فوجِئنا أنّ الكثير من الجوامع/المساجِد وخطبائها قد أهملوا هذا الموضوع، رغم أنه في غاية الخطورة، دينيًّا ومُجتمعيًّا. ألا وهو قضيَّة الحجاب الشَّرعي؛ وبالتالي ما يترتَّب على تبرُّج النساء من مفاسِد جسيمة.
الآن، نحن هنا، ومن أجل ذلك. ونُقدم لكم خطبة جمعة مكتوبة عن الحجاب الشرعي ومفاسد التبرُّج؛ للشيخ مراد بن صالح براهمي —جزاه الله خيرا—؛ والتي تحدَّث فيها عن كثير من الأمور والنقاط والجوانِب، سنسردها لكم أدناه؛ فتابعوا القراءة.
مقدمة الخطبة
الحمد لله، معز من اتبع هداه وأطاعه واتقاه، ومذل من أعرض عن ذكره وخالف أمره وعصاه، أحمده ﷻ، وأشكره على سوابغ آلائه ونعماه.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، المصطفى المختار، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وأصحابه السادة الأخيار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان، ما تعاقب الليل والنهار.
ثم أما بعد.. فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله ﷻ، وأحسن الهدي هدي سيدنا محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
أما بعد.. فاتقوا الله ﷻ وأطيعوه، واحذروا عقابه؛ فلا تعصوه.
الخطبة الأولى
عباد الله؛ موضوعنا في هذه الخطبة بالغ الأهمية والخطر، هو حديث كل غيور على العرض والدين، إنه الموضوع الذي ألقى بظلاله على كثير من الميادين المختلفة إنها مسألة تبرج وسفور النساء واختلاطهن بالرجال؛ نعم إنها قضية كبرى يجب على العلماء والمصلحين والواعظين والخطباء وكل من أراد الخير لأمته أن لا يفتر عن ذكرها وشرحها.
أيها المؤمنون؛ إن من أعظم ما شرعه الله لنا رحمة بنا وجوب الحجاب على المرأة المسلمة التي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا.
أدلة فرضية الحجاب من الكتاب والسُّنَّة
ووجوب ذلك ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وفي ما يلي تفصيل ذلك:
أما من الكتاب العزيز:
أولا: قول الله ﷻ في سورة النور: قَالَ ﷻ: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ عن ابن عباس —رضي الله عنهما— قال: وجهها وكفيها والخاتم.
﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾: قال ابن كثير: تواري ما تحتها من صدرها وترائبها ليخالفن شعار نساء الجاهلية فإنهن لم يكن يفعلن ذلك… وقال سعيد بن جبير: يعني النحر والصدر فلا يرى منه شيء.
جاء في صحيح البخاري من عائشة قالت: ما رأيت أشد تصديقًا لكتاب الله وإيمانا بالتنزيل من نساء الأنصار لما أُنزلت سورة النور انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أُنزل فيها فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين خلف رسول الله معتجرات [أي مختمرات] كأن على رؤوسهن الغربان.
الدليل الثاني من القرآن: وقوله ﷻ في سورة الأحزاب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا﴾ [الأحزاب].
والجلباب: كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم، من ملاءة، وعباءة، وكل ما تلتحف به المرأة فوق درعها وخمارها.
وإدناء الجلباب يعني: سدله وإرخاؤه على جميع بدنها. قال الإمام القرطبي المفسر: والصحيح أنه [الجلباب] الثوب الذي يستر جميع البدن.
الدليل الثالث: قول الله ﷻ: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب]. فهذه الآية نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم.
الدليل الرابع: قوله ﷻ: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء الَّلاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور].
يخبر سبحانه أن القواعد من النساء وهن العجائز اللاتي لا يرغبن في الزواج لا جناح عليهن أن يضعن شيئا من ثيابهن. قال الإمام القرطبي المفسر: إلا أن الكبيرة تضع الجلباب الذي يكون فوق الدرع والخمار.
تلك هي أدلة القرآن الكريم.
أما السنة المطهرة فكثيرة جدا نكتفي ببعضها:
أن النبي لما رغب في إخراج النساء حتى الحائض إلى مصلى العيد ليشهدن الخير ودعوة المسلمين قُلن يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب. فقال النبي ﷺ: «لتلبسها أختها من جلبابها» [رواه البخاري ومسلم وغيرهما].
فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب، وعند عدمه لا يمكن أن تخرج بغير جلباب إلى مصلى العيد أو غيره، وقد سبق تعريف الجلباب.
وروى أبو داود عن عائشة يا الله أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي ﷺ وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله ﷺ وقال لها: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا» وأشار إلى وجهه وكفيه.
أما الدليل من الإجماع:
فقد أجمعت الأمة خلفا عن سلف على فرضية الحجاب بل هو من المعلومات من الدين بالضرورة وهو من شعارات دين الإسلام.
شروط لِباس المرأة
وقد ذكر بعض أهل العلم شروطا للباس المرأة مستوحاة ومستفادة من القرآن وأحاديث المصطفى فمن ذلك:
- أن يكون ساترا لجميع البدن: قال ﷻ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا﴾ [الأحزاب].
- ألا يكون زينة في نفسه أو مبهرجا ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار: لقوله ﷻ: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز ارتداؤه، ولا يسمى حجابا، لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب، ومن هنا يعلم أن كثيرا من الحجابات التي تباع الآن وفيها من الزينة ما يلفت النظر لا يجوز ارتداؤه.
- أن يكون كثيفا غير رقيق ولا شفاف: لأن الغرض من الحجاب الستر، فإذا لم يكن ساترا لا يسمى حجابا، لأنه لا يمنع الرؤية ولا يحجب النظر. فقد دخل نسوة من بني تميم على عائشة —رضي الله عنها— عليهن ثياب رقاق فقالت عائشة: إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات وكنتن غير مؤمنات فتمتعينه.
- أن يكون واسعا غير ضيق ولا يشف عن البدن، ولا يجسم العورة، ولا يظهر أماكن الفتنة ويجسمها: فعن أم جعفر بنت مقعد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله ﷺ قالت: يا أسماء، إني قد استقبحت ما صنع بالنساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها. فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله ﷺ ألا أريك شيئًا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة، فحنتها ثم طرحت عليها ثوبًا، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله تعرف به المرأة من الرجل! فإن مت أنا فاغسليني أنت وعلي، ولا يدخل علي أحد.. فلما توفيت غسلها علي وأسماء الله. قال الألباني —رحمه الله— تعليقا على الحديث: فانظر إلى فاطمة بضعة النبي ﷺ كيف استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة، فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح، فليتأمل في هذا مسلمات هذا العصر اللاتي يلبسن من هذه الثياب الضيقة ثم يستغفرن الله ﷻ، وليتبن إليه وليذكرن قوله: الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر.
- ألا يكون الثوب معطرا فيه إثارة للرجال: لقوله ﷺ: «إن المرأة إذا استطعرت فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية».
- أن لا يكون الثوب فيه تشبه بالرجال: لحديث أبي هريرة —رضي الله عنه—: «لعن النبي الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل»، وفي الحديث: «لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء».
- أن لا يشبه ملابس الكافرات: قال ﷺ «من تشبه بقوم فهو منهم».
ماذا عن تغطية الوجه؟
أمَّا عن مسألة تغطية الوجه فقد ذهب الجمهور إلى عدم وجوب ذلك، لكن أجمع العلماء في ذلك على أمرين:
- أن تغطية الوجه والكفين مستحب مندوب إليه تؤجر عليه المرأة ووليها الأمر لها بذلك.
- وأجمعوا على أنه إذا كانت المرأة جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فيجب عليها ستر ذلك وتغطية وجهها لكي لا تفتن المسلمين وتأثم إن لم تفعل.
عباد الله؛ اعلموا علما يقينيا أن التبرج من صفات أهل النار دار البوار قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» [مسلم].
فعن عبد الله بن عمر الله قال: قال رسول الله ﷺ: «يكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات».
قال العلماء: تكون المرأة كاسية عارية بأحد ثلاثة أمور:
- بأن يكون لباسها قصيرًا لا يستر جميع البدن كالمشقوق من أسفل، فهذه كاسية عارية.
