حدّد موقع أوقاف أونلاين خطبة الجمعة القادمة إن شاء الله تعالى وجعلها بعنوان تنظيم النسل قضية أخذ بالأسباب الشرعية. حيثُ ارتأت الوزارة أن هذا هو الوقت المناسب للحديث عن هذه القضية، التي لطالما تُثير جدلاً واسِعًا بين مؤيدٍ ومُعارِض.
والحقيقةُ أنَ الأئمةَ همْ صوتُ الدعاةِ على المنابرِ، فكيفَ سيتناولُ خطيبُ هذا الأمرِ.. تُرى أسيكونْ منْ وجهةِ نظرِ الدولةِ “المؤيدِ” أمْ سيكونُ منْ وجهةِ نظرهِ الخاصة “خاصةً إنَ كانَ رافضًا ومنْ الفريقِ الغيرِ مجيزٌ للأمرِ” !!
تنظيم النسل قضية أخذ بالأسباب الشرعية
في لِقاء مُتلفَز مع ا.د شوقي علّام، مفتي الديار المصرية، سُئِلَ عن تنظيم النسل، وهل هناك تعارُض مع مشيئة الله -تعالى- وفكرة التوازن بين التنمية والزيادة المُضطرَدة في زيادة عدد السُّكان والمشقة والحاجة.
فقال “علّام”، هذا التوازن أخذناه من قول الله سبحانه وتعالى “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا”. فعِند النظر إلى قول الإمام الشافعي تلحظ هذا المعنى. حيثُ قال في قوله تعالى يقول “ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا”. أي ألا تكثر عيالكم فتفتقروا.
فكأنه ربط قضية كثرة العدد بالافتقار، ونحن كمجتمع بكامله، أمام موارد موجودة ومحدود -حتى التوسع في إيجاد مواد أكثر يحتاج إلى مجهود أكبر ويحتاج إلى أموال ويحتاج إلى نفقات- فأنت أمام هذه المسالة فلابد من اتخاذ إجراءات مُعيّنة. هذه الإجراءات تجعل النمو السكاني متوازن مع قضية النمو الاقتصادي. بحيث يعيش هذا الإنسان عيشه كريمة ويكون قويّا وليس مجرد وجود العدد الكثير.
ويتصوَّر بعض الناس أيضًا أن الكثرة مأمور به شرعًا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم “تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة”. فكأنّهُ أخذ أن الكثرة هنا داخلة في حيز الأمر، وأن عدد الأولاد الكثير هو الأولى. لكن لماذا تقرأ هذا الحديث وتترك الحديث الآخر عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت”.
فلابُدّ من قراءة شاملة للنصوص، حتى تكتمل الصورة. فلا نأخذ هذا الحديث وحده ولا هذا الحديث وحده. فكأنّنا نقول بأن الكثرة المأمور به شرعًا حيث تكون قوية وحيث تكون مؤدية لدورها الحقيقي في المجتمعات. وإلا أصبحنا غثاء كغثاء السَّيل، ليس لنا قيمة.
الآن أمام هذه الكثر الكبيرة جدًا في عدد السكان وفي عدد المسلمين على مستوى العالم.. هل نحن الآن أمام قوة بشرية يحسب لها حساب ومأخوذه في العلاقات الدولية ويكون القرارات الدولية محسوب فيها عدد المسلمين.. أم نحنُ غثاء كغثاء السَّيل؟
أنا أنظُر “شوقي علّام يتحدّث” أننا أصبحنا في كثرة ليست لها قيمة وليست مؤثرة في الحقيقة. والإ فإن أُممًا من غيرنا العدد في قليل ولكنها يُحسَب لها ألف حساب، ولها تأثير في العلاقات الدولية والاقتصادية على مستوى العالم على غير ما نحن عليه تمامًا.
ولذلك، نحن نقول بأنه يمكن -بل قَد يتحتَّم- بلزوم اتخاذ إجراءات تؤدي إلى نمو سكاني يتلاءم ويتواءم ويتناسب مع النمو الاقتصادي.
موضوع خطبة الجمعة القادمة
كان هذا الخطاب تنشيطًا لذاكرتك حول رأي المُفتي في القضية. لكن ماذا سيكون رأيك أنت على المِنبر.
تُلزِم الأوقاف الخطباء بموضوع معيَّن بعنوان مُحدَّد، وذلك في إطار اتخذته منذ وقت سابِق لتوحيد خطبة الجمعة.