مقدمة الخطبة
الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَمَرَ بِتَرْسِيخِ أَوَاصِرِ المَحَبَّةِ وَالمَوَدَّةِ وَالإِحْسَانِ، وَحَذَّرَ مِنَ الشِّقَاقِ وَالقَطِيعَةِ وَالعُدْوَانِ.
وَنَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، الوَاحِدُ الأَحَدُ، أَمَرَ عِبَادَهُ بِتَطْهِيرِ قُلُوبِهِمْ وَتَصْفِيَتِهَا مِنَ الغِلِّ وَالحَسَدِ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَطْهَرُ النَّاسِ سِيرَةً، وَأَنْقَاهُمْ سَرِيرَةً، وَأَنْفَذُهُمْ بَصِيرَةً، ﷺ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ الأَخْيَارِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ القَرَارِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
الخطبة الأولى
إِخْوَةَ الإِيمَانِ: مَا أَجْمَلَ البُيُوتَ السَّعِيدَةَ الَّتِي تَرْبِطُ أَهْلَهَا مَشَاعِرُ الحُبِّ وَالوِئَامِ، وَالمَوَدَّةِ وَالانْسِجَامِ، الأَبُ فِيهَا أَهْلٌ لِلتَّقْدِيرِ، وَالأُمُّ فِيهَا مَحَلٌّ لِلاحْتِرَامِ وَالتَّوْقِيرِ، الكَبِيرُ فِيهَا يَعْطِفُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالصَّغِيرُ فِيهَا يَعْتَرِفُ بِحَقِّ الكَبِيرِ، إِنَّهَا بُيُوتٌ مُضِيئَةٌ بِالإِيمَانِ، مَوْسُومَةٌ بِالسَّعَادَةِ وَالاطْمِئْنَانِ، قَائِمَةٌ عَلَى الحِوَارِ وَالتَّفَاهُمِ، وَالتَّلاحُمِ وَالتَّرَاحُمِ، القُلُوبُ فِيهَا مُتَآلِفَةٌ، وَالجُهُودُ فِيهَا مُتَكَاتِفَةٌ، كُلُّ فَرْدٍ فِيهَا يَعْرِفُ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ، فَهُمْ كَالجَسَدِ الوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالحُمَّى وَالسَّهَرِ.
هَذِهِ صُورَةٌ مُشْرِقَةٌ يَتَجَسَّدُ فِيهَا قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، وَفِي المُقَابِلِ هُنَاكَ صُوَرٌ قَاتِمَةٌ لِبُيُوتٍ أَوْهَى مِنْ نَسْجِ العَنْكَبُوتِ، القُلُوبُ فِيهَا مُتَنَافِرَةٌ، وَالأَرْوَاحُ فِيهَا مُتَنَاكِرَةٌ، هَذِهِ البُيُوتُ تُوشِكُ أَنْ تَنْهَارَ؛ لأَنَّهَا لَمْ تُبْنَ عَلَى تَقْوى مِنَ اللهِ
وَرِضْوَانٍ، وَلَمْ تَقُمْ عَلَى عَدْلٍ وَإِحْسَانٍ، نَسْأَلُ اللهَ السَّلامَةَ وَنَعُوذُ بِهِ مِنَ الخِذْلانِ.
مَعَاشِرَ المُؤْمِنِينَ: لَقَدْ سَعَى الإِسْلامُ إِلَى بِنَاءِ أُسْرَةٍ مُتَمَاسِكَةٍ، قَادِرَةٍ عَلَى رَفْدِ المُجْتَمَعِ وَإِمْدَادِهِ بِسَوَاعِدَ فَتِيَّةٍ، وَعُقُولٍ مُتَّقِدَةٍ، تَدْفَعُ بِعَجَلَتِهِ نَحْوَ الرُّقِيِّ وَالتَّقَدُّمِ، وَلَنْ يَتِمَّ ذَلِكَ إِلّا إِذَا كَانَتِ الأُسْرَةُ مَبْنِيَّةً عَلَى أُسُسٍ مَتِينَةٍ، تَبْدَأُ مِنْ حُسْنِ الاخْتِيَارِ وَمَعْرِفَةِ الأَدْوَارِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الهُدُوءِ وَالاتِّزَانِ، وَالتَّفَاهُمِ وَالحِوَارِ، وَالعَطْفِ وَاللِّينِ، لَقَدْ أَرْشَدَ الإِسْلامُ إِلَى حُسْنِ اخْتِيَارِ كِلا الزَّوْجَيْنِ لِلآخَرِ عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الدِّينِ وَالخُلُقِ، فَفِي الحَدِيثِ: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، وَ«إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ».
