ومع واحدة جديدة، مكتوبة، كاملة. حفِظتُم ما نسعى لتقديمه لكم أيها الخطباء الأجِلَّاء؛ وهنا خطبة الجمعة؛ بعنوان: الاستجابة لله ولرسوله، وثمراتها، وبعض ما وَرَدَ فيها من الآيات في القرآن الكريم، وفي أحاديث المصطفى العدنان ﷺ.
الخطبة رائِعة، كبيرة، جامِعة لكثير من الكنوز الوعظيَّة في إطار بلاغي جميل. والتي ألقاها فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ —جزاه الله خيرًا—.
مقدمة الخطبة
الحمد لله الذي دعا عباده إلى دار السلام، وهدى من شاء إلى صراط مستقيم، الحمد لله الذي أثنى عليه ما في ملكوته كله: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: ٤٤].
الحمد لله الذي ما من شيء إلا وهو موحد له، الذي ما من شيء إلا وهو قائم ساجد له، الذي ما من شيء إلا وهو قانت له، إلا بعض الناس. الحمد لله الذي بنعمته هدى، وبنعمته أرشد، وبرحمته ه أنعم، والحمد لله الذي له المحامد كلها، هو أهل الحمد وأهل التسبيح، وأهل التقوى وأهل المغفرة، سَبَّحَ له كل شيء، وخضع له كل شيء، وتَوَجَّه إليه بالعبادة كل شيء، لا شيء إلا وهو مُقرّ بعظمته، خاضع لجبروته، سائر على مراده وأمره وتصرفه، لا شيء إلا وهو مقر له بالوحدانية، منيب إليه طائع، حاشا الكفار من الناس.
فالحمد لله الذي حمده الأولون، وحمده الآخرون، ويَحْمَدُه المصطفى ﷺ يوم جمع الأولين والآخرين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد، صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدِّين.
أما بعد… فيا أيها المؤمنون، اتقوا الله حق التقوى.
الخطبة الأولى
قال الله ﷻ في مُحْكَم تنزيله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال].
الله ﷻ يُنادي عِباده المؤمنين بهذا الاسم المحبوب لديهم المحبوب له، وهو اسم الإيمان؛ إذ بالإيمان شرف ابن آدم، إذ بالإيمان شرف أهل الإيمان، إذ بالإيمان بالله ارتفعت درجات أهل الإيمان بالله.
وقد قال ابن مَسْعُودٍ له: إذا سمِعتَ الله ﷻ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ فَارْعَهَا سَمْعَكَ؛ فإنه خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ، أَو شَرٌّ يَنْهَى عنه.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ يأمر الله ﷻ أهل الإيمان بأن يستجيبوا لله وللرسول إذا دعانا لما يُحْيِينا، وكلُّ أمرٍ من أوامر الله وكل أمر من أوامر المصطفى ﷺ حقيقته أنه دعوة إلى ما يحيينا الحياة السعيدة الحقة في هذه الدنيا، وإلى ما يحيينا الحياة السعيدة في الدار الباقية التي لا فَناء فيها، ولا زوال منها، ولا انتقال منها إلى مكان آخر.
﴿اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ دعا الله ﷻ في كتابه، ودعا الرسول ﷺ في سُنته الذين آمنوا والناس جميعًا إلى أشياء كثيرة، ومن أعظمها:
الدعوة إلى تقوى الله ﷻ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: ۱۸]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]، ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ [النساء: ١].
دعا الله إلى التقوى ودعا إليها نبينا ﷺ فقال: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ».
وتقوى الله —أيُّها المؤمنُ— هي أن تعمل بهذا التنزيل، وأن تخاف من الله ﷻ الجليل، وأن تستعد ليوم الرحيل، ويوم لقاء الله ﷻ، ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾ [الشعراء: ۸۸]، لا ينفعك شيء إلا إن كنت ممن استجاب الله ﷻ وللرسول، فهذه أول دعوة، وبها الحياة وكل الحياة، ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: ٩٧].
