية المشرفة حدثٌ من الأحداث العظيمة في تاريخنا، وفي هذه الخطبة سنتحدث عن حدثٍ آخر، هو حدث جليل ألا وهو أن أناسًا من هذا الشعب الكريم، من هذا البلد المعظم قد ضحوا ضحوا بأرواحهم، ضحوا بأنفسهم، ضحوا بحياتهم لأجل الدفاع والحفاظ عن حوزة هذا البلد الكريم.
حرب أكتوبر المجيد
بعد أيام يُطالعنا حرب أكتوبر المجيد وأنا أعلم ما في نفوس البعض، بعض الناس أول ما تذكر مثل هذا الحدث يتبرم وكأنه لا يحب أن نتحدث عن مثل هذا، وما الذي يعود علينا؟
ولكن الذي ألفت الأنظار إليه أن كل حدث يقع في تاريخنا، وكل حدث حدث في واقعنا يمثل نقلة عجيبة لو أن أمة الإسلام استفادت من ماضيها في واقعها وفي مستقبلها.
ليست الأحداث التي تمر في حياتنا وتاريخنا تمر من قبيل العبث بل إن الله ﷻ يلفت أنظارنا في القرآن الكريم في عشرات من الآيات ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾.
الحق ﷻ يلفت أنظارنا إلى السير في الأرض، إلى الاعتبار بالماضي، إلى التأمل في الأحداث والاستفادة منها في واقعنا الذي نعيشه.
حرب أكتوبر تاريخ عظيم
إن حرب أكتوبر المجيد يمثل تاريخا عظيما لأمة الإسلام، ويمثل صدى لقوة هذا البلد الكريم لا أقول في هذا الزمن بل على مدار تاريخنا الإسلامي.
أصبح الوطن عندنا مجرد حياة يعيشها الإنسان كريمة فقط، وهذا اختزال لمعنى الوطن، واختزال لفهم الدين.
الصحابة وحب الوطن
ليس الوطن معناه الغلاء والرخاء أبدا، وما عرف ذلك في التاريخ كله إن الصحابة الكرام أكلوا ورق الأشجار من شدة الجوع ومع ذلك إيمانهم عظيم، حبهم لبلدهم قوي.
بلال سحب على الرمضاء تحت الحجارة المتسعرة حتى تسلخت قروحه وجروحه في بلد كـ مكة، ما مكة؟ وما مقامها عند بلال؟
هذا البلد الذي يظلم الدين، يعادي العقيدة، ينال من أجساد المسلمين، ينال من أموالهم وأعراضهم.
سيدنا بلال لما هاجر إلى المدينة المنورة ورفع عنه العذاب ينظر إلى المدينة ويقول: ما أجمل هوائها ولكن هواء مكة أفضل.
انظر للحنين، المدينة عظيمة نعم ولكن مكة أفضل مع شدة ما عانى نعم.
الغلاء والوباء والفقر وما أشبه من العوارض التي تأتي في الأمم وتزول.
إن فرج الله قريب
لو قرأتم في التاريخ يحكي الحفاظ والأئمة من المؤرخين أن مصر في عام 460 هجرية ارتفع ارتفاعًا واسعا ما عُرف في تاريخ مصر منذ عهد يوسف -عليه السلام-.
يذكر أهل التاريخ أن البيضة كانت بدينار، أنت تعرف الدينار يعني كم؟ الدينار معناه أربعة جرام وربع ذهب.
البيضة بلغت دينار، يعني أربعة جرام وربع ذهب، وبعدين زال.
سُنَّة الله التي لا تتبدل ولا تتغير أن دوام الحال من المحال.
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى
ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها
فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
والله فرج الله ﷻ قريب، والله ﷻ حافظ لهذا البلد لا محالة ورافع عنه البلاء والوباء لا محالة لأن الله ﷻ يحب مصر، ورسول الله يحب مصر، والصحابة كانوا يحبون مصر، والسلف وأهل العلم قاطبة كانوا يحبون مصر حتى كانت هي المرقد الأخير لجُل علماء الإسلام من غير المصريين.
هذا موجود في التاريخ لا مجال للذكر فيه، لا مجال للتوسع فيه.
نصر أكتوبر واسترداد الأرض
الذي أود أن ألفت الأنظار إليه أن أهل مصر لما انتصروا في معركة أكتوبر واستردوا جزءا من أراضيهم واستردوا أرضهم وحافظوا على أوطانهم واسترد أهل سوريا فرج الله عن أهلها الكرب استردوا هضبة الجولان كان ذلك بمثابة إحياء للتاريخ القديم الذي أود أن ألفت أنظاركم إليه بعد أن اسمع الصلاة على رسول الله.
مصر عبر التاريخ جندها خير الجنود على الإطلاق في كل زمن وقد نص سيدنا رسول الله على ذلك صراحة والأحاديث في ذلك صحيحة لا كما يزعم البعض أنها ضعيفة، ولم يرد حديث، هذا كذب أصلا، وسأذكر لكم الآن.
لكن أنا أؤكد هذا بواقع التاريخ لتعلموا صدق الكلام النبوي لما تسمعه.
جُند مصر خير أجناد الأرض
الصليبيون اجتاحوا العالم الإسلامي كله، هزموا المسلمين في كل المواقع.
لم يستطيع صلاح الدين الأيوبي مع قدرته الفائقة في الحرب أن يتغلب على الصليبيين إلا بعد أن استعان بجند مصر في معركة حطين.
جند مصر فقط، وما انكسرت شوكة الصليبيين إلا على يد أهل مصر بعد أن كادوا أن يجتاحوا العالم كله.
أعاد الله ﷻ بفضل جند هذا البلد العزة والكرامة لا أقول لمصر بل للمسلمين في كل العالم.
لما دخل التتار البلاد الإسلامية ما تركوا بلدًا على الأرض، واحفظ هذا الكلام، لا يوجد بلد مسلم على وجه الأرض إلا ودخلها الصليبيون حتى الدول غير العربية أي؛ خوارزم، بلاد ما وراء النهر، أفغانستان، ثم دخلوا إلى إيران، ثم دخلوا إلى سوريا والعراق.
فالتتار لما دخلوا بغداد قتلوا مليون مسلم في بغداد، أصدر هولاكو أمرًا بوقف القتل لأن الجثث تملأ الطرق وقد تعفنت، جثث من؟ المسلمين.
دخلوا على مكتبة بغداد وكان بها ملايين من الكتب، ليس في الفقه والتفسير والحديث فقط والطب والهندسة والفلك والفلسفة والأحياء والجيولوجيا كل العلوم.
دخلوا على مكتبة بغداد فلم يسرقوها أو يأخذونها ويننتفعوا بما فيها، لا، بل ألقوها في نهر دجلة حتى سدوا النهر بالكتب.
قالوا: كان الفارس التتري يمر على كتب المسلمين من الضفة إلى الضفة كأنه كوبري موجود.
الكتب ملأت النهر حتى كانوا يمرون على الكتب، ملايين من الكتب ألقيت في نهر دجلة هذه الهمجية والعنجهية من الذي قاومها بعد أن سادت كل العالم ولو تغلبوا على مصر في هذا الوقت ما بقيت دولة مسلمة تدافع عن الدين.
في هذا الوقت كانت مصر متفرقة، ومبعثرة وبها خلافات داخلية وخلافات خارجية.
سيف الدين قطز ومحاربة التتار
وانتدب رجل يُدعى محمود ابن ممدود المشهور بـ “قطز” وجعل يكون جيشًا من أي مكان، لا بد من عمل جيش لنقف أمام هؤلاء الطغاة الذين ملئوا الأرض ظلمًا وجورا.
كون جيشا، وكان من شدته وقوته في الحق قال: لا انتظر حتى يأتون إلينا في مصر بل أنا أخرج إليهم إلى فلسطين.
معركة عين جالوت
وخرج بجيشه في فلسطين وكانت معركة عين جالوت التي كسر الله ﷻ بها شوكة التتار ولم تقم لهم قائمة بعد ذلك.
كان قطز قائداً عادياً جدا، كان مملوكاً يباع ويشترى ولكن كان رجلاً عنده دين، كان عنده حمية، كان عنده غيرة.
العبد المملوك قطز هذا لما مات بكى عليه سلطان العلماء العز بن عبد السلام وقال: رحم الله قطز لو عاش لجدد الله به مجد الإسلام.
فعندما تسمعون كلمة رجل صنع أمة لا تتعجبون، رجل يصنع أمة نعم، رسول الله بنى أمة، عمر بن الخطاب بنى أمة، عمر بن عبد العزيز بنى أمة، محمد الفاتح بنى أمة، صلاح الدين الأيوبي أحيا أمة، قطز أحيا أمة.
وفي العصر الحديث؛ مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا، ماليزيا كانت تموت من الجوع الآن من الدول المتقدمة، رئيس وزراء، فقط.
بالجد والعمل والاجتهاد والتخطيط والتنظيم، رجل يحيي أمة؟ نعم.
جُند مصر… حفظ الله به الدين والوطن
الشاهد من ذلك ما وقف على مدار التاريخ الإسلامي كله جنديًا يدافع عن حوزة الإسلام وحوزة الأوطان بمثل ما قام أهل مصر ولذا قال سيدنا رسول الله كما روى الإمام الطبراني بسند صحيح، «الله الله في قبط مصر، إنكم تفتحون مصرًا فاتخذوا منهم جندا، فإنهم خير جند لكم» وفي لفظ «وخير عون لكم في سبيل الله».
انظر دقة الكلام النبوي «خير عون لكم في سبيل الله» جند مصر، وهذا حديث صحيح.
وروى الحاكم في مستدركه على الصحيحين وصح الإمام الحاكم والذهبي والحافظ السيوطي والحافظ بن حجر والحافظ السبكي أن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال «تكون فتنة أسلم الناس فيها الجند الغربي» يعني جند مصر.
والذي فسر لنا هذا سيدنا عمرو بن الحمق الخزاعي الصحابي الجليل، هو الذي روى الحديث عن رسول الله قال سمعت رسول الله ﷺ يقول «تكون فتنة أسلم الناس فيها أو خير الناس فيها الجند الغربي»، فلذلك قدمت عليكم مصر، الصحابي.
لذلك قدمت مصر، ثم يقولون ما هو جند مصر؟ جند مصر حفظ الله ﷻ به الدين وحفظ به الوطن عبر التاريخ كله، عبر تاريخ أمة الإسلام من أول عهدها معظم الفتوحات التي انتشرت في العالم، الحروب التي دخلها المسلمون مع غيرهم، أول أسطول بحري عرف في تاريخ الإسلام الذي صنعه هم جند مصر في عهد سيدنا معاوية بن أبي سفيان في مدينة عكا، ميناء عكا.
تونس لما فسدت ولم يكن بها شيء يقيم الدولة في عهد عبد الملك بن مروان وكان أخوه عبد العزيز والي مصر، قال: أرسل إلينا مهرة الصناع والهندسة والتجارة والخبرات من أهل مصر فأرسل ألف جندي من المصريين أحيوا بلاد تونس في عهد عبد الملك بن مروان.
اقرءوا التاريخ، لم يعد خير مصر على مصر فقط بل عاد على أمة الإسلام كلها في كل مكان وفي كل زمان.
جاءت حرب أكتوبر لتذكرنا بهذا الماضي يوم أن علت إسرائيل ولم تجد قوة تدانيها ولا أحد يعلو فوقها وأن مصر دولة متخلفة لا يجدون لقمة العيش في هذا الوقت غلب الجند المصري، والله ما غلب بقوة العدد ولا بقوة العتاد، والله ما غلبنا إلا بقوة الإيمان.
