والصَّوت الآن مُوجَّه إلى هذه البقة المباركة. وبدورنا هنا نسوق إليكم خطبة عن المسجد الأقصى وما جرى فيه من أحداث مؤسِفة. الخطبة مكتوبة وجاهزة للاطلاع أو الحِفظ أو الطباعة أو التحميل.
مقدمة الخطبة
الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله، بلغ وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في سبيل ربه حق الجهاد، ولم يترك شيئا مما أمر به إلا بلَّغه. فتح الله به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا؛ وهدى الناس من الضلالة، ونجاهم من الجهالة، وبصرهم من العمى، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهداهم بإذن ربه إلى صراط مستقيم.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آلة وصحبه، ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه.
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كلام الله ﷻ، وخير الهدي هدي محمد ﷺ. وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، و ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾.
الخطبة الأولى
أيها المسلمون عباد الله، نقلت الأخبار أن الجنود الصهاينة الغاصبون المحتلون اقتحموا بيت المقدس، مسرى رسول الله ﷺ، محاولين إفراغه بالقوة من العاكفين والركع السجود. ثلاثون ألفا من المسلمين، رابطوا في المسجد الأقصى من أجل أن يحولوا دون ما يريده اليهود من ذبح قرابينهم، في بدعهم المُدّعاة وديانتهم المحرفة وأساطيرهم التي يتلقفها صغارهم عن كبارهم.
رسالة إلى المرابطين في المسجد الأقصى
يا أيها المسلمون إن رسالة نوجهها إلى المرابطين في فلسطين. نقول: واجب على كل مستطيعٍ أن يُرابط في المسجد الأقصى. وقد قال النبي ﷺ «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها». ولا جهاد أعظم من الدفاع عن مسرى رسول الله ﷺ، ولا جهاد أبَر ولا أطيب من المرابطة في ذلك المكان الذي يُمثِّل ثُلث مقدسات المسلمين.
ومن لم يستطع منكم أن يصل إلى بيت المقدس فليشعل الأرض نارا تحت أقدام هؤلاء الصهاينة في كل شبرٍ من أرض فلسطين، من أجل أن يُشْغَلوا بأنفسهم عن مسرى نبينا ﷺ.
رسالة إلى المسلمين عامَّة
وإن رسالة أوجهها للمسلمين جميعا في المشارِق والمغارب، أن حريّاً بنا أن نُذَكِّر الناس بهذه القضية، وأن ندعم إخواننا بدعائنا وأموالنا وكفالة مرابطيهم، وأن نسعى في فَك الحِصار عنهم؛ من أجل أن نُعذر إلى الله ﷻ بأننا قد فعلنا ما نستطيع، وإن قبيحا بنا أن نتشاغل بلهونا وعَبثنا؛ تارة بالمباريات الكروية وتارة بالأنشطة الغنائية، مما يحاول طواغيت المسلمين إلهاء شعوبهم بها.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ | تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
اللهم بارك لنا في القرآن الكريم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. اللهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله النبي الأمين، بعثه الله بالهدى واليقين، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين، وآل كُلٍ وصحب كُلٍ أجمعين، وأحسن الله ختامي وختامكم وختام المسلمين، وحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين.
أما بعد أيها المسلمون؛ اتقوا الله حق تقاته ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
الدعاء
- اللهم إنا نستودعك المسجد الأقصى؛ أرضه وسماءه ورجاله ونسائه وشيوخه يا من لا تضيع عنده الودائع، اللهم كُن معهم ولا تكن عليهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم يا أرحم الراحمين.
- اللهم انصر المسجد الأقصى والمرابطون فيه يا ذا الجلال والإكرام.
- نسأل الله ﷻ أن يردنا إلى دينه ردا جميلا، وأن يختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين، وأن يستعملنا فيما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى.
- اللهم اجعلنا هُداة مُهتدين غير ضالين ولا مضلين، سِلمًا لأوليائك حربا لأعدائك، نُحب بحبك من أطاعك من خلقك، ونعادي بعداوتك من خالفك.
- اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا، ومن كل ضِيق مخرجا، ومن كل بلاءٍ عافية.
- اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض أن تجعلنا في حِفظك وحِرز وجوارك، وتحت كنفك يا أرحم الراحمين.
- اللهم صُب علينا الخير صبا صبا، ولا تجعل عيشنا كدا كدا.
- اللهم افتح علينا من بركات السماء وخزائن الأرض.
- يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك.
- اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، وارفع لهم الدرجات في الحياة وبعد الممات؛ إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ | وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾.
اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
كانت هذه خطبة عن المسجد الأقصى وما جرى فيه من أحداث مؤسفة؛ والقضية الفلسطينية محليًا وعربيًا. ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف -بارك الله فيه وجزاه خيرًا-.