﴿اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ إذا اتقيتَ الله فإنك على خير، وعلى عظم أمرٍ في هذه الدنيا، وسوف ترى ما يَسُرُّك في آخرتك. والتقوى: هي أن تعظَّمَ الله في سرك، وفي عَلَنك، في اجتماعك بالخَلق، وفي خَلْوَتِكَ بنفسك، فمِنَ الناس مَن يُظْهِرُ التقوى أمام الناس ولكنَّ الله أعلم بحاله عند خَلوته، ومن الناس من يكون متقيا فيما يُظهره لِمَن حوله، ولكنَّ قلبه منطو على حب الدنيا، وعلى بغض الآخرة، على حب الجاه، وعلى حب السُّمعة، وعلى حب الظهور بين الخلق، ولكن رغبته في الآخرة قليلة، أو قلبه منصرف عن الآخرة، ومقبل إلى الدنيا.
إن من التقوى أن تُعَظَّمَ أمر الله في كل أحوالك، وهذه وصية لو اتبعناها لكانت دعوة حقة إلى ما يحيينا في الآخرة وفي هذه الدنيا الحياة الطيبة الهنيئة، ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: ۲]، ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: ٤].
أيها المؤمن، دعاك الله ﷻ في كتابه إلى جَنَّة الخُلْدِ ﴿وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ [يونس: ٢٥]، ودعاك إلى دار السلام بما أمر ونهى، ودعاك إلى دار السلام التي هي دار الحُبور، ودار السرور، ودار الغبطة، ودار النعيم، الدار التي لا نَصَب فيها ولا وجع ولا مرض، ليس فيها إلا الأنس، ليس فيها إلا النعيم، دعا الله إليها وبين أسباب دخول الجنة، وهي الحياة لمن أراد الحياة، فاستجب لله فيما دعاك إليه؛ فإنه ﷻ أرحم بعباده من الوالدة بولدها، ومن رحمته لك أن دعاك إلى جنته وإلى دار السلام: ﴿وَالله يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم﴾.
أيُّها المؤمن، استجب الله ﷻ وللرسول ﷺ فيما دعاك إليه من اتباع المصطفى ﷺ؛ فإن اتباع السنة قد دعا الله إليها في كتابه، وبها الحياة، الحياة التي هي أعظم الحياة وأسعدها في الدنيا والآخرة، ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]، هذه دعوة الله إلى اتباع رسوله، وقال ﷻ: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ ﴿النساء: ٥٩]، وقال ﷻ: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ﴾ [آل عمران: ۳۲]، والآيات في طاعة الله وفي طاعة رسوله كثيرة.
وبالاستجابة لله ورسوله تكون الحياة الحقة، ﴿اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ فهي دعوة لما يُحْيِينا، ويقتضي ذلك أن مَن لم يَسْتَجِبْ الله وللرسول فهو قد ترك ما به حياته، وقد أقبل على ما به هلاكه، وهذه حقيقة.
فإن الغفلة عن الله ورسوله وعن الآخرة والإقبال على الدنيا فيها الهلاك، فالدنيا حلوة خضرة، وإن الله ﷻ يحب من عباده من يكون ناظرًا إلى الآخرة، ولكن لا ينسى نصيبه من الدنيا. أيُّها المؤمن، دعاك الله ﷻ ودعاك رسوله إلى الاعتصام بحبل الله جميعا، فقال ﷻ: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ۱۰۳]، والاعتصام بحبل الله أن تعتصم بالقرآن، وأن تعتصم بالإسلام، وأن تعتصم بالجماعة وأن تعتصم بالسنَّة، قال: ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ وفي هذه الدعوة ما يحيي المؤمنين.
﴿أَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ فإن الاعتصام بحبل الله والبعد عن التفرق دعوة لما يُحيينا؛ لأن الفِتَن إذا وقعت بالتفرُّق عن كتاب الله وبتفريق جماعة المسلمين؛ لم يعرف العابد كيف يَتَعَبَّد، ولم يعرف العالم كيف يَخْلُص ويُخَلِّص الأُمَّة من الإشكال؛ فإن الفتن إذا وقعت وقع معها العذاب، فقد قال نبينا: «الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ» صح ذلك عنه، فهي دعوة من الله ومن رسوله لِمَا به حَياتُنا.
