وإليكم إخواني هنا عنوان خطبة الجمعة القادمة من اقتراحنا؛ بعنوان: الأعمال المردودة. وكالعادة، الخطبة مكتوبة جاهزة سواء للطباعة أو الإلقاء المباشر عبر صفحات الموقع أو مشاركتها مع الزملاء من الخطباء والأئمة وطلاب العلم.
مقدمة الخطبة
الحمد لله الذي بعثَ إلى خَلقه مِن رُسُلِه مَن شاء، فأقام بِهم الحُجَّة، وأَوضَحَ بِهم المَحَجَّة، وأشهد ألَّا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، شهادةً يَثبُت بها التوحيد، ويَبطُل بها الشرك والتَّنديدُ، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله ورحمتُه المُهداةُ إلى العالمين، وحُجَّتُه الباقيةُ إلى يوم الدين، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله ومَنِ اتَّبعه في الأوَّلين والآخِرين.
أمَّا بعد: فاتقوا الله أيُّها المؤمنون. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.
الخطبة الأولى
واعلموا – رحمكم الله – أنَّ لله لمَّا بعثَ إلى خلقه رُسُلاً يُبَشِّرونَهم ويُنذرونَهم، خَصَّ هذه الأُمةَ بالرحمة المُهدَاة محمدٍ ﷺ.
قال الله ﷻ: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾.
وقال ﷻ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
ولم يَمُتِ النبيُ ﷺ حتى تركَ مِن إِرثه ما يُبَيِّن الحقَّ، ويُبطِل الباطَل، وكان في جوامع كَلِمِه ﷺ أُصولٌ نافعةٌ تهدي الحائرين، وتُرشد المُسترشدين.
ومِن جملتها: قوله ﷺ: “مَن عَمِلَ عملاً ليس عَلَيِه أَمرُنَا؛ فَهُوَ رَدٌّ”؛ فأخبره ﷺ أنَّ الأعمالَ التي يعملها الخلق نوعان:
- أحدهما: أعمالٌ يعملونها وَفق الأمر الذي جاء به ﷺ، أي وفق دينِه الذي بُعِثَ به.
- والآخر: أعمالٌ يعملونها على غير وَفق ذلك.
فأما الأول: فهو مقبولٌ مِن صاحبه، وهو مأجورٌ عليه.
وأما الثاني: فقد قال فيه ﷺ: “فَهُوَ رَدٌّ “؛ أي فهو مَردودٌ على صاحبه، وهو مأزورٌ غير مأجورٍ. فكُلُّ عملٍ يعمله العبدُ على خلاف دينِ الرسول ﷺ فهو مردودٌ، وصاحبه آثمٌ غير مأجورٍ.
وتلك الأعمال التي تقع من الخلق على خلاف ما جاء به النبي ﷺ من الدين نوعان:
- أحدهما: البِدَعُ الحادثة.
- والآخر: المُنكَرات الواقعة.
فما يجري مِن النَّاس من أنواع القُرَب التي يجعلونها دينًا و يَتَقَرَّبون بها إلى الله عز وجل مِمَّا لم يأتِ به النبيُ ﷺ مَردودٌ على أصحابه؛ كأنواع البِدَع الحادثة في شهر رجبٍ، مِمَّا لم يُعرَف في هَديه ﷺ.
وكذلك مِن جُملة ما يُرَدُّ: المُنكرَات الواقعة التي على خلاف دينِه ﷺ؛ من أنواع الفُحش، والإثم، والبَغي، والعُدوان؛ فكُلُّها مَردودةٌ أيضًا على أصحابِها، وَهُم مَأزُورن غير مأجورين.
فينبغي للعَبد أن يتحرَّى أن يكون عَمَلُه وَفق ما جاء به النبي ﷺ، وأن يحذَرَ مِن مخالفة ذلك؛ سواءً في البِدَع الحادثة، أو في المُنكَرات الواقعة؛ لأنها تُرَدُ على صاحبها، ويرجِع على نفسه بالإثمِ والوِزر.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيمَ لي ولكم، فاستغفِرُوه إنَّه هو الغفور الرحيم.
