الخطيب على المنبر يسعى دومًا أن يكون ما يُقدِّمه مُميَّزًا؛ ونحن هنا لنُقدِّم لكم خطبة الجمعة حول ذكر الله وفضله. وقد عُزِّزَت الخطبة بآيات قرآنية وأحاديث نبوية لتكون جاهزة للإلقاء من خطباء لطالما أرادوا التميّز.
وهنا في موقع المزيد؛ حيث ملتقى الخطباء الأسبوعي لخُطب الجمعة، والخُطَب المحفليَّة، نسعى -أيضًا- كي نُعطي ونوفِّر خُطبًا قويَّة لكل زوَّارنا من الأئِمَّة والخُطباء والوعَّاظ.
مقدمة الخطبة
الحمد لله حفِظَ عباده بالأذكار، وجعل لهم معقبات من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم من أمر الله بالعشي والإبكار، ودَحَر شياطين الإنس والجِن فولوا الأدبار؛ وجعل ذِكره حصنًا منيعًا لمن تحصن به بالليل والنهار. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها السلامة من شرور الأشرار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حَثَّ أمته على المداومة على الأذكار، وذكر بأنها حِصنا من الأخطار والأضرار؛ فصلوات ربي وسلامه عليه ما أضاء قمر بليل وأشرقت شمسٌ بنهار، وعلى آله وأصحابه الطيبين الأبرار، ومن تبعهم بإحسان فكان من الأخيار.
أما بعد.. فأُوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله -عز وجل- فإنَّ تقواه زادُ المؤمنين ليومٍ يجتمع فيه المتقين والفُجَّار، والمسلمين والكفار.
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، قد غفل كثير من الناس عن المحافظة على أذكار الصباح والمساء، فمن تأمل فيها وفي أجورها وفضلها، وجد أن فيها الحِفظ والتحصين، واستجلاب الرزق والبركة، ورِفعة الدرجات وغفران السيئات.
فمن قرأ آية الكرسي في الصباح أُجِير من الجان حتى يُمسي، ومن قرأها في المساء أُجِير من الجان حتى يصبح.
ومن قرأ سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاث مراتٍ كفته من كل شيء.
ومن قال سيد الاستغفار وهو موقِن بكلماته، فمات، دخل الجنة.
ومن قال حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، حين يصبح وحين يمسي، سبع مرات، كفاه الله ما أهمَّه من أمر الدنيا والآخرة.
ومن قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاثا إذا أصبح وثلاثًا إذا أمسى، لم يضره شيء.
ومن قال لا إله إلا الله شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يومٍ مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا من زاد على ذلك.
هذه بعض أذكار الصباح والمساء، وهذه بعض فضائلها العظيمة التي يغفل عنها أو يضيعها كثيرٌ من المسلمين، وهي كلماتٌ يسيرةٌ لا تأخذ منا وقتا طويلا، ولها معانٍ عظيمة لمن تأملها، والموفق من جعلها ضِمن جدوله اليومي، بألا يخرج من المسجد بعد صلاة الفجر إلا وقد قالها، ولا يخرج من المسجد بعد العصر إلا وقالها.
ولا يقُل أحدٌ منا إني لا أحفظها.
أيها المؤمنون، قد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مع حرصِه على الأذكار يعوذ الحسن والحسين فيقول، إن أباكما كان يعوذ إسماعيل وإسحاق؛ أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطانٍ وهامّه ومن كل عين لامّة.
فإذا أردت أيها المسلم الخروج إلى السوق أو إلى زيارة أحد، أو أتاكم زوَّار، فعوّذ أولادك بهذه الكلمات، ففيها الحفر لهم -بإذن الله- -تعالى-.
وكذلك أرشدنا النبي ﷺ إلى مسألة عظيمة، وهي أننا نكُف صبياننا عن اللعب في وقت المغرب، فإنه وقت انتشار الشياطين؛ فقال -صلى الله عليه وسلم- (إذا غابت الشمس فكفوا صبيانكم، فإنها ساعة ينتشر فيها الشياطين).
وقد أخبرنا -صلى الله عليه وسلم- أن من أسباب الحفظ للإنسان أنه إذا خرج من بيته أن يقول كلماتٍ عظيمة، فقال (إذا خرج الرجل من بيته، فقال: باسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: يقال حينئذ: هديت، وكفيت، ووقيت، فتتنحى له الشياطين، فيقول شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟)
أيها المسلمون؛ كل هذه الأذكار وغيرها مِما صَحَّ في كتب الأدعية والأذكار، فيها تحصينٌ وحفظ ووقايةٌ من الأذى بكل أنواعه، والعين والشيطان وشَرِّه. فحافظوا عليها واجعلوها جزءًا من يومكم، وذكِّروا بها أهلكم وأقاربكم، واذكروا الكلمات بيقينٍ بالله وحُسن ظنٍ به وعظيم توكلٍ عليه.
وستجدون مع المحافظة على ذكر الله انشراح الصدر وتفريج الكروب وذهاب الهموم والرزق الواسع والسكينة والطمأنينة في النفس، فحافظوا على ذكر الله -تعالى-.
ويكفي شرفًا للذاكرين لله أن الله -تعالى- يذكرهم؛ قال الله -تعالى- (فاذكروني أذكركم). وقال -صلى الله عليه وسلم- يقول الله -تعالى- في حديثٍ قدسيّ (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم).
اللهم ارزقنا ملازمة ذكرك واحفظنا بحفظك، واجعلنا لك ذاكرين، لك شاكرين أوَّاهين منيبين، اللهم ارزقنا اليقين وحُسن الظَّنِّ بِك واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه ومن تبعه بإحسانٍ وسلَّم تسليمًا كثيرا.
أما بعد؛ فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن ذكر الله من أفضل الأعمال وأجلّ القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه.
ثم اعلموا أن الله -تعالى- قد أن أمركم بأمرٍ عظيم في كتابه الكريم فقال، وهو القائل الحكيم، (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). وقال -صلى الله عليه وسلم- (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا).
الدعاء
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
- اللهم ارض عن الخلفاء الأربعة الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن أهل بيت نبيك أجمعين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم اللهم تسليما كثيرا.
- اللهم أعِزّ الإسلام وانصر المسلمين وأذِل الشِّرك والمُشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمِنًا مُطمئنا وسائِر بلاد المسلمين.
- اللهم آمِنا في أوطاننا وأصلح أئِمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم اللهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه، واصرف عنهم بطانة السوء يا رب العالمين.
- اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- وعبادك الصالحون، ونستعيذ بك اللهم من شر ما استعاذك منه نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- وعبادك الصالحون.
- اللهم أصلح نيّاتنا وذرياتنا.
- اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعمه وآلائِه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
إذا كانت خطبة الجمعة القادمة المُقرَّرة من وزارة الأوقاف في بلدك بعنوان (ذِكر الله؛ حقيقته وأثره في ترقية النفس)؛ فأنت هنا في مكانٍ سيُلبي ما ترغب -إن شاء الله-. وقَد أطنَب كثيرٌ من الأئمَّة والخُطباء في هذا الموضوع، ففي خطبة عن ذكر الله للشيخ محمد حسان والشيخ النابلسي ستجِد الكثير من الكنوز التي يحتاجها كُل مُسلِمٍ يرجو إعداد زاده ليوم القيامة.
أما خطبتنا هذه فقَد خطبة عن ذكر الله تعالى مكتوبة؛ ألقاها الشيخ أسامة حسين مشاط -حفِظه الله-؛ وجزاه عنَّا خيرا.