خطبة مميزة للخطباء المتميزون.. بعنوان: الأوطان مهد الأمان – مكتوبة

خطبة مميزة للخطباء المتميزون.. بعنوان: الأوطان مهد الأمان - مكتوبة

مقدمة الخطبة

الحمد لله الذي أنعم علينا بالأمان، وجعله أساسا لاستقرار الأوطان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى أفضل الأخلاق والمروءات، والناهي عما يؤدي إلى أي فرقة وشتات، صلى الله عليه، وعلى كل داع إلى السلام حاض عليه، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد، فيا عباد الله:‏ اتقوا الله حق التقوى، وأسلموا وجوهكم له في السر والنجوى، وكونوا له خاضعين، وبه مستعينين، وعليه متوكلين، فإن الله ﷻ مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾.

الخطبة الأولى

واعلموا -أيها الحريصون على أوطانكم- أن الوطن في أعناقنا أمانة، وأي إهمال في حقه خيانة وأي خيانة، وأن حراس الوطن هم أهله المحبون له، الذائدون عن حماه، المدافعون عنه، الحافظون لممتلكاته، الحريصون على مقدساته.

والوطنية المخلصة الحقة هي الساعية بخير للحفاظ عليه، والجالبة كل إصلاح إليه، والمواطنون الكرماء الأوفياء صدقا هم سياج أمنه، الشاكرون لنعمه، وهم الداعون إلى استقراره، والساعون إلى أمنه ورخائه.

إن الوطن ألفة تجمع القلوب، وتعاون يثمر الخير، ووحدة تكسب القوة، وعزم يثبت الأقدام، ورحمة تكسب النصر والسداد والتوفيق.

الوطن سفينة تمضي بنا في بحر الحياة إلى مرافئ الأمن والأمان.

معاشر المؤمنين: إن من نعم الله التي وجب علينا شكرها، والسعي في الحفاظ عليها والانتباه لها، نعمة الرخاء في الأوطان، والطمأنينة الجالبة للاستقرار، في وطننا وجدنا الأمن والأمان، وتقاسمنا الفرح والأحزان، إن سررنا انتشرت البهجة في ربوعه، والفرح بين جموعه، وإن ألم بنا هم، أو مر بنا غم، نظرنا في نواحيه، وتأملنا خيراته وروابيه، فتذكرنا أننا بوطن كريم، وفي خير عميم، فانقلب الحزن سرورا، والهم فرحة وحبورا: ﴿بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾.

فما أجلها من نعمة، وما أعظمها من منة، لقد نهض الوطن وقام، واشتد عوده واستقام، فنظر إلى أبنائه، وأخذ بأيديهم، فارتقوا برقيه، فكان لهم عزة وفخرا، فهلا ردوا الجميل، وصاروا له عدة وذخرا؛ فإن للنعمة شكرا، وللجميل في قلب الوفي موقعا وذكرا، يدفعه إلى الإسهام في مواصلة النهضة، وكل ما يحقق للوطن المجد والرفعة، من الحفاظ على أمنه واستقراره.

تأملوا -رحمكم الله- دعاء سيدنا إبراهيم -عليه السلام-: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾، وقول المصطفى ﷺ، عن جبل أحد:«هذا جبل يحبنا ونحبه»، وقوله ﷺ: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».

فاتقوا الله -يا عباد الله- وربوا أبناءكم على احترام الناس باختلاف أطيافهم، وتنوع مشاربهم؛ ففي ذلك صلاحكم، وخيركم، واستقراركم.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

هذه أيضًا ⇐ خطبة: الحفاظ على الدين والوطن – كاملة بالعناصر

الخطبة الثانية

الحمد لله السلام، أنعم علينا بالرخاء والاطمئنان، وحبب إلينا شعائر الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فيا عباد الله:‏ لا تتغير أحوالنا إلا بتغيير أنفسنا، وإكسابها معاني الخير والمعروف، والأخلاق والمروءة ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾.

وأهم وسيلة لبلوغ ذلك امتثال قول الحق ﷻ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾، وإنزال الأمور منزلتها في المجتمع، فإن الخروج عن الرأي الصحيح يؤدي إلى الفتنة، والانزلاق في الفساد، والتعدي على المكتسبات، والاعتداء على حق الآخرين.

وإن ما نشاهده أحيانا من تصرفات تنافي الشرع، وأعمال غير مسؤولة، ومظاهر غير وطنية، لهو دليل على أن الخروج على قيم المجتمع ومثله العليا جنوح إلى الشر والفساد الذي حذر الله ﷻ منه مرارا وتكرارا في آياته البينات، فالله ﷻ يقول: ﴿الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾، ويقول ﷻ: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾.

ومن أهم حقوق الوطن علينا أن نحميه بكل ما فيه، أن نحمي أناسه، ومقدساته، وكل ممتلكاته؛ فإن من اعتدى على أي شيء في وطنه فإنما يكون خائنا له، متنكرا لجميله.

والواجب على كل إنسان أن يرعى حق غيره، فيحميه، ويصون عرضه، ولا يتعرض له بأي اعتداء؛ فإن الاعتداء على الغير فتنة تودي بالمجتمعات، ونذير شر مصيره إلى التفرق والشتات.

هذا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين؛ محمد الهادي الأمين، فقد أمركم ربكم بذلك حين قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

أضف تعليق

error: