خطبة الجمعة اليوم تحت عنوان: حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن. الخطبة مكتوبة، وقد استلهمناها من فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان –جزاه الله خيرًا–. وفيها نسرد الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة حول موضوع اليوم، وهو –بالطَّبع– من الأهميَّة بمكان.
مقدمة الخطبة
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شرور أَنْفُسِنَا وَسَيِّئاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وخليله وَرَسُولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديهم واتبع سنتهم إلى يوم الدين، وبعد..
الخطبة الأولى
مسؤولية الأمن
الأمن من أعظم النعم على العباد، وإذا سُلب الناس الأمن سلبوا الخير الكثير، ولما ضرب الله ﷻ المثل في القرية التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، لما كفرت بأنعم الله أذاقها الله لباس الجوع والخوف.
فإنه إذا اجتمع على الناس الخوف والجوع فإنهم يكونون في شقاء الدُّنيا؛ لأن من كان عنده قوته والخوف موجود ربما اكتنّ الناس في بيوتهم؛ لأن عندهم رزقا يقتاتون منه.
وإذا كانوا في حال فقر؛ ولكن لا خوف عليهم انتشروا في الأرض وضربوا فيها في طلب الرزق، وتقلبوا في مناكبها.
فإذا وجد الخوف و(الجوع)، فهذا من أشد وأعظم دركات الشقاء.
الأمن على الدين
وإن من أجل الأمن وأعظمه: الأمن على الدين، أن يأمن الإنسان أن يعبد الله لا يخشى صولة أحد، ولا يخاف أن يُصَدَّ عن دينه؛ لأن أعظم ما يتمتع به الإنسان نعمة الإيمان –نعمة الإسلام–؛ لأنَّ الإيمان وما يقتضيه من العمل سبب السعادة في الحياة الأخرى؛ الحياة التي لا تنقضي؛ لأنَّ الدنيا بما فيها من ملذات ومتاع وحياة –وإن طالت– إنما هي متاع سائر وراحة مسافر سرعان ما يترك ما هو فيه أو يسلب ما هو فيه.
نعمة الإسلام
وإن أجل النعم نعمة الإسلام، وأجل حالات الأمن ألا يضايق الإنسان في دينه، فإنَّ كثيرًا من الناس في هذه الدنيا يحبون الإسلام وهم مسلمون، أبناء مسلمين؛ ولكنهم يُصَدُّون عن التمسك بدينهم ويحاسبون على تعظيم شعائر دينهم، ويُصرفون عن التمسك بسنة نبيهم، ويحال بينهم وبينها في كثير من الأحوال.
فإذا تمكّن المسلم أن يعيش آمنا على دينه لا يضايق إن تمسك به، ولا يخشى أن يُذلّ إذا عبد الله ﷻ، وأدى شعائر هذا الدين وعظم العبادة التي شرعها ربُّ العالمين، كان في نعمة عظيمة.
الله ﷻ لما بين كُفران قريش قال: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا) [القصص:٥٧]، الناس كانوا يتخطفون كما بيّن –جَلَّ وَعَلا– في كتابه من كلّ جهة، فبيّن أن ما يعيشه أهل الحرم، يعيشون في نعمة ليس في الدُّنيا من يماثلهم فيها، فبيَّن أن الله مكّن لهم حرماً آمنا، إذ كان العرب في الجاهلية لا يهيجون من دخل الحرم ولا يضايقونه، الطير تأمن فيه.
حتى ردّد ذلك شعراؤهم في أشعارهم في أمنه، ويروون أن ذلك من أعظم الأشياء.
الأمن نعمة عظيمة
فالأمن نعمة عظيمة جدا لو كانت لمجرد حفظ الدنيا، فكيف إذا أقامت نعمة أمن تصان فيها الأعراض، ويعان الناس لأداء عباداتهم، ولا يُهانون لتمسكهم بسنة نبيهم ﷺ؛ بل يجدون من يعينهم على ذلك كانوا في نعمة عظيمة جدًّا.
العالم الإسلامي؛ بل العالم أجمع يعيش كثيرًا من المخاوف، ونحن نسمع وتنشر الصحف وتجلب أخبارًا من خارج بلاد العالم الإسلامي لما يوجد من أنواع الخوف، حتّى عند أرقى دول العالم حضارة، فإنها حضارة استطاع أهلها أن يصلوا إلى كثير من أغراضهم في العدوان على الناس؛ ولكن لم تحقق أمنا.
