لقد أطنب العلماء الحديث حول حكم الصلاة على النبي في التشهد الأول أو الأخير. وسوف نسرد لكم أدناه ما وصلنا إليه من آراء حول هذه المسألة.
حكم الصلاة على النبي في التشهد الأول
يقول الشيخ محمد حسان أن في المسألة قولان:
- الأول: أنه لا يُزاد في التشهد الأول عن التشهد. يعني أن يتوقَّف المُصلي عند قول: وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وهذا مذهب الجمهور؛ من الحنابلة والأحناف والمالكية، وهو مذهب الإمام الشافعي في القديم. وهو قول طائفة من السَّلف. بل وهناك من نقل الإجماع على ذلك. وقالوا: لم يثبت عنه ﷺ أنه كان يفعل ذلك، ولم يُعلم ذلك للأمة. ولم يُعرَف أن أحدًا من الصحابة فعله. ولو شُرعت لبيَّنها لنا رسول الله ﷺ. ولو كان ذلك كذلك لما كان هناك فرق بين التشهد الأول والأخير.
- الثاني: قالوا أنه يُستحَب الإتيان بالصلاة على النبي ﷺ وذكرها بعد التشهد الأول. وهو مذهب الشافعية. وقد اختاره الإمام الآجري وابن حزم وغيرهما. واستدلوا، قائلين: أن الله أمر المؤمنين بالصلاة والسلام على النبي ﷺ، فدل على أنه حيث شُرع التسليم شُرعت الصلاة عليه.
حكم الصلاة على النبي في التشهد الأخير
ثم ننتَقل بكم إلى المسألة الثانية، وهي حكم الصلاة على النبي في التشهد الأخير. وهو ما اخترنا له توضيح أفرده الشيخ مصطفى العدوي في أحد دروسه.
فقال أنه ذهب فريق من أهل العلم إلى عدم وجوب الصلاة على النبي في التشهد الأخير من الصلاة، وذلك لأنه لم يرد أن النبي ﷺ أمر بذلك. وذهبوا إلى أن ذلك يُستحب فقط. لأن رسول الله ﷺ رأى رجلا يدعو في صلاته. فقال «عجل هذا. إذا صلى أحدكم، فليبدأ بتحميد ربه جل وعز والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء». وقالوا أن لفظ «عجل هذا» لا تُفيد وجوبًا، وإنما كان الأفضل له أن يحمد الله وأن يُثني عليه ثم يصلي على النبي ثم يدعو.
وفي المقابل يرى الشافعية أن الصلاة على النبي في التشهد الأخير واجبة، لكن أدلة الوجوب ليست بظاهرة.
وأردف الشّيخ أن الصلاة على النبي في التشهد الأخير ليست بركن، ولا دليل على ركنيّتها.
والخلاصة أن في هذه المسألة قولان أيضًا:
- الأول: أنها مستحبة وليست واجبة. ومنهم الأحناف والمالكية وبعض الحنابلة؛ ورجَّعه من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-.
- الثاني: وهو ما ذهب إليه الإمام الشافعي والإمام أحمد -في أصح الروايات عنه- إلى أن الصلاة على النبي في التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها. واستدلوا بالآية الكريمة ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. وقال الشافعي -رحمه الله-: أوجَب الله ﷻ بهذه الآية الصلاة على النبي، وأولى الأحوال بها حال الصلاة.
والمقصود بالصلاة على النبي في هذا المقام هي الصلاة الإبراهيمية؛ وصيغتها -كما وردت في الحديث الشريف- «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد».
وعلى هذا فإنك قد تجِد من يُرجح هذا الرأي أو ذا، بناءً على المذهب الذي يتَّبعه المُفتي، والله أعلم.
واقرأ هنا أيضًا عن: فضل الصلاة على النبي في قضاء الحوائج وذهاب الهُمُوم والأحزَان
الصورة في الصميم للشيخ عمر عبدالكافي في أحد دروسه عبر الإنترنت يشرح يفية الصلاة.