مقدمة الخطبة
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهَدُ أن محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد… فأُوصيكم ونفسي – أيها المؤمنون – بتقوى الله ﷻ؛ فإن التقوى بها رفعة الدرجات، وبها عِظَم الحسنات ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسرًا﴾ [الطلاق].
الخطبة الأولى
أيها المؤمنون، إن شريعتنا الإسلامية العظيمة جاءت بكل خير للفرد وللمجتمع، وجاءت بكل خير لإصلاح الفرد في أمر دينه وفي أمر دنياه، وبكل خير في إصلاح المجتمعات في أمر دينها وفي أمر دنياها، وهذه من المقاصد العظيمة لشريعة الإسلام أن يكون فيها صلاح الفردِ وصلاح المجتمع في الدين والدنيا لهما جميعًا.
وهذا الأمر البيِّنُ يتضحُ لك – أيها المسلم – فيما تعانيه في أمر حياتك المختلفة، ففي أمور حياتك تلحظ أن الشريعة جاءت بما فيه مصلحتك في دينك وفي دنياك، فحَضَّتِ الشريعة في أمر الدنيا على العمل، وجعلت المرء إذا سعى على عياله وأولاده ولكفاف نفسه ولئلا يُضَيِّعَ مَن يَقُوتُ = من الأمور الواجبة عليه؛ لئلا يُفضي تركه إلى أن يضيع نفسه وإلى أن يضيع من يَقُوتُ، فجعلت العمل قربة إلى الله ﷻ لمن صَلَّحَتْ نِيَّتُه، وجعلت الشريعة صلة الأرحام والتواصل فيما بين الناس قربة إلى الله ﷻ، بل جعل الله له الواصل موصولا برحمته، والقاطع مقطوعا من رحمته ﷻ، ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ أَوَلَيْكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَرَهُمْ﴾ [محمد]، وقال ﷺ: اليسَ الواصِلُ بالمكافئ، لَكِنَّ الواصِلَ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها». وهكذا في أمر العلاقة الزوجية، وفي علاقة الأب بأبنائه، وبأهله، وهكذا في أنواع التعامل بين الفرد وبين إخوانه المؤمنين، بل وفي أوجه التعاون بين جميع طبقات الناس، وهكذا على الأصل العظيم الشرعي في أن العباد يتعاونون على البر والتقوى، ولا يتعاونون على الإثم والعدوان، وهذا – أيها المؤمن – له نظائر كثيرة.
لهذا –أيها المؤمن– حضت الشريعة على أن يسعى المؤمن في تفريج كُرُبات إخوانه، وعلى أن يتعاون معهم على ما فيه صلاح دينهم وصلاح دنياهم، وقد ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ قال: «مَنْ نَفْسَ عَنْ مُؤْمِن كُرْبَةٌ مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةٌ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أخيه». وهذا الأصل عام في جميع العلاقات التي تكون بين المؤمنين.
لهذا كل تفريج للكربات محمود في الشريعة، وكل عون لأخيك المسلم في أمر دينه وفي أمر دنياه لمن احتسب ذلك وجعله قربةً يكون عبادة الله، ويكون مأجورًا عليه. وهذه القاعدة العظيمة اندرجت تحتها في تفاصيل الشريعة أحكام كثيرة:
- فمنها: ما هو متعلق بأحكام القرض، وأحكام الإحسان إلى الناس بإقراضهم الأموال، أو بإقراضهم الأشياء.
- ومنها: أحكام العارية.
- ومنها: أحكام التبرعات.
وعقود التبرعات بأنواعها، والوصية والوقف، والهبات التي ليس عليها الثواب الدنيوي، يعني: الهبة المطلقة لله ﷻ. وهكذا في أنواع من العقود والمعاملات جاءت على ذلك الأصل العظيم: «مَنْ نَفْسَ عَنْ مُؤْمِن كُرْبَةٌ مِنْ كُرَب الدُّنْيَا نَفْسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةٌ مِنْ كُرَب يَوْم الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ “.
هذه النظرة العامة لبعض أحكام الشريعة نأخذ مثلا لها بتفصيل، ألا وهو القرض.
والقرض – كما تعلمون – يكون لحاجة المسلم إلى أن يقترض من أخيه قرضًا يفك أزمته ويفي بحاجته، والمرء قد لا يتاح له أن يكون عنده المال دائما؛ لهذا حضّت الشريعة على أن يقرض المرء إخوانه إذا كان عنده فضل مال؛ فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما من حديث ابن مَسْعُودٍ له أن النبي ﷺ قال: «ما من مسلم يُقرِضُ مسلمًا قرضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةٌ». يعنى أن من أقرض أخاه المسلم مرتين كان كمن تصدق بذلك المال مرة واحدة.
ولهذا قال أبو الدرداء حكيم هذه الأمة: لئن أقرض دينارين أحبُّ إليَّ من أن أتصدق بهما؛ لأني أقرضهما فيرجعان إليَّ فأتصدق بهما، فيكون لي أجرهما مرتين.. يعني: لأنه حصل له الفضل بالصدقة مرة بالإقراض، ثم رجع إليه ماله، ثم هو يرجعه فيقرضه آخرين، وهكذا، يعني أن القرض فيه فضل عظيم.
ومن فضله أنه إذا أقرض الإنسان كان في ذلك زكاءُ نفسه، وكان في ذلك سلامة نفسه من حب المال، وكان في ذلك تفريج حوائج المسلمين، وتفريج كرباتهم، وقضاء حوائجهم وعونهم على أمر دنياهم، وهذا من التواصل والتعاون على البر والتقوى.
لهذا – أيها المؤمنون – القرض في حق المقرض مندوب إليه، وأجمع العلماء على أن القرض والإقراض جائز، وقال جماهيرهم: إن القرض في حق المقرض مستحب ومندوب إليه؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الصحيحة، وأما في حق المقترض فهو مباح؛ إن شاء اقترض لحاجته وإن شاء صبر، قال الإمام أحمد، رحم الله تعالى: ليس طلب القرض من المسألة المكروهة.
وذلك لأن النبي ﷺ اقترض واستسلف؛ كما روى أبو رافع له أن النبي ﷺ استسلف من رجل بكرا. يعني جملا بكرا، وهذا يدل على أن طلب القرض ليس من المسألة التي حرمها الشرع أو كرهها؛ فإن طلب القرض لأجل أن يفي الإنسان بحاجته هو على نية المعاوضة وعلى نية القضاء؛ فهو يعرض لإخوانه للفضل والإحسان العام وهو ينوي قضاء ذلك وينوي رده، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال: «مَن أخَذَ أموال الناس يُريد أداءَها أدَّى اللهُ عنه، ومَن أخَذَ يُريدُ إتلافها أتلفه الله» أو كما قال ﷺ.
آداب القرض والمقترض
فالمقترض إذا كان بحاجة فلا بأس أن يقترض، وليس ذلك من المسألة، ولكن لاقتراضه آداب:
الأدب الأول: أن ينوي حين الاقتراض أن يفي بحاجة نفسه، وأن يُؤَدِّيَ هذا القرض فور تمكنه من أدائه؛ لأن القرض دين، والدين معلق في الذمة، كما سيأتي بيان ذلك.
الأدب الثاني: أنه إذا أراد الاقتراض فإنه من المؤكد في حقه بل قال بعض العلماء: يجب أن يبين للمقرض حاله، وهل يستطيع الوفاء قريبًا أو لا يستطيع، فبعض الناس يكذب وإذا أراد أن يقترض قال: في خلال شهر أسدد، أو في خلال شهرين، أو في خلال سنة، وهو يعلم من نفسه أنه لن يستطيع أداء القرض في هذه المدة، وهذا كذب وغش للمقرض الذي أحسن بذلك، وكم أخذ طائفة من الناس من القروض على أنهم سيؤدونها في شهر أو شهرين أو ثلاثة، ثم هم لم يستطيعوا أداءها في سنين، وهم يعلمون من أنفسهم أنهم لن يستطيعوا، وهذا فيه نوعان من الإثم:
- الأول: أنه أخذ مالا كثيرًا وهو يعلم أنه لا يستطيع أداءه.
- والثاني: أنه غَشَّ المحسِنَ؛ غش من يريد إقراضه بوصف حاله.
