خطبة جمعة بعنوان: السعيد.. من أحسَن استقبال العام الدراسي الجديد

خطبة جمعة بعنوان: السعيد.. من أحسَن استقبال العام الدراسي الجديد

مقدمة الخطبة

الحمد لله الذي جعل التعلم أسمى غاية، وسالكا بالمؤمنين درب الهداية، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، خير داع إليه، وأفضل من طبقه، وحض عليه، ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فاتقوا الله معشر المؤمنين، وراقبوه في كل وقت وحين.

الخطبة الأولى

اعلموا يا عباد الله -وفقني الله وإياكم لمرضاته- أن من خير ما يتقرب به العبد إلى ربه طلب العلم، والسعي إلى نور الفهم، كيف لا وأول رسالة في شأنه من الله كانت ﴿أَقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، وما أمر الله لنبيه ﷺ بزيادة العلم: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾، إلا لعظيم فضله، وجزيل أجره.

ولو لم يكن في فضل العلم -يا عباد الله- إلا أن أهل العلم هم أشد الناس خشية لله لكفى به مزية، وحسبك به فضلا ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.

فضلا عما يكون لطالب العلم من الحسنات، ورفعة الدرجات: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾.

وأي شيء خير للمرء من أن يجد صحيفته يوم القيامة حافلة بالأجور؛ لتنفعه يوم البعث والنشور؟ «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، فالبدار البدار إلى العلم وطلبه، تعلما وتعليما، فثم الأجر الكبير، والفوز العظيم.

أيها المؤمنون: إن من نعم الله عليكم -يا من تطلبون العلم- أن وفقكم للالتحاق بالمدارس، وبدء العام الدراسي الجديد، فلتحمدوا الله على ذلك ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾، ولتستعدوا لبدء العام باستحضار نية طلب العلم؛ فـ «إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى»، ولتجعلوا نصب أعينكم أنه بهذا التعلم يدفع المرء عن نفسه الجهل، وينهض بمجتمعه ووطنه، ويرتقي بأمته، فما تمسك العقلاء بشيء خير من العلم؛ فهو عزة للمرء ورفعة، ورقي بالمجتمع ومنعة.

إن من أهم ما ينبغي للطالب أن يستعد به للعام الدراسي أن تكون له خطة واضحة بأهدافها، وطريقة معدة يسير على هداها.

وثمة ثلاث خطوات إن عمل بها الطالب ارتاح ونجح، وتفوق وأفلح، وهي:

  1. الخطوة الأولى: تحضير الدرس قبل حضوره؛ فإنه سيحضر الدرس وقد وعاه أو وعى طرفا منه، وأخذ فكرة عنه.
  2. الخطوة الثانية: التركيز في كلام المعلم؛ فإنه إن شرد ذهنه فاته الشرح، وعسر عليه الفهم.
  3. والخطوة الثالثة: المذاكرة أولا بأول؛ فإن الدروس إن تراكمت صعبت؛ فأخطر ما يقع فيه الطالب التسويف.

وليكن مما توصون به أولادكم النوم المبكر؛ فإنه أدعى إلى أن يكونوا في حصصهم مركزين، ولما يلقى على مسامعهم من علم واعين.

ومن الأمور المهمة التي ينبغي أن يتعودوها من الآن حتى تكون لهم عادة تنظيم الوقت، وعدم إدمان الأجهزة الإلكترونية، فإنها إن لم يحدد لها وقت ذهبت بالأوقات، وأضاعت الساعات، فالخير في أن يحدد للطالب وقت يستعملها فيه، وهنا تأتي رقابة الوالدين «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، فلينتبهوا لأولادهم فلذات أكبادهم؛ فإن الله سائلهم يوم القيامة عنهم.

فاتقوا الله في أولادكم، كونوا لهم الناصح الأمين، والسند المتين، تلقوا من الله الأجر العظيم، وتبلغوا جنات النعيم.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

وهذه أيضًا ⇐ خطبة عن بداية العام الدراسي الجديد وكيف نستقبله

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي جعلنا بهدي العلم مستمسكين، وعلى غرسه في نفوس النشء حريصين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، خير من ربى وعلم، ونشر العلم بين الناس وفهم، ﷺ وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين.

أما بعد، فيا أولياء الأمور الكرام: لقد حباكم الله الأولاد، فاشكروا له نعمته ﴿وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾، وإن من مظاهر شكر النعمة أن يعتني الإنسان بأولاده دراسيا، بأن يشجعهم ويحفزهم، ولا يثقل عليهم بكثرة اللوم والعتاب، أو التهديد بالعقاب؛ لأنه مظنة النفرة، وسبيل السآمة، إذ الاستقرار النفسي أساس الإنتاج. ثم ليبتعد عن المقارنة بينهم وبين زملائهم، فلكل ظروفه، وقدراته وإمكاناته، وليغرس في ذهن الأولاد ضرورة الأخذ بالأسباب؛ بالمذاكرة والاهتمام، فحسبهم أن يبذلوا الجهد، ومن الله التوفيق.

وعلى ولي الأمر أن يهيئ لأولاده البيئة المناسبة، كوجود مكان يذاكرون فيه بعيد عن الإزعاج، ويوفر لهم ما يحتاجون إليه من وسائل علمية معينة، وأدوات معرفية مهمة.

فاتقوا الله والزموا- يا عباد الله – الدعاء القرآني: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾، تقر أعينكم بأبنائكم في الدنيا، وتسعدوا بهم في الأخرى.

هذا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين؛ محمد الهادي الأمين، فقد أمركم ربكم بذلك حين قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَيْكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

أضف تعليق

error: