عُدنا لنواصل الحديث حول هذا الأمر وذلك الموضوع بشكل أوسَع وأكثر عُمقا. نعم، فلدينا الآن خطبة جمعة مكتوبة وجاهزة؛ تحت عنوان: تربية الأبناء من أهم واجبات الآباء. وأعتقد أنكم عرفتم جيدًا فحوى خطبتنا من عنوانها؛ لكِني أدعوكم اليوم لتطَّلعوا على كامل محتواها لتجدوا كل الخير إن شاء الله ﷻ.
مقدمة الخطبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا مَن يهده الله فلا مُضل له ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ [النساء].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب].
ثم أمَّا بعد.. فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله ﷻ، وأحسن الهَدي هَدي سيدنا محمد ﷺ، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكل محدثةٍ بدعة.
الخطبة الأولى
أمَّ بعد.. أيها المؤمنون: لقد رغب الإسلام في طلب الأولاد، وذلك لما يحصل بهم من الخير والنفع العظيم في الحياة وبعد الممات، فالولد الصالح يدعو لوالديه، ويترحم عليهما بعد مماتهما، فينفعهما ذلك، وترفع درجاتهما بسبب دعاء الأولاد، ففي صحيح مُسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إذَا مَاتَ ابن آدم انْقَطَعَ عَمَلُهُ مِن الدنيا إلاَّ مِنْ ثَلاَث: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»، قال العلماء: إن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثوب له، إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه سببها، فإن الولد من كسبه.
ومن محاسن الأولاد أنهم ماتوا قبل آبائهم فصبر الآباء واحتسبوا أثابهم الله ﷻ على ذلك، فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله: «إذا مات ولد العبد قال اللهُ ﷻ لملائكتِه: قبضتم ولدَ عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقولُ: قبضتم ثمرةَ فؤادِه؟ فيقولون: نعم، فيقولُ: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمَدك، واسترجع، فيقولُ الله ﷻ: ابنُوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ، وسمُّوه بيتَ الحمدِ» رواه الترمذي وابن حبان.
الأولاد نعمة عظيمة يمنّ الله ﷻ بها على الوالدين، فبهم تقرّ أعينهم، وبهم يأنسون في حياتهم، إذا أحسن الوالدان تربيتهم وتنشئتهم.
وقد يكونون مصدر شقاء وتعاسة للوالدين في الدنيا والآخرة، فكم أب وأم في تعاسة وشقاء وحزن وشدة عيش بسبب أولادهم، قال الله ﷻ: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥)﴾ [التغابن]، وقال عن سبب قتل الخضر عليه السلام لذلك الغلام: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (٨٠) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (٨١)﴾ [الكهف]. فالأبناء ابتلاء وفتنة كالمال قد يُنجيان صاحبهما أو يوبقانه.
هذا وقد شرع الله في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ للأطفال حقوقًا وجل على الولدين رعايتها حتى قبل أن يخلقوا ومن أهمها:
- اختيار الأم.
- والتسمية الحسنة.
- والعقيقة.
- والرضاعة الطبيعية.
- التربية الصالحة.
أما أهم حقوقه وأوجبها وآكدها على الوالدين فهي:
التربية الصالحة
أيها المؤمنون، إن الإسلام يُحمِّل الأبوين مسؤولية التربية لأولادهم، يقول رسول الله ﷺ: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ» أخرجه البخاري ومسلم. فكل مولود يولد على الفطرة وعلى الإيمان والتوحيد والحق والخير والفضيلة والنفور من الباطل والشر والرذيلة، فلا يولد أحدٌ يهوديًا ولا نصرانيًا، ولا فاسقًا ولا منفاقًا، إنما يوجهه إلى ذلك أبواه ومربوه، وأهله وجيرانه، وأصحابه ومعلّموه. إن مهمة تربية الأولاد مهمة عظيمة، خصوصًا في هذا الزمن الذي تَلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدَّت غربة الدين وكثُرت فيه دواعي الفساد، حتى صار المُربِّي مع أولاده كراعي الغنم في أرض السّباع الضارية إن غفَل عنها أكلتها الذئاب.
ومع ذلك أيها المسلمون: إن الناظر في حالنا يرى خللًا عظيمًا في تربية الأولاد، واستقالة جماعية للآباء من هذه المهمة التي وكلت إليهم، بل إن الكثير منهم يحتاجون إلى تربية أكثر من أبنائهم، لذا فقد انتشر الفاسد والانحراف في أوساط المسلمين، انتشار النار في الهشيم، وملأ بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا وأسواقنا، فأقبل أولادنا على الحرام، شأن البهائم والأنعام، فلا إيمان يردّهم، ولا عقل يردعهم، ولا قوة تمنعهم، بل جنّدت طاقات وقوى عظيمة، ووسائل خبيثة تدعو إلى الفساد وتُزيّنه، تدعو إلى الكفر والإلحاد، والانحراف والشذوذ، والدعارة والمخدرات والخمور تحت أسماء كاذبة وشعارات جذابة. لقد كثرت معاول الهدم، وندرت وعدمت أيادي البناء، فاتسع الخرق على الراقع، فإلى الله المُشتكى.