وتجدون هنا أيضًا.. خطبة: الحفاظ على البيئة مسئولية دينية ووطنية وإنسانية
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي هَدَى مَن شاء مِن خلقه إلى الإيمان وزَيَّنه، وأظهرَ له الحقَّ وبَيَّنه، وأشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وحده لا شريك، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله. اللهم صَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيت على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ، إنَّك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ، إنَّك حميدٌ مجيدٌ.
أمَّا بعد: أيها المؤمنون! إنَّ الله لمَّا بَعَث إلينا محمدًا ﷺ أمرنا بطاعته، ومِن طاعته ﷺ: أن تكون أعمالُنا كُلُّها وَفق دينه الذي بُعِث به، وليَعلَمِ العبدُ أنَّه إذا خَرَجَ عن ذلك إلى البِدَع الحادثة أو المنكرات الواقعة، فإنَّ جزاءَ عمله الرَّدُّ، وهو آثمٌ؛ كما قال ﷺ: “مَن عَملَ عملاً ليسَ عليه أمرُنا؛ فهو رَدٌّ”.
وكما يفوز الأوَّلون المُتَّبِعُون هَديَه ﷺ بمحبَّة الله؛ لقوله ﷻ: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾؛ فإنَّ الخالفين أمر النبي ﷺ يُحِلُّون بأنفسِهم غضبَ الله وبُغضَه ومَقتَه.
فينبغي أن يحذرَ العبدُ مِن ذلك أشدَّ الحَذَر؛ فإنَّه رُبَّما تمادىَ به هذا الجزاءُ، وحَلَّت به هذه العقوبة حتى يُحرَم من الجنَّة.
قال النبي ﷺ: “كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُون الجنَّةَ إلاَّ مَن أَبَى”، قالوا: يا رسول الله؛ ومَن يأبى؟! قال: “مَن أَطَاَعِني دَخَلَ الجنَّةَ، ومَن عصَانِي فَقَد أَبَ”.
فبِقَدر طَاعتِك النبي ﷺ تَقرُب مِن دُخول الجنَّة وتَتَبوَّأ فيها منزلاً يُعَدُّ لك، وبِقَدر ما يُبعِد العبدُ عن طاعة النبي ﷺ يُتَخَوَّف عليه ألاَّ يكون له منزلٌ في الجنَّة.
فاتَّبِعوا ﷺ، والزَموا هَديه، واحذَروا كُلَّ عملٍ مُخَالِفٍ لِمَا جاء به ﷺ من البِدَع المُحدثَات، والمُنكرات الواقعات.
هنا -كذلك- خطبة: لماذا خلقنا الله؟ «كاملة» مكتوبة
الدعاء
- اللهم حَبِّب إلينا الإيمان، وزَيِّنه في قلوبنا، وكَرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من عبادك الراشدين.
- اللهم أحيِنا على الإسلام والسُنَّة، وتَوَفَّنا على الإسلام والسُنة.
- اللهم فَرِّج كُرَب المكروبين، ونَفِّس هموم المهمومين، واقضِ الدَّين عن المَدينين، واشفِ مَرَضنا ومَرضَانا ومَرضى المسلمين.
- اللهم وَفِّق وَلَّي أمرِنا بتوفيقِك، وأيِّده بتأيِيدك، وارزقه البِطانةَ الصَّالحة الناصحةَ، وجَنِّبه بطانةَ السُّوء.
وأقِـم الصَّـلاة..
وإلى هنا إخواني الخطباء، نصل نهاية خطبتنا اليوم، والتي أتتكم بعنوان: الأعمال المردودة. والتي ألقاها فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي -جزاه الله خيرا-. وهذه أيضًا خطبة: فضل الصبر على البلاء وأسباب دفعه «مكتوبة» مُحْكَمة. فنسأل الله لنا ولكم التوفيق والخير والسَّداد.