فَصَاحِبُ الدِّينِ وَالخُلُقِ يَعْرِفُ رَبَّهُ وَيَتَّقِيهِ، فَلا يَجِدُ الظُّلْمُ وَالبَغْيُ إِلَى حَيَاتِهِ سَبِيلًا، فَإِمَّا إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، وَبِذَلِكَ تُصْبِحُ حُقُوقُ جَمِيعِ الأَطْرَافِ فِي البَيْتِ المُسْلِمِ مَحْفُوظَةً بَيْنَ الخُلُقِ وَالدِّينِ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: تَرْبِيَةُ الأَبْنَاءِ مَسْؤُولِيَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الوَالِدَيْنِ، وَغِيَابُ دَوْرِهِما فِي التَّرْبِيَةِ يُهَدِّدُ كِيَانَ الأُسْرَةِ، وَيُعَرِّضُهَا لِلتَّفَكُّكِ وَالضَّيَاعِ، فَلا يَجُوزُ لِلأَبِ مَثَلًا أَنْ يَشْتَغِلَ بِأَعْمَالِهِ أَوْ يَقْضِيَ أَغْلَبَ وَقْتِهِ مَعَ رِفَاقِهِ، فَلا يَكَادُ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ وَأَبْنَائِهِ إِلّا فِي أَوْقَاتٍ مُتَأَخِّرَةٍ؛ مُلْقِيًا عِبْءَ التَّرْبِيَةِ عَلى كَاهِلِ زَوْجِهِ، كَمَا لا يَجُوزُ لِلأُمِّ أَنْ تَتَخَلَّى عَنْ مَسْؤُولِيَّةِ التَّرْبِيَةِ بِإِسْنَادِهَا إِلَى العَامِلَةِ أَوِ الحَاضِنَةِ، وَتَقْضِيَ أَغْلَبَ أَوْقَاتِهَا خَارِجَ المَنْزِلِ.
مَعَ العِلْمِ أَنَّ تَخَلِّيَ أَحَدِ الوَالِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا عَنْ دَوْرِهِ فِي التَّرْبِيَةِ يُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ اشْتِعَالِ نَارِ الخِلافِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، الَّذِي يَكُونُ ضَحِيَّتُهُ فِي الغَالِبِ أُولَئِكَ الأَطْفَالَ الأَبْرِيَاءَ، الَّذِينَ هُمْ أَمَلُ الأُمَّةِ وَمُسْتَقْبَلُهَا المَشْرِقُ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِأَجْيَالٍ لَمْ تَلْقَ حَظَّهَا مِنَ التَّرْبِيَةِ وَالتَّهْذِيبِ، وَالتَّعْلِيمِ وَالتَّأْدِيبِ، كَيْفَ سَيَكُونُ مُسْتَقْبَلُهَا؟! وَمِمَّا يَزِيدُ الطِّينَ بِلَّةً اشْتِغَالُ الوَالِدَيْنِ عَنِ الأَبْنَاءِ بِوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ، فَوَقْتُ الفَرَاغِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الآبَاءِ لا يُسَدُّ بِهِ مَا وَقَعَ مِنْ تَقْصِيرٍ فِي حَقِّ التَّرْبِيَةِ؛ بَلْ يُقْضَى فِي صَفَحَاتِ بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ، فَتَتَّسِعُ
الفَجْوَةُ بَيْنَ الآبَاءِ وَالأَبْنَاءِ، فَلا يَكَادُ الأَبُ يَعْرِفُ عَنْ زَوْجِهِ وَأَبْنَائِهِ شَيْئًا، وَلا المَرْأَةُ تَعْرِفُ مِنْ أَمْرِ زَوْجِهَا شَيْئًا، فَتَعِيشُ الأُسْرَةُ عُزْلَةً اجْتِمَاعِيَّةً مُخَلِّفَةً وَرَاءَهَا الكَثِيرَ مِنَ الخِلافِ وَالنِّزَاعِ، وَمَعَ هَذِهِ المُشْكِلَةِ هُنَاكَ مُشْكِلَةٌ أُخْرَى لا تَقِلُّ عَنْهَا خَطَرًا وَضَرَرًا، أَلَا وَهِيَ صِرَاعُ الأَدْوَارِ، فَلا الأَبُ يَعْرِفُ مُهِمَّتَهُ فِي الأُسْرَةِ، وَلا الأُمُّ تَعْرِفُ دَوْرَهَا، فَتَتَدَاخَلُ الأَدْوَارُ، وَيُحَاوِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَنَصَّلَ مِنْ مُهِمَّتِهِ مُشْتَغِلًا بِمُهِمَّةِ الآخَرِ، مَعَ أَنَّ الإِسْلامَ وَضَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الوَالِدَيْنِ مُهِمَّةً وَاضِحَةً وَدَوْرًا لا يَقُومُ بِهِ إِلَّا هُوَ، وَذَلِكَ بِمَا يَتَوَافَقُ مَعَ طَاقَاتِهِ وَقُدُرَاتِهِ، فَالقِوَامَةُ وَالكَسْبُ وَالإِنْفَاقُ مِنْ مُهِمّاتِ الأَبِ، أَمّا