إن الكلام عن تربية الأبناء معاشر الآباء، يوجب علينا أن نُباشر تربية أولادنا مباشرةً دون وساطةٍ، بحيث نعلم مدخلَهم ومخرجَهم، ونعلم أين يذهبون، ومن يُصاحبون ويُصادقون، وماذا يفعلون.
والواقع: إن كثيرًا من الآباء والأمهات شُغلوا عن أبنائهم وبناتهم، فلم تَعُد لهم أوقات يجلسون فيها مع عائلاتهم، يسألون عن أخلاقهم وأحوالهم، ولكنهم يهتمون في الغالب بمن يمرض فيداوونه، وبمن يجوع فيُشبعونه، وغاب عنهم أنهم في هذا الاهتمام يخدمون الجسم، ويهملون النفس والقلب والروح.
عباد الله، إن أولادكم أحوج إلى التربية والتزكية والرعاية منهم إلى الطعام والشراب والدواء، وأفضل ما يقدمه الوالدان والمربون لأولادهم هي التربية والتأديب، قال رسول الله ﷺ: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ مِنْ نُحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ» أخرجه الترمذي.
لكن مهما يكن فينبغي علينا أن نذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، فهذه نصائح تربوية ينبغي علينا مراعاتها والعمل بها على حالنا ينصلح، وكسرنا ينجبر:
اغتنام مرحلة الطفولة في التربية
فمن الأمور المهمة أن يغتنم الأبوان مرحلة الصغر والتأثر، لأن الولد في هذا السن صفحة بيضاء.
إن الغصون إذ قومتها اعتدلت
ولا يلين إذا قومته الخشب
فمثلًا ينبغي تعويد البنات على اللباس المُحتشم وعلى الحجاب الشرعي لكي يعتادوا عليه ولا ينفروا منه، ومنه نعلم أن ما نراه من ألبسة فاضحة تُلبس للأطفال من الأمور التي ينبغي الابتعاد عنها وأنا بكلامي هذا أقصد الصغار بنات ثمان وعشر سنين أما من بلغت سن التكليف فذاك شأن آخر أشرنا إليه سابقًا؛ ولعل بعضكم يعجب ويقول إن هذا لتشدد وتَزمت فأقول لا بل هذا العقل والتربية، أرأيت السرقة والكذب أو لأن الطفل صغير نتركه يفعل ذلك كلا بل يجب زَجره.
تربية الأولاد على الصلاة
قال رسول الله ﷺ: «مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنِينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشرِ سِنِينَ، وفَرِّقُوا بينهم في المضاجعِ»، مروا أولادكم بالصلاة إذا بلغ الابن سبع سنين وبلغت البنت سبع سنين، فالله سائلك يوم القيامة هل أمرته بالصلاة، وليتعلقن الابن بأبيه بين يدي الله في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، يقول: يا رب ما أمرني بالصلاة، يا رب تركني نائمًا، يا رب ما أمرني بطاعتك.
فإن الصلاة ركن الإسلام وأكبر دعائم التربية، فينبغي على الوالد أن يجتهد ولو لسنوات كي يغرسها في أبنائه، فإنه لا يتصور أن ابنًا بدئ بتعليمه وأمره بالصلاة وهو في السابعة أن يكون تاركًا لها وهو بالغ ابن خمسة عشر سنة، وما نراه من ترك للصلاة من أهم أسبابه عدم تأدية الوالدين لواجبهم في ذلك، لذا عليك أمر أبنائك بالصلاة وغرسها في نفوسهم بكل الطرق المتاحة المشروعة ولو بالضرب الخفيف، واصطحابهم إلى المساجد، وحضور دروس الفقه والعلم وتعليمهم آداب المساجد، فإن صغار اليوم كبار بعد وقت يسير.
وأساس ذلك هو الصبر والمصابرة، وانظر إلى وصية الله لنبيه ﷺ: قال ﷻ: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ (١٣٢)﴾ [طه].
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكها أنت وليها ومولاها.
بارك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه حقًا وتوبوا إليه صدقًا إنه التواب الرحيم.
وهنا كذلك.. خطبة: الغضب وآثاره السلبية على الفرد والمجتمع
الخطبة الثَّانية
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)﴾ [الأنعام]، و﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (٦٢)﴾ [الفرقان]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها المسلمون، ومن الوصايا التي يؤكَّد عليها خاصة في مثل هذا الوقت:
ضم الولد لحلقات تعليم القُرآن في كل وقت خاصة في العطل: فإنه من غير المعقول أن يبلغ الولد سن الرشد وهو لا يحفظ جزءًا ولا حزبًا من القُرآن يصلي به صلواته، وينبغي تنشأ هذه الحلقات في كل مكان في المساجد وغيرها، وعلى أهل الخير المساهمة في ذلك بكل ما يستطيعون ففيها خير كثير.
تربية الأولاد على الأخلاق الحسنة، وتنفيرهم من الرذائل: وغرس الروح الدينية في نفوسهم، وتنشئتهم على المخافة من الله ﷻ، فإن ذلك سبب لاستقامتهم، وعلى الوالدين أن يُشربا الأولاد حب الله وحب رسوله.
ومن ذلك أن يجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السُم الناقع، فمتى سُهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة، وحرمه كل خير.
ومن أسس التربية؛ التربية بالقدوة: وهذا بألا يرى الابن في سلوك أبويه ما يُخالف النصائح التي سمعها منهما، حتى تكون ثمرة التربية مُجدية نافعة. أما الازدواج الذي يقوم بين ما يقوله الآباء وبين ما يسلكون، فهو من أكبر أسباب الانحراف التي تُفسد الناشئة وتجعلهم يشُكُّون في القيم والمُثل العليا كلها. وكما قال القائل:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
فيا أيها الأب والأم الكريمين: إنَّ أولادك مرآة يعكسون أخلاقك وأعمالك، إن رأوك تُعظم الله وتخافه عظَّموا الله جَلَّ وعلا، وإن رأوك تخشى الله وتتقيه خَشَوا الله واتقوه في أعمالهم بتوفيق من الله، إن رأوك ذا محافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، إن رأوك على هذه الصفة تأسَّوا بك فحافظوا عليها، إن رأوك مُعظمًا لأبيك وأمك فإنهم سيُعاملونك كذلك، إن رأوك تُجالس ذوي التقى والصلاح بعيدًا عن أهل الإجرام والإفساد نفروا من تلك الشلل الفاسدة والمجتمعات الآسنة، إن رأوا منك كلمات طيبةً وألفاظًا حسنة كانت ألفاظهم كذلك، وإن سمعوا منك السِّباب واللعان والقُبح والفُحش في الأقوال سمعت منهم مثل ذلك وأشدّ.
ووصية أخيرة لم يوصي بها الأوائل لكنها الآن من آكد الوصايا وأخطرها وهي:
لا تجعل بيتك أفسد لولدك من الشارع: كيف ذلك؟ بأن تُيسر له مشاهدة الخلاعة والأفلام والمسلسلات التي تدعو إلى كل فجور وفسوق، بل ينبغي عليك مراقبة ذلك على الأقل، فكيف ننتظر الخير من فتاة مُدمنة على مشاهدة المسلسلات التركية والهندية وغيرها القائمة على تمجيد الزنا والخيانة والعهر والفجور بمسمى الحب، فكل طرق وسُبل التربية ستتبخر مع هذا الفساد الذي يملأ بيوتنا، وتذكروا قول الله ﷻ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦)﴾ [التحريم].
هذه توجيهات سريعة تستضيء بها في تربية ولدك وفلذة كبدك، فأرع يا رعاك الله لها سمعك وأحضر لها قلبك، وتحتاج إلى المزيد المبثوث في كتاب الله ﷻ وسنة نبيه ﷺ وكلام أهل العلم والتربية، ولكن مع ذلك كله ينبغي للعبد أن يُعلق أمله بالله ﷻ وحده في صلاح ولده وليدعه ويلح عليه في الدعاء فإن القلوب بيده يُقلبها كيف يشاء. فهؤلاء أنبياء الله وخيرته من خلقه يسألون الله لذريَّتهم الصلاح والهداية، قال ﷻ عن الخليل عليه السلام وهو يدعو ربَّه بتلكم الدعوات: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (٤٠)﴾ [إبراهيم]، أي: اجعل من ذريتي من يُصلي ويُزكي، وها هو زكريا عليه السلام يُنادي ربه قائلًا: ﴿قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [آل عمران: ٣٨].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
إلى هنا إخواني؛ وصلنا إلى نهاية صفحتنا هذه، والتي قدَّمنا لكم من خلالها خطبة جمعة مكتوبة؛ بعنوان: تربية الأبناء من أهم واجبات الآباء. والتي ألقاها فضيلة الشيخ مراد بن صالح براهمي -جزاه الله خيرا-. وأقترح عليكم مواصلة تلقي المزيد، وذلك عبر الاطلاع على خطبة عن تربية الأبناء والعمل على إصلاح أحوالهم. وفَّقكم الله ﷻ.