لم يعد السعوديون يلقون بالا لما يدخل البهجة في نفوس أطفالهم، المهم أن ينفذوا بجلودهم من موجة الغلاء الفاحش التي طالت كل شيء، حتى الحلوى التي يأنس الأطفال بها لم تعد ذات أهمية كبرى، إما لما اعتادوه عليه منذ أعوام وإما لكون جلبها أصبح يمثل عبئا على جيوبهم، الحلوى والعيد، رفيقان يأتيان معا كل مرة، إلا أن الكثيرين ينوون مخالفة الموعد، فالعيد سيأتي على الكثيرين دون أن تأتي الحلوى، فهم الأضحية التي زاد ثمنها هو المسيطر، ويردد البعض: «يكفي أن نجلبها لأبنائنا، فلا طاقة لنا بما عداها».
وأكد المواطن “سعود ا” أن شراء الحلوى عادة سنوية بالنسبة إليه: «نحن لا نهتم بالحلويات في الأيام العادية ولا نسعى لشرائها ولكن خلال أيام العيد يختلف الوضع، فهذه الحلويات لها طابعها الخاص ونحرص على اقتنائها حتى أثناء عيد الأضحى الذي تكتفي خلاله معظم الأسر بالأطعمة الدسمة على اعتبار أنه عيد الأضاحي واللحم وما شابه ذلك».
تباين في الأسعار
واعتبر “معاذ ا” أن حلوى العيد من الأساسيات، موضحا أن فرحة الأطفال لا تكتمل إلا بها على الرغم من الارتفاع غير المبرر في أسعارها: «اعتدنا على هذه الارتفاعات عاما بعد آخر، ولا نعلم ما الأسباب، على الرغم من ذلك نحن نبحث عنها ونحرص على جلبها بأنسب الأسعار»، مضيفا أن رحلة البحث عن الحلوى تبدأ قبيل العيد بثلاثة أيام: «في هذه الفترة تكثر الأنواع والأصناف المعروضة، وأحرص شخصيا على مشاركة أطفالي أثناء عملية الشراء لأنهم هم المعنيون بها».
وعن الأسعار ذكر أنها طبيعية جدا، وان كان هناك اختلاف فهو طفيف لا يكاد يذكر، وان ما يهمه في الحلوى جودتها ولذتها دون أي اعتبارات لأمور أخرى.
ويشير الشاب “عبدالعزيز ا” إلى أن والده كان يشتري حلوى العيد خلال الأعوام الماضية: «في هذه السنة فضلت القيام بالمهمة، أملا في الوقوف على الأسعار وطبيعة المعروض في الأسواق، وجدت تباينا كبيرا في الأسعار على الرغم من تساوي جودة السلع، وهذا الأمر جعلني أتحول إلى جلب الفطائر الجاهزة، فالكثير من عائلتي يفضلونها، كما عمدت إلى التغيير عن العادة السنوية».
عيد اللحوم
وألمح “عبدالله ا” إلى أنه اعتاد على مقاطعة الحلويات في عيد الأضحى المبارك: «هذا العيد مخصص للحوم ولا مجال لتناول الحلوى التي نحضرها لأبنائنا في عيد الفطر». وأشار إلى أن الكثير من المواطنين لا وقت لديهم للتفكير في أمر الحلوى: «الأضاحي «نفضت» جيوبنا، لم يعد لدينا ما ندفعه لشراء المستلزمات الأخرى فما بالكم بالحلوى؟». ووجدها المطرفي فرصة ليعبر عما في داخله مضيفا: «اوجدوا لنا حلا، خاطبوا المسؤولين، أوصلوا لهم رسالتنا، أسعار الأضاحي عالية جدا، بالأمس حاولت شراء أضحية بسعر تجاوز الـ 2800 ريال، فهل هذا يعقل».. وعندما سألناه عن سر وجوده إلى جانب محل حلويات أجاب ساخرا: «امتع ناظري بها، لكني لن اشتريها مطلقا».. مضيفا: «حضرت لشراء بقية مستلزمات العيد لبعض أفراد عائلتي».
واعترف “خالد المهنا” –صاحب مخابز وحلويات– بالإقبال الضعيف على شراء الحلوى من قِبل المواطنين والمقيمين: «هذا العيد يسمونه عيد اللحم لذلك نحن لا نسرف في تصنيع الحلوى بكميات كبيرة، يكفي أن نزيد ما نعرضه يوميا بحد قليل، الزبائن لا يهتمون بالحلويات إنما باللحوم والأضاحي، فهي تسيطر على اهتماماتهم يوم عيد الأضحى، نجهز الحلويات إذا كان هناك طلب عليها من قِبل أصحاب المناسبات والزواجات».
وأكد المهنا أن السعوديين أصبحوا متذوقين جيدين للحلويات ويعرفون أنواعا عدة لم تكن لهم بها صلة قبل خمسة أعوام أو أكثر: «ذلك أوجد لنا سوقا على مدار العام ويكثر الطلب خلال الأعياد والإجازات ونهاية الأسبوع».
وعن الحلويات والشوكولاتة يقول: «هناك نوعان منها محلي ومستورد، ونحن نركز على المحلي لكثرة الطلب عليه وأسعاره معقولة جدا قياسا بالأصناف المستوردة التي يبالغ كثيرا في أسعارها على الرغم من تواضع أصنافها وعدم ملاءمتها للكثيرين».
استثمار ناجح
ويقدر الخبير الاقتصادي ياسر الفريح حجم مبيعات سوق الحلويات والشوكولاتة السنوية في المملكة بنحو 250 مليون ريال بنسبة نمو تجاوزت 45% خلال الأعوام الخمسة الماضية: «سوق المملكة تعد من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط بحجم يصل إلى 500 مليون ريال من أصل ملياري ريال، وتعد أيام الأعياد والإجازات هي المواسم الذهبية للمحال حيث تكون هناك زيادة ملحوظة في نمو المبيعات في هذه الأوقات، كما تشهد أسواق المملكة نموا متزايدا لسوق الشوكولاتة خلال الأعوام الماضية، وذلك عائد إلى الجو الاستثماري الذي ساعد في هذا النمو والاستقرار وكذلك تنوع ثقافة المستهلك للإقبال على الشراء، وتشير الدراسات إلى أن أسواق المملكة مقبلة على انتعاش أكبر لسوق الحلويات والشكولاتة أمام المستهلك الذواق والباحث عن الجودة دائما».
وأضاف: «أعتقد أن الاستثمار في محال الحلويات هو بمثابة تجربة حقيقية ناجحة لكثير من التجار الذي توسعوا في تجارتهم وأصبح دخلهم يفوق دخل المحال الأخرى من خلال بيع الشوكولاتة والحلويات، وذلك لتنوع أشكالها وطعمها وأحجامها وأسعارها، أما المستورد فيتم استيراد 75% من الشوكولاتة الخام ونحو 25% من باقي دول العالم».