قبل أن أتكلَّم عن العالِم خالد بن يزيد بن معاوية أود سؤالكم: من هو أبو الكيمياء؟ الجميع يعرفه، نعم، هو جابر بن حيان، صحيح، وقد نُخصِّص له بحثًا منفردًا -إن شاء الله-؛ لكن من هو أول عربي نقل الكيمياء إلى العربية، ونهل منها وبزوغ نجم علمه في زمانه؟ إليكم شيئًا من أبيات؛ وبالمناسبة، يقول عنه الدكتور جلال شوقي: هو أول من أنشأ ما نعرفه اليوم بالنظم التعليمي. يقول:
يا طـالــبـًا بـوريـطـش الـحكـمـاءِ — عــي مـنـطـقا حـقـا بـغيرِ خفاءِ
هـو زيبق الشرق الذي هتفوا به — فـي كتـبـهم من جُـملة الأشياءِ
سـمّـَوه زَهْـرًا فـي خفي رموزهم — والخُرْ شُقُلا أغـمـضَ الأسـماءِ
ودَعَـوْه بابـن الـنار كيما يصدقوا — عـن صـنعـةٍ بـُخلا عـن البعداءِ
فـإذا أردتَ مـثـاله فـاعـمـدْ إلــى — جـسم الـنحاس وناره الصفراءِ
فامزجْهما مزج امريءٍ ذي حكمةٍ — واحكمْ مزاوجة الهـوا بالماءِ
واسْحَقْ مركـَّبَك الـذي أَزْوَجْـتَـه — بالـجـد من صُـبح إلى الإمساءِ
الخُرْشُقُلا: الزئبق الأحمر.
خالد بن يزيد الأموي
نتحدث اليوم عن العالم المسلم، الشاعر والحكيم خالد بن يزيد الأموي، الذي وُلِد ونشأ في دمشق تقريبًا عام ٤٥ للهجرة.
قال الجاحظ في كتابه “البيان والتبيين”: كان خالد بن يزيد بن معاوية خطيبًا شاعِرًا وفصيحًا جامعًا وجيّد الرأي، كثير الأدب وكان أول من أعطى التراجِم والفلاسفة، وقرًّب أهل الحكمة ورؤساء كل صناعة.
وقال ابن خلكان في كتاب “وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان”: كان من أعلم قريش بفنون العِلم.
ويذكر أن خالدًا أخذ الصنعة من رجل من الرهبان يقال له “مريانس”؛ التقى به في نواحي القدس، ثُم استقدمه إلى دمشق كي يتعلم منه؛ وأن له في عِلم الصنعة ثلاث رسائل تضمنت إحداها ما جرى له مع مريانس وطريقة تعلمه، والرموز التي أشار إليها، وأن له أشعاراً كثيرة.
كتب خالد بن يزيد بن معاوية
من مؤلفات العالِم خالد بن يزيد:
- ثلاث رسائل في الصنعة.
- السر البديع في فلك الرمز المنيع.
- كتاب الحرارات.
- كتاب الرحمة في الكيمياء.
- كتاب الصحيفة الصغير.
- كتاب الصحيفة الكبير.
- كتاب وصيته إلى ابنه في الصنعة.
- منظومة فردوس الحكمة في علم الكيمياء.
ونخْتِم بما ختم به ديوانه الكيميائي حيث قال:
يا أيـها الـطـالـبُ للكيميا — لا تطلب العلمَ بغير المَيَا
من عقد الماءَ الذي حلَّه — فـاز بمـا كـان له راجـيـا
تلك التي يطلبها كلُّ مَنْ — ياحُبَّهَا من صنعةٍ لم يزلْ
يعرفها الأبرار والأصفيا — من فـاته الماءُ وتدبيره
قد فاته الرأيُ يا قُليبيـا
توفي العالم خالد بن يزيد -رحمه الله- سنة ٩٠ للهجرة. بعدما ترك هذا الإرث الكبير لكل أهل الأرض.
وإذا أردتُم القراءة عن علماء آخرون، يُمكنكم الاطلاع على: الخوارزمي – الزهراوي.