- بأن يكون شفافًا غير سميك، ولو كان طويلاً، كغالب ما يسميه الناس اليوم حجاب فهذه كاسية عارية.
- بأن يكون الحجاب ضيقًا غير فضفاض، فيجسد جسدها ويبين تقاسيم بدنها من صدرها وخاصرتها وساقها، فهذه كاسية عارية.
أما هؤلاء اللائي يبدين معظم البدن بالتبرج الفاضح فإنهن عاريات عاريات.
ولنا وقفة أخرى مع مفاسد التبرج وطرق علاجه إن شاء الله ﷻ.
اللهم إنا نبرأ إليك مما فعل السفهاء منا، ونعوذ بك من هَذا الباطل والفحشاء، ونجأر إليك أن تطهر قلوبنا وبيوتنا ومجتمعاتنا من الرذائل والفواحش يا رب العالمين.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه حقا وتوبوا إليه صدقا إنه التواب الرحيم.
الخطبة الثانية
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام]، و ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [الفرقان].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.. أما بعد:
مفاسد تبرُّج النساء
أيها الإخوة المؤمنون الحريصون على طاعة ربكم ليدخلكم جنته ويباعدكم من ناره إن لتبرج النساء وعدم تحجبهن من المفاسد ما لا يعلم مداه إلا الله الله:
إن ذلك من أهم أسباب إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وانتشار الزنا والفساد، أفلا تعلم —يا عبد الله— أنك عندما تأذن لنسائك وبناتك بالخروج للمجتمع سافرات متبرجات متزينات ومتعطرات أنك شريك لهن في ذلك؟! أما تخشى أن تكون من الداخلين في قوله ﷻ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النور]؟!
إن هذا التبرج والعري الذي نراه يوميا خاصة في المدارس من أهم أسباب إشاعة الفساد والقلق في الشباب وتخليهم عن مقاعد الدراسة بعد الفشل فيها، نعم يستغرب كثير من الناس ويبحثون عن تفسير للتفوق الملحوظ للبنات على الذكور وارتفاع نسبة النجاح بين البنات على عكس الذكور خلاف ما كان في الماضي ومنهم من يجهل أو يتجاهل السبب الرئيس في ذلك وهو أن البنات أفسدن الذكور وأذهبن عقولهم، فأصبح الشغل الشاغل للأكثر كيف يحادث تلك البنت وكيف يحصل على رقمها، وكيف يصطاد منها شيئا، والكل يعلم ذلك.
فقل بربك أي عقل يبقى للطالب في المتوسطة أو الثانوية يدرس به وقد قعدت أمامه بنتا ناشرة لشعرها وأخرى عن يمينه مبدية لصدرها ونحرها وأخرى عن شماله كاشفة لساقها وأخرى متعطرة متغنجة في كلامها أي عقل يبقى للمسكين يدرس ويفكر به، إذا أيها الناس أنتم الذين تخربون بيوتكم بأيديكم فبنات هذا يفسدن أولاد هذا والعكس ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكم أصاب بالذهول وأنا أرى الصبايا يخرجن من بيوتهن إلى المتوسطات والثانويات، وهن في كامل الزينة والتبرج كأنها ستركب سيارة الزفاف لتقلها إلى عريسها، وهن يزعمن أنهن ذاهبات للتعلم، فأين الغيرة على الأعراض يا عباد؟، وينقص شيء من ذهولي عندما أرى الكثير من المعلمات والأستاذات اللائي تتخذن قدوات للتلميذات وهن في أفضح ما يكون من اللباس والزينة، فأقول يا للهول أهؤلاء يدرسن أبناء المسلمين على العفاف والأخلاق فيا لها من طامة نعيشها من غير نكير، فاللهم إنا نعوذ بك مما فعل السفهاء منا.
ومما زاد الطين بلة، انتشار الهاتف المحمول، فتجد البنت التي تدرس قرب بيتها، تملك هاتفا محمولا، لا أدري لماذا، واعلموا أن ذلك شر كله، لا خير فيه. وكم يصاب أحدنا بالحنق والدوار وهو يرى الرجل يصطحب زوجته في الشارع وهي في كامل الزينة والتبرج، فما كان خاصا به أظهره وأخرجه مشاعا للجميع، فأين الغيرة يا عباد الله أين الرجولة أين الفحولة، بالرغم من أننا لا نأكل لحم الخنزير الذي يذهب الغيرة، لكننا نشاهد الكثير من التمثيليات والمسلسلات وغيرها التي تفعل فعلها في القضاء على غيرة الرجال أكثر من غيرها.
اعلم أيها الغيور: قال رسول الله ﷺ: «العينان تزنيان وزناهما النظر».
أفترضى أن يزني الناس بأعينهن بحليلتك وعرضك وأن تعلم وتشاهد؟!!
ومن الغرائب أن ترى العجوز التي أذن لها أن تضع شيئا من ثيابها لأنها لا تشتهى تصطحب بناتها الصبايا اللائي أمرن بالتحجب والتستر ترى هذا المنظر معكوسا جدا، فالعجوز تراها في كامل التحجب، وبناتها في غاية التبرج، فانظروا عباد الله إلى تلاعب الشيطان بالناس.
أيها المؤمنون: إتماما للموضوع وإقامة للحجة وإبراء للذمة إليكم هذه الأحكام:
اعلموا أن الصغيرات يجب أن يعودن على الستر تربية لهن أما النساء المطالبات بالحجاب والستر وجوبا وحتما هن البالغات، وأهم علامات البلوغ عند النساء هي الحيض أو من وصلت إلى سن ١٥، إذا اعلم أيها الأب أنك ملزم بأن تستر بنتك البالغة وأخص بالذكر بنات المتوسطات والثانويات اللائي أفسدن الشباب بتبرجهن ولا تقل لي إنها صغيرة فهي صغيرة في عينك وحدك ولو تزوجت لولدت الإناث والذكور.
حرمة لبس الضيق كالسراويل للنساء والبنات بجميع أنواعه ولا بسته ملعونة لأنه لا يتوفر على شروط الستر فهو محجم للفخذين والساقين ومثير للفتنة أكثر من أي لباس آخر.
اعلموا أن من الذين يلحقهم الإثم بلا شك ولا ريب هم أصحاب محلات بيع الألبسة النسائية الفاضحة ولا شك ولا ريب في ذلك فإن الله ﷻ إذا حرم شيئا حرم ثمنه كما قال لصلى الله عليه وآله وسلم بل يدخل هؤلاء في وعيد الآية وكفى به وعيدًا لمن اتعظ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النور].
والحقيقة أن أقسام الناس في استيعاب هذا الكلام اليوم، لا يخرج عن أقسام ثلاثة:
- القسم الأول: فهم واتعظ وأخذ وعداً على نفسه بأن يبدأ من الآن في معالجة هذه الظواهر السلبية إن كانت موجودة في منزله وبين أهله. ويحرص على أن ينتفع بما سمعه وعلمه، وهو ظننا بكم إن شاء الله، أنكم من هذا القسم.
- أما القسم الثاني: قسم يسمع الكلام ويفهم، ولكنه لا ينوي فعل شيء وهذه السلبية المقيتة التي أفسدت علينا مجتمعنا، فهذا المجتمع يتكون مني ومنك ومن الآخرين فإذا صار الكل يتبرأ ويرمي بالخطأ على غيره، فأين هو المخطئ؟ إذن لهذا من كان منكم من هذا النوع فليراجع حساباته من جديد.
- وهناك قسم ثالث: أعاذني الله وإياكم أن نكون منهم وهم صنف من الرجال والنساء لا يحلون حلالاً ولا يحرمون حراما، ويزعمون أنما هي حياتهم الدنيا فقط وينكرون القيم والمبادئ الدينية بل ويصدون عن سبيل الله ولن يزيدهم كلامي هذا إلا عناداً وفسوقاً، بل سيخرجون من المسجد كما أتوا لأنه لا يفيد الكلام معهم شيئًا.
وأقول لهذا الصنف الذي لا ينفع معه الكلام؛ أنه ما عليهم سوى الانتظار زمناً قد لا يكون كبيراً، حتى يوضعوا في أول منازل الآخرة وهو القبر حيث يرون ما لم يروه قط ويلاقون ما وعدهم ربهم حقا.
يقول ﷻ: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ ويقول: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