وهذا أيضًا يندرج على من يتوسط للإقراض، فمن الناس من يسعى في الخير ويتوسط لإخوانه لأن يقرضوا، فيذهب بجاهه لأحد الأغنياء أو المُوسِرِينَ فيطلب إقراضًا لفلان من الناس، ولا يشرح حاله لهذا المقرض، ولهذا ينبغي على هذا المتوسط أن يخاف الله ﷻ وألا يغُرَّ الناس لأجل توسطه ببذله نفسه في حاجة الناس وهو لا يدري هل يستطيعون الوفاء أم لا يستطيعون الوفاء.
الأدب الثالث: أن المقرض إذا أعانه الله وأدى القرض ووفى وقضى ما أُقرض، فإنه يُستحب له أن يكون قضاؤه أحسن من القرض؛ فقد روى أبو رافع أن النبي ﷺ استسلف من رجل بكرا، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أباً رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خيارًا رَبَاعِيَّا، فقال: «أَعْطِهِ إيَّاه، إِنَّ خِيَارَ الناسِ أَحْسَنُهُم قَضَاءً».
وهذا من غير مواضعة واشتراط، يعني: سلفك مثلا عشرة آلاف فإنك إذا قضيت تعطيه معها هدية، أو تزيد له إلى أحد عشر أو اثني عشر ألفًا من غير اشتراط، وإنما هو تبرع منك وتفضل، فإن خير الناس أحسنهم قضاء، فإن امتنع ذلك من القبول حزتَ الفضلين، ولله الحمد والمنة.
أما إذا شُرِطَت الزيادة في أول القرض، أو شُرِطَت الهدية ونحو ذلك، فإن هذا من الربا، فكل قرض جر نفعًا فهو ربًا، كما قال ذلك أُبي بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس، وروي مرفوعا إلى النبي.
فإذا اقترض أحد فالإقراض باب إحسان لهذا قال العلماء: القرض عقد إحسان وإرفاق، فلا يجوز أن يعاوضه عنه بأكثر، أو أن يمن عليه، أو أن يلجأ إلى أشياء ينفعه بها دون أن يكون ذلك مما جرى بينهما عادة، فإن ذلك من الربا، والعياذ بالله.
فهذه بعض آداب القرض، وبعض ما ينبغي أن يتحلى به المقرض والمقترض.
إذا تبين ذلك فالقرض كالدين، يتأجل بتأجيله على الصحيح، فالقرض إذا أجل إلى سنة أو إلى سنتين أو قسم على أقساط فإنه يؤجل ولا يلزم حالا، يعني: لا يكون في ذمة المقترض حالا على الصحيح، بل يُؤَجل بتأجيله، فإذا أُجل لم يَجُز للمقرض أن يطالب المقترض به قبل أوانه؛ لأن هذا مخالف للإرفاق، والمؤمنون عند شروطهم.
وإذا كان الأمر كذلك فإن هذا التأجيل ينبغي معه أن يسعى المقترض في أداء القرض، وألا يترك ذلك دون مبالاة، وهكذا في أمر الديون بعامة، وأمر الدين وأمر القرض لازم في عنق صاحبه؛ فقد ثبت عنه ﷺ أنه قال: «نَفْسُ المؤمنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِه، حتى يُقضى عنه، والدين أعم من القرض كما هو معلوم؛ الدين يدخل فيه ثمن المبيع المؤجل والمهر المؤجل وأشياء كثيرة مما يلتزمها المرء وتكون دينًا عليه، وليست على سبيل القرض، فنفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، وقد جيء برجل إلى النبي ﷺ فقال رسول الله ﷺ: «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِ؟». قالوا: نعم. فقال: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فقام أحد الصحابة وقال: عليَّ دَينه يا رسول الله. فصلى عليه رسول الله ﷺ.
وثبت عنه أيضًا ﷺ أنه لَمَّا فُتحت عليه الفُتُوحَ قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِه». ﷺ، كان رءوفًا رحيما بارا بأمته ﷺ.
