عناصر الخطبة
- العزة الحقيقية المطلقة لله وحده لا شريك له وهي عزة الملك والبقاء والكبرياء.
- عزة الرسول ﷺ هي عزة القوة والثقة وعزة الظهور على الأعداء.
- عزة المؤمنين مقترنة بالعزة لله ورسوله ﷺ وهي وسام رباني عظيم يدعونا لتحقيق العبودية لله وحده.
- سيدنا يونس –عليه السلام– حقق العبودية لربه سبحانه بالدعاء في ظلمات ثلاث فليكن دعاء المؤمنين في ظلمات الفتن والمحن هذه الأيام.
الخطبة الأولى
إن الله ﷻ خلق الإنسان في أحسن تقويم، وكرم بني آدم أعظم تكريم، وقد خص المؤمنين بخصوصية العزة والمنعة فجعل عزتهم مقترنة بعزة الله العزيز الحكيم وبعزة.
رسوله الكريم ﷺ الذي أعزه بإعزازه على الخلق أجمعين وجاءت عزة المؤمنين بإيمانهم بربهم سبحانه ولأنهم أتباع رسوله ﷺ ولذلك جعل الله المؤمنين.
(أعزة على الكافرين) يغالبونهم وينتصرون عليهم إذا حققوا الإيمان في نفوسهم، وجيل الصحابة رضي الله ﷻ عنهم هو الجيل الأنموذج في تاريخنا المجيد.
لقد أيقن المؤمنون أن الاعتزاز بدينهم وباتباع رسولهم ﷺ هو العز الثابت الدائم لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من اعتز بالعبد أذله الله» ← أخرجه أحمد.
وقال ﷻ ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: 10]
عباد الله: لقد أقام النبي ﷺ أمّة قوية عزيزة تدعو إلى الله ﷻ وإلى الحق والعدل لا تأخذها في الله لومة لائم، ولا استكبار معاند، جمع تحت لوائها الأحمر والأسود والأبيض، وانضوى تحت رايتها الحبشي والرومي والفارسي والقرشي، كلهم سواء لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بالتقوى، وجعل نداءه وشعاره على المآذن كل صلاة (الله أكبر) فالله أكبر من كل شيء، وكل متجبر أمام قوته سبحانه ضعيف، فالمؤمن المتعلق بربه، يتوكل على ربّ قوي عزيز، ولا يجبن أو يخور أو يخاف مهما أصابه من هم أو غمٍّ او تعرض لظلم، قال ﷻ ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ آل عمران: 139، وهذا هو عزّ الإسلام الحقيقي، قال ﷻ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: 10]
إن العزة للمؤمنين شرف عظيم ومرتبة رفيعة يجب تحقيقها في حياتنا لتحقيق الأمن والأمان لأن المؤمنين هم الأحقاء بذلك لأنهم أتباع الرسول ﷺ الرؤوف الرحيم.
قال ﷻ: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} التوبة: 128/129
فالأمة الإسلامية عزيزة تجمعها الأخوة الإيمانية وتتعاون على البر والتقوى وتدافع عن حقوقها وتذود عن حياضها يقول ﷺ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» ← متفق عليه.
ومن المفيد أن نفقه معشر المؤمنين أن المنافقين لا يعلمون مواضع العزة، ولذلك صاروا مذبذبين بين المؤمنين والكافرين، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ولذلك نالوا جزاءهم عند ربهم قال ﷻ: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) النساء 145، لأنهم تخلوا عن عزة الإيمان، وبحثوا عن عزة الناس التي ظنوا أنها تنجيهم من عذاب الله ﷻ.
عباد الله: إن عزة الإيمان تجعلنا قادة الأمم في الدنيا، وتجعلنا الشهود على الأمم يوم القيامة قال رسول الله ﷺ «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» ← صحيح البخاري.
إن كل ما يطلبه الإنسان من عزة سوى العزة بالله ورسوله ﷺ هي عزة زائفة لا تدوم لقوله ﷻ (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ) سورة ص: 2.
قال الإمام الاوزاعي: من طلب العزة بطاعة الله رفعه الله وأعزه ومن طلبها بمعصية الله أذله الله.
يقول سعيد ابن المسيب رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «مَنِ اعْتَزَّ بِالْعَبِيدِ أَذَلَّهُ اللَّهُ» ← رواه احمد في كتاب الزهد واورده السيوطي في الجامع الصغير.
والله ﷻ جعل عزة المسلم في القرآن الكريم فقال ﷻ: (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُون).
هذا وقد كرم الله الانسان المسلم وجعل حرمة دمه أعظم عند الله ﷻ من حرمة الكعبة.
⬛️ وهنا خطبة: إرهاصات النبوة وبشاراتها – مكتوبة
الخطبة الثانية
عباد الله: عزة المؤمنين فرع مبارك من أصل عظيم وهي ثمرة من ثمرات الإيمان بالله وبرسوله ﷺ، فأكثروا من ذكر الله ﷻ ومن الصلاة والسلام على رسوله ﷺ تنالوا العزة في الدنيا، ومقعد صدق عند الله في الآخرة وأكثروا من دعاء سيدنا يونس عليه السلام (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فإنه من أسباب عزة المؤمنين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين.
والحمد لله ربّ العالمين..