يشعر كل أحد أنه لا يخاف إلا الله فيما يقوم به ويؤديه، إذا التزم مقتضى ما تسير عليه الأمة في بلاده.
وإذا أردنا أن نقول عن هذه البلاد فإنَّ هذه البلاد ظلت سنين طويلة، لا يوجد في العالم أجمع أمن كالأمن الذي تعيشه، وهذا من أجل النعم، مع ما ميّزها الله ﷻ به فيما يتعلق بصفاء العقيدة، وما يتعلق بتعظيم الشعائر لله، وما يحصل من التعاون على ذلك من مسؤولين ومن وجهاء الناس ومن أثريائهم، كلُّ ذلك من التّعاون على البر والتقوى.
وتعاونوا على البر والتقوى
وقد أمر الله ﷻ بِالتَّعاون على البر والتقوى. الله ﷻ نوّع في الأمن؛ ولكن الذي جاء في القرآن عامة ما جاء فيه من الأمن؛ إنما هو الأمن المهم يوم القيامة (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام ].
لهم الأمن يوم القيامة؛ لأنَّ كُرب الدُّنيا ومخاوفها ومتاعبها وكلُّ ما فيها من هم وقلق يزول بسرعة، إما بالرحيل عن الدنيا أو بتبدل الأحوال، فحالما تتبدل حال الفقير إلى غنى، والمريض إلى صحة، والمسافر إلى استقرار، ينسى كل ما مضى، وكما يقول الشاعر:
كأنَّ الفتى لم يعر يوما إذا اكتسى
ولم يكن ذا غُبْن إذا ما تموّل
الفقير الذي طال فقره إذا اغتنى نسي فقره، والغني المنعم إذا كان في أقصى حالات التنعم، إذا سلب ذلك الغنى وافتقر صارت حالته حالة تعاسة ونسي ما كان فيه من عزّ وجاه ونفوذ ورفاهية واقتدار على أمور دنياه.
أمن يوم القيامة
فالأمن في ذلك له أهمية كبيرة؛ ولكنَّ الأمن الذي جاء ذكره في القرآن كثيرًا هو أمن يوم القيامة (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ) [الشعراء]، (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) [عبس]، يوم يهتم كل أحد بنفسه، حتى الأنبياء: اللّهمَّ سلم سلم، وإنما تؤول الشفاعة وأمرها لسيد البشر محمد ﷺ.
فإذا اجتمع للناس أسباب أمن يوم القيامة وأسباب أمن الدُّنيا فقد حازوا حذافير الأمن وأدركوا جلّ مراد الأمن.
أمن يوم القيامة –في الحقيقة– لا يحصل إلا بالإيمان بالله ﷻ، وأداء فرائض الإسلام، والتقرب إلى الله ﷻ بنوافل الطاعات، والتّعاون على البر والتقوى، وكفّ الأذى.
يحرص المسلم بأن يكف آذاه «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».
يترك ما لا يعنيه، «مِنْ حُسْنِ إِسلَام الْمَرْءِ: تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيه».
يهتم بمصلحة الأمة، ويحقق الأسباب المؤدية إلى رضوان الله، والفوز بجنته، ولا يتم ذلك إلا بالإيمان، «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم». إلى غير ذلك من نصوص الشريعة.
إذن من الذي عليه أن يقوم بتثبيت الأمن وإرساء قواعده، وحماية أسواره، والدعوة إليه؟ كلُّ واحدٍ من الأمة، كلُّ واحد من الأمة عليه أن يقوم بذلك، وإن اختلفت الأحمال والأعباء.
فكما في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله «إمام عادل»، الإمام هو أثقل الناس مسؤولية عن أمن الدُّنيا وعن توفير أسباب أمن يوم القيامة.
ثم كلُّ النَّاس لابد لهم من التعاون على تحقيق الأمن.
والأمة التي يشيع فيها الأمن الدنيوي تنتعش الحياة فيها، ويسهل على الناس التنقل من مكان إلى مكان، وطلب الرزق والنظر في أرض الله وهو نظر مباح، أو النظر المؤدّي إلى قوة الإيمان بالله.