إذا تبينت هذه الأحكام – أخي المسلم – فاعلم أن سداد الدين براءة للذمة، وبراءة لهذا الأمر العظيم الذي لو تُوفي الذي عليه دين وفي رقبته دين كانت نفسه معلقة به، لا ينعم حتى يقضى عنه الدين والعياذ بالله؛ لأن الأمر خطير، ولما دفن أحد الصحابة وقيل للنبي ﷺ: إن عليه دينا، قال في شأنه ما قال، فقال رجل: يا رسول الله علي دينه، فقال: «الآنَ بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَهُ؛ لأنه مات ولم يترك وفاء وقضاء للناس، والقاعدة الشرعية أن الأمور التي بين الناس والمعاملات على قاعدة المشاحة لا يُعفى عنها إلا بأدائها. أسأل الله ﷻ أن يعينني وإياكم على أداء الحقوق بأنواعها. ومما يُذكر في هذا من الواقع المعاصر ما أخذه الكثيرون من المسلمين من صندوق التنمية العقاري كدين أجل عليهم في سنين، وهذا الدين له أحكام الدين الشرعية، فوفاؤه مطالب به العبد لبراءة ذمته، وهو دين عليك، ولو كان المطالب به بيت المال العام، فإنه دين؛ لأنك اشترطت على نفسك أن تعيد، وولي الأمر أعطى من بيت المال لأجل أن يعاد فينفع ما يعاد بقية المسلمين، وهذا كما ذكرت فيه مصلحتان:
الأولى: براءة الذمة، وبراءة الرقبة من أثر الدين. والثانية: أن الذي يسدد الدين للصندوق العقاري يفتح الباب لإخوانه المؤمنين ليستفيدوا من هذه الأموال، والمرء يُثاب على نيته الصالحة، وعلى تبرئته لذمته، وعلى إعانته لإخوانه.
أسأل الله ﷻ أن يُعينني وإياكم على أداء الحقوق بأنواعها، وأن يجعلنا من المؤمنين الصادقين، وأن يُفَقهَنا في ديننا، وأن يزيدنا من العلم والفقه والتَّقَى والصلاح، إنه سبحانه أكرم مسؤول.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ [الليل].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
⇐ وهنا خطبة: حسن العشرة وحفظها – مكتوبة + ملف PDF
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
أما بعد.. فأُوصيكم ونفسي بتقوى الله، واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله مع الجماعة، وعليكم بلزوم التقوى في سركم وجهركم، وفي أمركم كله؛ فإن بالتقوى الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. هذا واعلموا – رحمني الله وإياكم أن الله أمرنا بالصلاة على نبيه فقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَبِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حَوْزَةَ الدِّين، وانْصُرْ عِبادَك الموحدين..
⇐ أيضًا، هذه: خطبة عن الاستهلاك والمستهلكين
الدعاء
- اللهم آمِنًا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، ودلهم اللهم على الرشاد، واجعل اللهم عملهم في سداد، وهيئ اللهم لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الحق، وتذكرهم به، يا أكرم الأكرمين، اللهم واجعلنا وإياهم من المتعاونين على البر والتقوى يا أكرم الأكرمين..
- اللهم نسألك أن تَقِينا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وارفَع عنا الربا والزنا وأسبابهما، وادفع عنا الزلازل والمحن وسوء الفتن – ما ظهر منها وما بطن – عن هذه البلاد بخاصة، وعن سائر بلاد المؤمنين بعامة، يا أكرم الأكرمين.
- اللهم نسألك أن تُصلِحَنا جميعًا، وأن تَغفِرَ لنا جميعًا، اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كَرْبَ المكروبين، واقض الدين عن المدينين، يا أكرم الأكرمين..
- اللهم نسألك أن تُعيننا على أمر ديننا ودنيانا، اللهم نسألك إعانتك ونسألك توفيقك؛ فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك، توكلنا عليك وأنبنا إليك، وفَوَّضْنَا أمرنا إليك.
- اللهمَّ فَكُنْ لنا نِعْمَ المولى ونعم النَّصير، لا إله إلا أنت سبحانك أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
عباد الرحمن إِنَّ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل]، فاذكروا الله العظيم الجليل يَذْكُرُكُم، واشكروه على عُمُوم النِّعم يَزِدْكُم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت].
إخواني، كانت هذه خطبة جمعة، مكتوبة، بعنوان: آداب القرض والمقترض. ألقاها مباشرة الفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ –جزاه الله خيرا–.