ومن الناس من يظن أن الحياة وسعادتها تكون بالآراء وبالأفهام، وبالاقتراحات، وبتغير الأحوال، وهذا مخالف لِمَا أمر الله به، وما خالف ما أمر الله به فإنه دعوة لغير الحياة؛ ولهذا لما قال الله ﷻ: ﴿أَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ قال بعدها: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: ٢٤].
إن الحق قد بان، إن أمر الله واضح، إن أمر رسوله ﷺ ظاهر، ولكن الشأن فيمن حال الله بينه وبين قلبه، فإنه لسوء صنيعه، ولسوء اعتقاده، ولسوء عدم متابعته لنبينا ﷺ؛ حال الله بينه وبين قلبه جزاء وفاقا، وأعظم أعظم أعظم العقوبات أن يكون القلب لا يعرف السنة، ولا يعرف الخير، يرى الشيء فيتبعه، ويرى الشيء الآخر فلا يُعجبه فينتهي عنه؛ دونَ نَظَر فيما أحل الله وفيما حرم الله.
وهذه قضية عظيمة ومسألة مهمة، وهي أن من ترك الاستجابة لله وللرسول فإنه يُخشى عليه أن يُعاقب في قلبه، بأن لا يعرف المعروف ولا يعرف المنكر، فيكون قلبه في مهاوي الوديان، لا يدرك الخير ولا يدرك الشر، وإن عرفهما فإنه لا يُوفّق إليهما لصنيعه، ولبُعْدِه عن الاستجابة.
واعلموا أن الله يَحُولُ بين المرء وقلبه، وإذا خُتِمَ للعبد بأن كان ممن حال الله بينه وبين قلبه فأي خير يرجو بعد ذلك.. إذا كان قلبه قد قلبه وصرفه إلى غير الخيرِ مُقلّب القلوب فأي خير يرجو!
فهذه الحياة مسألة جهاد مع النفس، وجهاد في الاستجابة لله وللرسول إذا دعانا لما يُحْيِينا، قال الله ﷻ بعدها: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال].
إن التفرُّقَ عن أوامر الله وإن التفرق عن أوامر رسول الله ﷺ يُحْدِثُ الفِتنة، وإذا حَدَثَتِ الفِتنة فإن الظالم ليس مخصوصا بها، بل إنها تَعُمُّ الظالم، وتعم الصالح، وتعم الخير، وتعم الفاسد. قال ﷻ: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةٌ لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاضَةً﴾ فإنها تصيب الجميع، لهذا وجب على الجميع أن يعتصموا بحبل الله جميعا؛ بالقرآن، وبالإسلام، وبالسنة، وألا يتفرقوا.
قال العلماء: التفرق يكون في الدين، ويكون في الأبدان:
- أما التفرق في الدين: فأنْ يُحْدِثَ الناسُ من الآراء والأقوال والأفعال ما ليس عليه الجماعة الأولى؛ صحابة رسول الله ﷺ.
- والتفرق في الأبدان: أن يتفرقوا عمن ولاه الله أمرهم، وعدم التزامهم بجماعة المسلمين. فإن التفرق بنوعيه إذا حَصَلَ حصلتِ الفتنة، وإذا وقعت الفتنة فإنها لا تعرف الظالم وحده، ولا تخص الظالم وحده، وإنما تعم الجميع.
وقال ﷻ: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةٌ﴾ وهذه وصية وأمر ودعوة من الحق ﷻ فيها ما يحيينا ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةٌ لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَةً﴾.
