بين يديكُم أدناه خطبة قصيرة عن الإفساد في الأرض؛ جاهزة ومكتوبة من أجل مزيد إلهام وتذكير للخطباء والأئِمَّة بهذا الموضوع.
يُمكِن الاطلاع على الخطبة مباشرة أو طباعتها لمزيد يُسرٍ وسهولة.
مقدمة الخطبة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، خير نبي أرسله؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلَّم تسليما كثيرا.
الخطبة الأولى
أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، وأعِدوا ليومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية.
يا معشر الإخوة، إن الله خلق بني آدم واستعمرهم في الأرض لينظر كيف يعملون فيها، وجعلهم خلفاء في الأرض؛ فكان منهم المصلح وكان منهم المفسد. فمن أصلح فلنفسه ومن أفسد فعليها وما ربك بظلام للعبيد.
وقد ذكر الله تعالى بعد آيات المناسك صنفين من الناس، ذكر هذين الصِنفين من الناس: المُصلح والمُفسِد. قال الله -تعالى- في سورة البقرة عن المصلحين {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}.
أي: ومن يبيع نفسه ابتغاء مَرْضَاتِ الله، يسخرها لطاعة الآن -تعالى-، يترقَّى بها في سماء العبودية، لا يريد إلا رضوان الله -تعالى-؛ فهذا قد أعتق نفسه.
وكما قال عليه الصلاة والسلام «كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها، أو موبقها»، أي فمعتقها من النار، أو مهلكها في النار. لأنه حرم نفسه من الجنَّة وجعل نفسه في النار.
وأمَّا الصِّنف الآخر فقد ذكره الله -تعالى- قبل هذه الآية، في قوله -سبحانه- {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ | وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ}.
والإرهاب من الفساد؛ من أفسد في الأرض أو من قتل أو من فجَّر أو من آذى بني آدم في الأرض بغير حق، فإنَّه مُفسدٌ في الأرض {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ} و {لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
وتأملوا في هاتين الآيتين جيدا؛ {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إذا تكلَّم تكلم بلسان فصيح، {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} ويأتي بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار من أجل أن يخدع الناس، ولكنه فاسد القلب، ظاهره غير باطِنه، مظهره غير مخبره؛ الأمر مختلف، الشكل شيء والباطِن شيء.
والله لا يحب الفساد، كل فساد في الأرض بغيض عند الله -تعالى-.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يمحق المفسدين، وأن يلطف بإخواننا المُستضعفين في كل مكان وأن يجعل لهم فرجا ومخرجا.
هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، أنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدا عبده ورسوله؛ أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا.
صلى الله عليه وعلى آله السادة الغرر، ما اتصلت عين بنظر وسمعت أذنٌ بخبر.
يا معشر الأخوة، يقول الله -تعالى- في سورة البقرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}.
ادخلوا في السلم كافة، الإسلام لا يريد إلا السلام، ولا يريد إلا الاستقرار حتى الجهاد إنما شُرِع من أجل السلام، ومن أجل ألا تكون فتنةٌ وفسادٌ في الأرض.
فإذا ما استتب الأمن، فإن الله -تعالى- يقول {ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً}، يريد السلام ويريد الاستقرار، والناس أيضًا يريدون ذلك، يريدون الاستقرار.
كم سمعنا في هذه الأيام وقبل هذه الأيام يقولون نريد الاستقرار، نريد أن نكون مستقرين كبقيَّة البلاد التي أنعم الله عليها بالأمن والأمان والاستقرار؛ نريد أن نكون مثلهم وأن يكون لنا قادةٌ مثلهم؛ هكذا يتمنون.
الاستقرار هو أمنيةُ كل إنسان عاقل.
إذا أمِن الإنسان على دينه وعلى عِرضه فماذا بقي بعد ذلك؟
الإسلام والعافية لا يحرسهما إلا الأمن، الأمن والسلام والاستقرار.
نسال الله -سبحانه- أن يديم علينا ذلك وأن يجعلنا هُداةً مهتدين.
الدعاء
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا فأنت علينا قادر، والطف بنا فيما جرت به المقادير؛ إنك على كل شيء قدير.
اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين.
اللهم اشفي مرضانا، وارحم موتانا، وتول أمرنا، وأصلح أحوالنا، وأصلح أولادنا وأصلح أزواجنا؛ برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلِح الراعي والرعية، ووفقكم يا مولانا إلى ما تحبه وترضاه برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمِحَن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين.
ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.
اكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ والحمد لله رب العالمين.