نلتقي أيها الأحِبَّة مع خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا عن الجاه؛ أو يُمكنك تسميتها «وجيها في الدنيا والآخرة» كما جاء في كتاب الله عزَّ وجَل. نتمنَّى أن تُثري ذاكرة ومعلومات ومواعِظ أئِمَّتنا وخطبائنا.
مقدمة الخطبة
الحمد لله قاسم النعم والهبات، مفيض العطايا والبركات، وأشهد أن لا إله إلا الله {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}، وأشهد أن محمدا رسول الله، المبعوث بمكارم الأخلاق وأنوار الهدى ﷺ ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى.
أما بعد، فاتقوا الله -عباد الله- يزدكم، ويزككم ويعلمكم {واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم}.
الخطبة الأولى
أيها المؤمنون: لو نظر الإنسان إلى نعم الله من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وشماله، لرأى عجبا عجابا من النعم، لا يمكن إحصاؤها ولو اجتمعت على ذلك الإنس والجن، وتتجلى الحقيقة القرآنية الكبرى في كل زمان ومكان {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم}، وأمام تلك الكثرة الكاثرة من النعم يرى القلب الذي يفقه تجليات اسم الله الغني، فيفيض القلب إيمانا وهدى، يظهر أثره على أقوال الإنسان وأفعاله، وحركاته وسكناته؛ فيكون من {الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}.
يا أيها الذين آمنوا: لقد قسم الله رحمته بين العباد، وجعل نعمه موزعة بين الخلق، قسمة يقوم عليها نظام الكون، وتوزيعا يستقيم به الوجود، فعند هذا تجد العلم، وعند ذاك تجد الصناعة، وعند آخر تجد المال، وعند رابع تجد الرأي، وعند خامس تجد قوة البدن، وعند سادس تجد المنصب والمسؤولية، وهذه النعم التي يختص بها ربنا جل جلاله من يشاء من عباده مؤديات إلى الجاه، وإذا كان المال ملك الأعيان، فإن الجاه ملك القلوب.
فتجد صاحب الجاه موقرا عند الناس، مسموع الكلمة، يقدمونه عليهم، ويأخذون برأيه، ويقتدون به، ويقصدونه في حاجاتهم، وكثيرا ما يكون مسموع الكلمة عند من جعلت عنده الحاجات، فترى ذلك الوجيه ساعيا في حاجة الناس، ييسر على معسرهم، ويفرج كربهم، ويعين محتاجهم، ويخفف عن مصابهم، ويصلح ذات بينهم، فيقوم بالعمل الذي تنوء به العصبة أولو القوة؛ وذلك من عون الله له؛ فإن {الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه}.
أيها المؤمنون: إن أهل الجاه الذين أثنى الله عليهم طاهرة قلوبهم، نقية أعمالهم؛ فهم لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، فقد نفى الله عنهم إرادة ذلك لا فعله، ومن كان لا يريد علوا في الأرض ولا فسادا، كان من باب أولى بعيدا عن فعله، ولذلك كان جزاؤهم {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}.
عباد الله: إن الوجاهة مع الإخلاص صفة جعلها الله في أنبيائه، وخص بها طائفة من أوليائه وأصفيائه؛ فقد ذكر الله بها نبيه موسى -عليه السلام- فقال عنه {وكان عند الله وجيها}، وذكر بها المسيح عيسى ابن مريم، فقال عنه {وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين}، وآثار هذه الصفة من الخلق العظيم الذي وصف الله به نبيه محمدا ﷺ بقوله {وإنك لعلى خلق عظيم}.
فإن من آثار الخلق الحسن استقامة القلب، وصدق القول، وزكاء الفعل، وعون الخلق، طلبا لمرضاة الحق، فقد {ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة}، وليس هناك شيء أعظم بركة على الإنسان من فعل الخير وبذله، والخير ملازم للإنسان ما بقي الإنسان عليه، وقد قيل: الخير ألوف عزوف، ولن يفارق صاحبه حتى {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم}.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله ﷺ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه.
أما بعد، فاتقوا الله -عباد الله-، وليقم كل واحد بحق النعمة التي أنعم الله بها عليه، فلكل نعمة زكاة، وزكاتها هو الشكر، والشكر استعمال النعمة في مراد المنعم، فزكاة العلم تعليمه الناس والعمل به، وزكاة المال بذله في وجوه الخير، وزكاة الجاه السعي في منفعة العباد، وزكاة حسن الرأي تقديمه عند الحاجة إليه.
فإن كل صاحب نعمة مسخر للآخر تسخيرا تبقى به الحياة، ويستمر به الوجود، وتعمر به الأرض، ويحصل به النفع، وقد صور القرآن الكريم كل هذه المعاني العظيمة في كلمات معدودات فقال {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ۗ ورحمت ربك خير مما يجمعون}.
هذا، وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم بذلك حين قال {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.
الدعاء
- ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
- اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام.
- اللهم أعز الإسلام واهد المسلمين إلى الحق، واجمع كلمتهم على الخير، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.
- اللهم اغفر لكل من آمن بك، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.
- اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
- اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك.
- اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.
خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا
ألقى الكثير من المشايخ الأجِلاء العديد من خطب الجمعة؛ مثل الشيخ محمد حسان والعريفي والنابلسي وغيرهم. بشكل شخصي تأثَّرت كثيرًا وأتذكر خطبًا لطالما علقت في ذهني من قوَّتها، مثل فتنة النساء للشيخ محمد حسين يعقوب، أو خطبة عن حادثة الإفك للشيخ محمد احمد سليمان.
هنا أيضًا نقدم لكم خطبة جمعة مكتوبة مؤثرة جدا عن الجاه؛ ونسأله -جل شأنه- أن تنتفعوا بها. كما يمكنكم طلبها بصيغة PDF إذا رغبتم، وسنعمل على تلبيتها لكم.