أيها المؤمن، إن الاستجابة لله وللرسول هي قَصْدُك من الحياة إن عقلت؛ فإنك إن استجبت فأنت ذو الحياة الطيبة، وإن مت فعلى رجاء الخير، وعلى وعد الله لك بالنعيم وغفران الذنوب، أما إن لم تَسْتَجِبْ وأتبعت نفسك هواها فلا تَلُومَنَّ إلا نفسك. أسأل الله ﷻ أن يَجْعَلَنا جميعًا من المُسْتَجِيبين الله وللرسول، المتابعين كتاب الله، المتابعين سنة رسول الله ﷺ، الذين اعتصموا بحبل الله جميعًا ولم يتفرقوا.
اللهم اجعلنا ممن اعتصم بحبلك، اللهم اجعلنا ممن جعلت أُنْسَه بالقرآن، واتَّبَاعَه لِسُنَّةِ العَدْنَان، يا أرحم الراحمين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه، وتوبوا إليه صدقًا، إنه هو الغفور الرحيم.
وهذه خطبة: ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم — مكتوبة
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، هو الداعي إلى رِضوانه، صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد.. فيا أيها المؤمنون، اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، وخِيرَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد بن عبد الله، وشر الأمور مُحْدَثَاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومَن شدَّ عنها شذ في النار.
هذا واعلموا —رحمني الله وإياكم— أن الله ﷻ حتَّكم وأمركم بالصلاة على نبيه، فقال ﷻ قولا كريمًا ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:٥٦].
وهنا نجِد سويًّا أجمل خطبة جمعة لموضوع هام.. بعنوان: الملل المذموم
الدُّعـاء
- اللهمَّ صَلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
- اللهم أعز الإسلام وأهله، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِل الشرك والمشركين، واحم حَوْزَة الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم انصر عبادك الذين يجاهدون في سبيلك، اللهم أمِدَّهم بمدد من عندك، وقوّهم بقوتك، وأعِزَّهم بعزتك؛ فإنك أنت القوي العزيز.
- اللهم آمِنًا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، واحفظ وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، ودلهم على الرشاد، وباعد بينهم وبين سبل أهل البغي والفساد، اللهم أرهم الحق حقا، ومن عليهم باتباعه، وأرهم الباطل باطلا، ومن عليهم بتركه واجتنابه.
- اللهم نسألك أن تصلحنا جميعًا، اللهم ارفع عنا الربا والزنا وأسبابه، اللهم ارفع عنا الربا والزنا وأسبابه، وادفع عنا الزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا هذه بخاصة وعن سائر بلاد المؤمنين بعامة، يا أرحم الراحمين.
- اللهم نسألك صلاحًا فينا جميعًا، لا يُغادر منا أحدًا.
- اللهم ألن قلوبنا لطاعتك، وجلودنا لكتابك وسنة نبيك، اللهم اجعَلْ ألسنتنا لاهجة بذكرك، اللهم اجعل أعمالنا موافقة لرضاك.
- اللهم اجعل عقولنا مفكرة فيما تحب وترضى، اللهم اجعلنا ممن هديته إلى الحق وثبته عليه، حتى يلقاك وأنت راض عنه، يا أكرم الأكرمين، ويا أجود الأجودين.
- اللهم نسألك ومنك الإجابة، لا حول ولا قوة إلا بك، نعوذ بك من شرور أنفسنا ومما فعل السفهاء منا، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا، ومن فعل السفهاء منا، ونَبرَأ إليك من كل ما لا يُرضيك، فتقبل اللهم براءتنا، ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا يا أرحم الراحمين.
عباد الرحمن، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٩٠]. فاذكروا الله العظيم الجليل يَذْكُرْكُمْ، واشكروه على عموم النعم يَزِدْكُم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٥].
وأقِـم الصَّـلاة..
وكانت هذه يا أكارم؛ خطبة عن الاستجابة لله ولرسوله، وثمراتها. وهي أحد خُطبنا التي نوصيكم دومًا بالرّجوع إليها. وهذه أيضًا خطبة ﴿ففروا إلى الله﴾ مكتوبة. والله ﷻ نسأل أن ينفع بهذه المواد العلمية والفقهية والوعظية كُلّ من مرَّ من هنا بصفحات موقع المزيد.كوم.