أما النظر الذي هو لتحقيق المتعة النفسية والانفلات من قيود الآداب والأخلاق فهو تقلب مشين سيئ.
الأمن الشرعي
بلدنا هذه بلد الإسلام، منبع الرسالة جزيرة العرب، التي لا يجوز أن يُقَرَّ فيها إعلان دين غير دين الإسلام، هذه الجزيرة يجب على كل سكانها أن يتعاونوا في تثبيت الأمن، وهو الأمن الشرعي الذي يكفّ الناس عن العدوان، ويُعينهم على أداء فرائض دينهم والتَّقرُّب إلى ربهم بنوافل العبادات، ويسهل لهم نشر الفضائل وبذل المعروف، وإيصال الخير إلى مستحقيه.
هذا الأمن الواجب الأعظم منه على السُّلطة، ولكن كل فرد من أفراد الأمة مسؤول؛ عليه أن يكون مهتما بأمور إخوانه المسلمين؛ لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، ومأمور بأن ينصره «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، قالوا: هذا ننصره مظلوما، كيف ننصره ظالما؟ قال: «تكفّه عن الظلم» فإذا وُجد التعاون والتناصر والأخذ بأسباب كفّ الظُّلم، من أراد أن يظلم يُكف عن الظلم، وهذا من نصره.
من ظلم يسعى لمنعه من الظلم وهذا من نصره.
هذه الأمور تجب على كل أحد، كما في الحديث الصحيح «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» فكل واحد مطلوب منه أن يقوم بما يقدر عليه فيما يحقق الأمن، الناس إذا انتشر الأمن فيما بينهم عمرت بلادهم وصارت حياتهم حياة لا تكدير فيها، إلا ما قد يكون لأفراد، وهذه سنة الحياة، لم يجعل الله ﷻ هذه الدنيا دار نعيم وإنما هي دار عناء (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) [البلد]، وإنما إذا كان الارتياح والشُّعور بالاطمئنان عام في الأمة قيل: إنَّ الأمة في أمن وأمان.
ومن هذا الواجب على كلّ أحد يجب على أهل البيوت أن يعتنوا ببيوتهم، وتربية الناشئة فيها، وحثهم على كف الأذى، وحثهم على بذل المعروف وحب الإحسان:
إلى أنفسهم بحملها على طاعة الله.
وإلى إخوانهم ببذل المعروف لهم بمختلف صنوفه، وأقل ذلك ممَّا لا يشق على أحد كائنا من كان للناس بالصلاح والاستقامة.
ثم إن الإنسان إذا دعا لأحد بخير فهو مستفيد؛ لأنَّ الإنسان إذا دعا لأخيه بظهر الغيب وكل الله به ملكا، كلما دعا قال الملك: ولكل مثل ذلك.
هذه الأمور التي ينبغي للنَّاس أن يعتنوا بها في كل مكان، المملكة وهي كما قلت: هي دار الإسلام والتي يأرز لها الإسلام في آخر الزمان.
والآن يعرف الناس ما الذي يعانيه الآخرون في كثير من البلاد الإسلامية، إذا رأوا الإنسان أن يعتاد صلاة الفجر مع الجماعة وضع تحت المُراقبة، إن كان من عامة الناس الذين لا يحملون علما ولا مسؤوليةٌ غُفل عنه إلَّا إذا كان له اختلاط بالآخرين.
من أظهر السنة في مظهره وملبسه وزينته وضع تحت مجهر المراقبة، قد يلجأ الإنسان ويجبر على ارتكاب ما يراه محرَّمًا، ولا شك أن هذا من الابتلاء، قد يعاقب لما يقوم به من طاعة الله، فلا ينقم منه إلَّا قيامه بمقتضى الإيمان.
إذا كانت مثل هذه المضايقات وهذه الإيذاءات غير موجودة في بلد فهذه من النعم العظيمة التي ينبغي للناس أن يشكروا الله ﷻ على ما يسره منها، ويسأله المزيد من ذلك، والحفظ والصيانة.