دور علماء الأزهر في حرب أكتوبر
وحكى لنا شيوخنا أن الشيخ الشعراوي -رحمه الله- والشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر كانوا يعقدون مؤتمرات مع الجنود قبل المعركة تهيئة، يعدونهم، يذكرونهم بالنصر والشهادة.
فأفتى أحد الشيوخ في مؤتمر كبير والجنود كثر في القاعة أنه يحق لكم أن تأخذوا بالرخصة وأن تفطروا في نهار رمضان فصرخ أحد الجنود بصوت عال لا نريد أن نفطر إلا في الجنة فارتفعت القاعة بالتكبير، الجنود يكبرون، لم يأتي هذا من عبث.
والله قوة الإيمان، بل ما هو أشد من ذلك؟ لكي تعرف اللحمة، اللحمة الوطنية، اللواء فيليب زخاري كان لواءً في الجيش، ورجل مسيحي يقول: صمت على الجبهة لأكون قدوة للضباط والجنود، هو مسيحي أصلا لكنه صام، امتنع عن الأكل والشرب في المعركة كأنه مسلم أصلا.
لم يأتي النصر بعبث وإنما بقوة الإيمان، بإعلاء قيمة الوطن، بأعلام أن هذا واجب وأن هذا دين، ولذلك إذا علم أن هذا وطن ويجب أن ندافع عنه، أن الدين يأمرني بذلك الأنفس تضيع لأجل الله لا شيء في ذلك.
حتى يصرخ الجندي أمام الشيوخ الذين يبيحون له الفطر يقول: نحن لا نريد أن نفطر إلا في الجنة. هذا المثل الكبير العالي شعلة الإيمان كانت موجودة متيقظة.
شيخ الإسلام وشيخ الجامع الأزهر الشيخ عبد الحليم محمود قبلها بأيام يرى رسول الله في المنام وهو يعبر سيناء ومعه بعض الجنود في المنام ويذهب للسادات يبشره بذلك فيزداد اليقين.
ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة
انظر لهذه اللحمة الموجودة، لم يكن أمر عبث هكذا بل كان أمر منظم، مخطط فيه قوة.
وأعلن الرئيس السادات قولته المشهورة “ما أخذ ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”.
الدفاع عن الوطن والدفاع عن الدين والدفاع عن العرض والدفاع عن الكرامة جزء يمثله الجند المصري ويحييه لنا عبر التاريخ ليكون ذلك لنا قدوة رغم ما نمر به من أحداث صعبة، رغم ما نمر به من نكبات، رغم ما نمر به من ظروف معيشية صعبة على النفس إلا أن إعلاء قيمة الدين وإعلاء قيمة الوطن تحتم علينا أن نكون أمة واحدة تعرف حق ربها وحق دينها وحق وطنها عليها.
أسأل الله العظيم أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يشرح صدورنا للحق وأن يهدينا إليه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
وهنا نجِد خطبة: هدي النبي ﷺ في بيان منزلة الشهادة والشهداء
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرا كما أمر، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله سيد البشر، الشافع المشفع صاحب المقام الأرفع، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
نصر أكتوبر المجيد
أما بعد فإن الحديث عن معركة أكتوبر، وعن الجندي المصري وتفانيه في الدفاع عن الدين والوطن شيء لا بد يرسخ في أذهاننا جيدا، وأن نعلم علم اليقين أنها ازدواجية، وليست فردية.
كثير منا يقول حقي، حقك فقط، أنت لك حق وعليك واجب لا بد من أن تقوم به، يوم أن تقوم بالواجب ولا تجد حقك أنت مظلوم.
لكن يوم أن نتكاسل، وأن نهمل، وألا نتقي الله في أعمالنا، وألا يرعى أحد حق الله ولا حق الوطن ولا حق الدين ثم يقول حقي فهو مسرف على نفسه، مقصر في دينه ووطنه.
تلك القاعدة الشهيرة التي أرساها سيدنا رسول الله لما أعد الوثيقة، أن المسلم له حق وعليه واجبات لا بد أن يقوم بها، لا تنظر إلى حقك فقط بل انظر إلى ما عليك من واجب يجب أن تقوم به وإلا فأنت تنظر بنظرة فردية لا نظرة ثنائية منصفة عادلة.
الله يحفظ مصر وشعبها
الذي أود أن أقوله إن الله ﷻ قد حفظ هذا البلد عبر التاريخ، ولعل التاريخ المعاصر والواقع الذي نعيشه يكشف لنا عن جزء من هذا الفضل العظيم الذي أنزله الله ﷻ على أهل هذا البلد.
ما حدث في سائر دول الإسلام، ماذا حل بالأمم هناك؟ قامت الثورات في كل مكان لكن ما هي البلد التي حفظها الحق ﷻ أن تجتاحها الفتنة كما اجتاحت تلك البلاد؟
فكروا بقلوب صافية، دعوا الأحزاب والنيات البعيدة عن الواقع وعن التدين جانبًا، كن منصفا مع نفسك، ما الذي حفظ الله ﷻ مصر؟ لماذا مصر بالذات؟
قامت الحرب في سوريا، وتعلمون ماذا يفعل إخواننا السوريون في كل مكان؟ ماذا فعل بليبيا وتونس والجزائر؟ ماذا فعل بهذه البلاد عندما قامت فيها الثورات؟ وماذا فعل ببلادنا؟ لما أصدر الحق ﷻ أمره بأن يحفظ هذا البلد.
نعم حدثت فتن، وماتت أناس ظلم من هنا ومن كل مكان إلا أن الحق ﷻ أعلى كلمته بحفظ هذا البلد.
قد نمر بنكبة، بشيء من الصعوبة، بشيء من صعوبة العيش ولكن اعلموا أن الله حافظ مصر.
وكان سيدنا كعب الأحبار التابعي الجليل، كان يقول: لولا الشام لسكنت مصر.
فسألوه: ولما يا أبا إسحاق؟
قال: أهلها معافون من الفتن، ومن أرادهم بسوء كبه الله على وجهه، وأهلها أهل عافية.
نسأل الله ﷻ أن يحفظ بلادنا، ونسأل الله ﷻ أن ينصر الإسلام وأن يعز المسلمين في كل مكان.
وفي نفس السياق نجِد هاهُنا خطبة عن الثقة بالله ﷻ.. مع أجمل القصص المؤثرة للأنبياء والصالحين
الدعاء
- نسأل الله ﷻ أن يجملنا بستره وحفظه. ونسأل الله ﷻ أن يردنا إلى دينه مردًا جميلًا.
- اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا حنان يا منان، يا حي يا قيوم اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد.
- اللهم إنا نسألك علما نافعا، وقلبا خاشعا ولسانا ذاكرا، وعملا متقبلا، ويقينا صادقا، وجسدًا على البلاء صابرا.
- اللهم على طاعتك أعنا، ومن شرور خلقك سلمنا وعلى الصراط المستقيم ثبتنا.
- اللهم لا نضام ولك الأمر ولا ننكشف وأنت الستار ولا نعذب من نار وأنت الغفار.
- اللهم استر عيوبنا أجمعين، اللهم توفنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين.
- اللهم احفظ بلادنا من كل سوء، اللهم ارفع عنا الغلاء والبلاء والمرض والوباء.
- اللهم إنا نسألك يا ربنا أن تحفظنا من كل سوء ومكروه.
- اللهم إنا نسألك يا ربنا أن توفق ولاة أمورنا لما فيه خير البلاد والعباد.
- اللهم وفق الراعي والرعية، اللهم وحد بين صفوف الأمة الإسلامية.
- اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وأقم الصلاة.
وبعْد؛ فقد قدمنا لكم -إخواني- خطبة عن حرب أكتوبر 73؛ تلك الملحمية العظيمة في التاريخ العربي والإسلامي. نترككم مع مقترحنا الأخير في صفحتنا هذه، وهي خطبة عن حسن الظن بالله ﷻ. نسأل الله الكريم العظيم ﷻ أن ينفع الجميع بما نقدمه لكم من محتوى.