أيها الأحِبَّة؛ بمناسبة بمناسبة مولد الحبيب المصطفى ﷺ، وفي هذا الشهر المبارك؛ نوفر لكم هنا خطبة جمعة قصيرة ومتميزة جدًا. هذه إلى الأئمة والخطباء الذين لا يملكون الكثير من الموقت المتاح لهم على المنابر لإلقاء خُطَب الجمعة. فهذه الخطبة القصيرة ستفي بالغرض -إن شاء الله-.
بالطَّبع؛ فإن مناسَبة مثل المولد النبوي الشريف يجب ألا تمر مرور الكِرام -مطلقًا- على مساجدنا؛ فليكُن الأمر بمنتهى الكمال والاستعداد لإلقاء الخطب والدروس والمحاضرات التي تتناول مولد رسول الله ﷺ خاصَّة وجوانب حياته وأخلاقه وتعاملاته ورحلة كفاحه من أجل الدين الإسلامي؛ بشكل عام.
مقدمة الخطبة
الحمد لله الذي أكرمنا بالإيمان، ومن علينا ببعثة سيد الأنام، عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، وحبيبه وخليله، بالمؤمنين رءوف رحيم، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال ﷻ ﴿ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون﴾.
الخطبة الأولى
أيها المؤمنون: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، والله إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك؛ فما أصبر حتى آتيك، فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك؛ عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد عليه النبي ﷺ حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية: ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين﴾.
إنها محبة النبي ﷺ، نبي الإنسانية، ورحمة الله للبشرية، محبة تزداد بذكراه وذكرى مولده الشريف، فتملأ على المؤمنين أفئدتهم، وتلهج بها ألسنتهم، فهو حبيب الله وخليله، قال ﷺ: «إن الله تعالى قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا»، ومحبته ﷺ دين وإيمان، قال ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».
وإننا نحب رسول الله ﷺ؛ فقد سبق فضله علينا، وادخر ﷺ دعوته المستجابة لأجلنا، قال ﷺ: «لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة». وكيف لا نحبه ﷺ ؟ وقد حباه الله بكمال الأخلاق، وكريم الصفات، فوصفه ﷻ بقوله: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾.
نعم، إن خلقه ﷺ لعظيم، فهو أسمح الناس نفسا، وأجودهم يدا، يصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه، ويوقر الكبير، ويترفق بالصغير. وإن من صدق محبته ﷺ؛ التحلي بأخلاقه، والتأسي بهديه، قال ﷻ: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا﴾.
فاللهم املأ قلوبنا بمحبته، وأسعدنا بشفاعته، وأكرمنا في الجنة برفقته، ووفقنا لطاعتك وطاعته، وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾. ﴿سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين﴾.
هنا أيضًا -خطبائنا الأكارِم- نقرأ: خطبة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف
الخطبة الثانية
الحمد لله البر الرحيم، وعد بجنات النعيم؛ من أحب نبيه الكريم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
أيها المصلون: لقد شهد النبي ﷺ لمن يأتي من بعده؛ بشدة محبته، والشوق لرؤيته، فقال ﷺ: «من أشد أمتي لي حبا: ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله» ووعد من صدق في محبته؛ أن يكون في الجنة برفقته، فقال ﷺ: «المرء مع من أحب». فيا أيها المحبون للنبي ﷺ: أكثروا من الصلاة والسلام عليه، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ أي: دعائي. فقال: «ما شئت». قلت: الربع. قال: «ما شئت، فإن زدت؛ فهو خير لك». إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلها. قال: «إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك».
فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وأقم الصلاة.
والآن يا أحباب؛ بعد هذه الخطبة المباركة؛ التي حملت عنوان [محبة النبي]، والتي سُقناها إليكم بمناسبة مولد المصطفى ﷺ؛ ما رأيكم أيضًا أن تطَّلعوا -كذلك- على خطبة: السلام عليك أيها النبي.. بمناسبة ذكرى مولد رسول الله ﷺ. سائلين المولى الحليم المنَّان ﷻ أن ينعم علينا وعليكم بنور العلم والفهم.