مما ينبغي أن يحصل من كل الناس التّعاون مع ولاة الأمر في ما يحقق الأمن بنصحهم وإرشادهم، والدُّعاء لهم بالتوفيق، والبعد عن كل ما يضاد مقاصد الشريعة؛ لأن ولي الأمر محتاج إلى من يسنده بالدعاء، من قد يرى أن ينصحه ويعينه على تحقيق الحق وإقامة العدل، وجب عليه أن يقوم بذلك، ومن لم يستطع أن يفعل ذلك وجب عليه أن يدعو له بالتوفيق والسداد في الأمر، والتماس رضا الله ﷻ؛ لأن من التمس رضا الله –من سائر– الناس – صادقًا في ذلك الالتماس وُفِّق؛ للحديث الصحيح من «التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه – أو عليه– وأرضى عليه الناس» .
هذه الأمور التي ينبغي أن يعتنى بها، ينبغي أن يراعى ويهتم بما نشأ في بلادنا هذه الفترة الأخيرة، هذه السنوات، يمكن من عشر سنوات أو أكثر من عدوان وتسلط، في هذه الأزمنة الأخيرة كثر القتل، ولا أقصد القتل التخريبي وإنما القتل (النفس)، لا شك أن هذا من ضعف الإيمان، وأعني بذلك القضايا التي تأتي إلى دوائر القضاء وما يتبعها أسباب ذلك ضعف الإيمان، ومن أسباب ذلك انتشار وسائل القتل.
وأما ما يتعلق بالأمور الإفسادية التخريبية فهي من أخطر الأمور وأشنعها، والذي ينبغي أن يعتنى به أن يعتني كلُّ أحد بنفسه وبأهل بيته من بنين وبنات وغير ذلك، وتعظيم شأن القيام بتحقيق الأمن، وأنه من التعاون على البر والتقوى.
الناس اعتادوا أن توجد جنايات فردية نتيجة خصام أو إرادة انتقام، أو للأخذ بثأر قديم وأمثال ذلك، فكانت أمورًا معروفة مألوفة؛ لكن لم يعتادوا أن تحدث جنايات لها صفة العموم، وآثارها آثار عامة، وأخطارها أخطار داهمة، لا شك أنَّ زمن الفتن توجد فيه أمور يقتل الشخص لا يدري ذووه لماذا قتل؟، ولا يدري قاتله لماذا قتله؟
لأن الفتن إذا عصفت رياحُها عميت البصائر وانتشر البلاء، فالنَّاس محتاجون لأن يأخذوا بجانب الحذر، ويسلكوا طريق الأمن، ويتجنبوا كل ما من شأنه أن يسبب الارتباكات، أو يحمل على الضغائن.
⬛️ وهنا: خطبة عن الأمن وأهميته
الخطبة الثانية
وطلبة العلم عليهم واجب أكثر من غيرهم، عليهم أن يكونوا على بصيرة وعناية، وتأمل في مقاصد الشّريعة، ونظرًا في مغبة الفساد وآثاره، وأن يحذروا من الوقوع فيه؛ لأنَّ الفتن إذا قامت وصار ثمراتها القتل والتدمير شاع البلاء وانتشر الفساد وقامت راية الخراب.
فالناس محتاجون لأن يهتموا بذلك، وطلبة العلم عليهم أن يقوموا بأكبر قسط مما يمكن أن ينور الناس ويبين لهم مقاصد الشريعة وعظيم بركاتها وجليل ثمارها.
الصحابة –رضي الله عنهم– كان أحدهم قد لا يعطي الرأي والفتوى خشية أن تبلغ من لا يفهم أبعادها ولا يُحسن تطبيقها، وقد لا يبيّن ذلك إلا إذا خشي الإثم بعدم بيان ذلك العلم.
ولما سئل أنس بن مالك –رضي الله عَنْهُ– ذكر أنه ما ندم على شيء ندمه على إخبار الحجاج بأقصى عقوبة عاقب بها النبيُّ ﷺ من عاقبهم.
ولهذا جاء في الأثر: حدثوا الناس بما يعرفون.
فطلبة العلم إذا رأوا من إنسان جُموحًا واندفاعًا عليهم أن يبينوا له نتائج ذلك الاندفاع وآثار ذلك الجموح، فرُبِّ جمحة تلقي الجامح بهوية وهاوية.