العَطْفُ وَالحَنَانُ وَالاهْتِمَامُ بِشُؤُونِ المَنْزِلِ فَمِنْ مُهِمّاتِ الأُمِّ، وَلا بَأْسَ أَنْ يَسُدَّ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ مَسَدَّ الآخَرِ فِي حَالاتِ الطَّوَارِئِ؛ لأَنَّ العَلاقَةَ الأُسْرِيَّةَ قَائِمَةٌ عَلَى التَّعَاوُنِ، وَلَكِنَّ الوَضْعَ العَامَّ أَنْ يُؤَدِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي الأُسْرَةِ وَاجِبَاتِهِ وَأَدْوَارَهُ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ ضُغُوطَاتِ الحَيَاةِ وَظُرُوفَهَا مَهْمَا كَانَتْ قَاسِيَةً يَجِبُ أَنْ لا تُؤَثِّرَ في كِيَانِ الأُسْرَةِ وَمَصِيرِهَا؛ لأَنَّ العَلاقَةَ الأُسْرِيَّةَ عَلاقَةٌ لَهَا مَكَانَتُهَا لا يَجُوزُ المِسَاسُ بِهَا بِسَبَبِ ضَغْطٍ مَالِيٍّ أَوْ إِرْهَاقٍ فِي العَمَلِ، أَوْ خِلافٍ مَعَ أَشْخاصٍ خَارِجَ المَنْزِلِ، وَإِذَا وَقَعَ أَحَدُ أَفْرَادِ الأُسْرَةِ فِي ضَغْطٍ مَالِيٍّ أَوْ نَفْسِيٍّ فَعَلَى البَاقِينَ أَنْ يَمُدُّوا لَهُ يَدَ المُسَاعَدَةِ، وَيُقَدِّمُوا لَهُ الدَّعْمَ وَالمُسَانَدَةَ، وَأَنْ لا يَجْعَلُوا البَيْتَ بِيئَةً مُنَفِّرَةً؛ بَلْ عَلَيْهِمْ أنْ يَجْعَلُوهُ جَاذِبًا لِلسَّكَنِ وَالاطْمِئْنَانِ.
فَاتَّقُوا اللهَ –عِبَادَ اللهِ–، ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
أقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
⇐ وهنا: ضوابط بناء الأسرة.. خطبة جمعة مكتوبة وجاهزة
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، ﷺ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَخُلّانِهِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: إِنَّ الخَوَاءَ الرُّوحِيَّ وَضَعْفَ الوَازِعِ الدِّينِيِّ الَّذِي تُعاني مِنهُ بَعْضُ الأُسَرِ يُعَدُّ مِنَ الأَسْبَابِ المُفْضِيَةِ إِلَى التَّفَكُّكِ وَالضَّيَاعِ، فَالبَيْتُ الَّذِي لا يُقْرَأُ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ بَيْتٌ تَتَجَرَّأُ الشَّيَاطِينُ عَلَى الوَسْوَسَةِ لأَهْلِهِ.
وَفِي الحَدِيثِ يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبِيتَ لَكُمْ وَلا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ».
فَالصَّلاةُ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ وَالقِيَامُ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ مُقَوِّمَاتِ الحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ وَالبُيُوتِ السَّعِيدَةِ ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾، وَأَمَّا الإِعْرَاضُ عَنِ الذِّكْرِ فَهُوَ سَبَبٌ لِشَقَاءِ البُيُوتِ وَانْهِيَارِهَا، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى﴾.
فَاتَّقُوا اللهَ –عِبَادَ اللهِ–، وَعَمِّرُوا بُيُوتَكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالعِبَادَةِ، إِنْ كُنْتُمْ تَنْشُدُونَ السَّعَادَةَ، وَتَرْجُونَ الحُسْنَى وَزِيَادَةً.
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ الأَمِينِ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ بِذَلكَ حِينَ قَالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمتَ عَلَى نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وعَنْ جَمْعِنَا هَذَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
⇐ وأترككم أخيرًا مع خطبة عن أسباب السعادة الزوجية