هذه أمور ينبغي أن تكون على بال كل طالب علم، وأن يهتم بها، وألا يتسرع في بيان أشياء لا يُحسن من يسمعها حملها.
ويجب على كل أحد أن يهتم بحفظ أمن هذه البلاد، فإنَّ أعداءنا لن يحققوا لنا أمنا وهم يرون أن مساجدنا بؤر خراب، وتربي ما يسمونه بالإرهاب، ويرون معاهدنا ومدارسنا ممَّا ينمي ذلك؛ لأنهم يريدون أن يبعدونا عن ديننا؛ لأن هذه القلعة –البلاد الإسلامية؛ جزيرة العرب– هي قلعة الإسلام، يريدون أن يُفسدوها، هم لن يحققوا لنا أمنا.
والشواهد الحاضرة من أكبر الأدلة، فمثلا بلاد الأفغان سعوا إلى خرابها ثم لم يحققوا لها أمنا، وبلاد العراق سعوا لإنقاذ عراق من صدام، وجاءوا بما جاءوا به من الطوام.
المملكة يقولون: إنها وهابية وإنَّها وإنها .. ويردد صداهم أبواق يتلمسون رضاهم.
فأهل الإيمان والتقوى والمنتسبون إلى الصَّلاح والتقى يجب أن يكون لهم أثر في تثقيف النَّاس وتثبيت قلوبهم وإرشادهم إلى ما يثبت أمن بلادنا ويزيدها قوة في هذا الثّبات، ويرمموا هذه الصُّدوع التي بدأت، فإن أسوار عقيدتنا وأسوار أخلاقنا تعرّضت لشروخ وصدوع، بآثار مقصودة من الأعداء، وتقبل لمن لا يفكر في العواقب من أهل البلد.
وأهل العلم هم الذين يجب أن يكونوا من آثار صمام الأمان، هذه الحوادث التي وجدت في المملكة العربية السعودية منذ أكثر من خمسة عشر سنة تقريبا بدأت، وإن كانت قد وجدت بعض الحوادث منذ قريبا من أربعين سنة؛ لكنها كأنها كانت عاصفة هدأت بسرعة؛ ولكن هذه الحركات الجديدة حركات متوالية تحتاج إلى أن يكون الناس كلهم صفّا متعاونين على دفع كلُّ ما يُخشى من شر.
لا أستمر في كلام أكثره مردد، وإنما أسأل الله ﷻ بأسمائه وصفاته أن يحفظ علينا ديننا، وأن يثبتنا على الإيمان، وأن يسددنا في كل أمورنا، وأن يجعل أحبَّ الأمور إلينا طاعته جَلَّ وَعَلَا وطاعة رسوله ﷺ.
وأن يُصلح ولاة أمور هذه البلاد ويهديهم ويوفقهم، ويرزقهم العزيمة على البر، والصدق في معاملة الله، والرفق بالأمة، والاهتمام بمصالحها ودفع الشَّر والضّر عنها، وأن يكافئهم على ذلك بتحقيق عزّ الإسلام وغنى هذه البلاد عن غيرها، واستغنائها بكل مواردها عن جميع عباد الله، وأن يكون ذلك منهم ابتغاء مرضاة الله.
وأن يوفق الجميع للتعاون على البر والتقوى، وإصلاح الأحوال في البيوت والذراري والأعمال والتجارات وسائر الأمور، وأن يوفّق كل من يقوم بعمل من الأعمال أن يراقب الله ﷻ فِي السِّرِّ والعلن، وأن يعلم أنه مسؤول ومساءل كما في حديث عدي بن حاتم «ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان» أن يستعد لذلك الموقف.
الدعاء
أسأله ﷻ أن يصلح حال المسلمين في كل مكان، وأن يجمع كلمتهم على الحق والهدى.
وأن يرينا في أعداء الله الكافرين من اليهود والنصارى وسائر طوائف الكفر عجائب قدرته.
وأن يصرف كيد الأعداء عن بلاد الإسلام إلى نحورهم، وأن يجعل الشَّر فيما بينهم مذلا للمتجبرين منهم وكافا لشر بقيتهم.
وأن يرينا عاجلا غير آجل والبلاد الإسلامية يقوم فيها العدل، وترتفع فيها راية الحق، وتحكم بشرع الله ﷻ عاجلا غير آجل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.