في البداية يجب أن نتفق جميعا أن ضحايا الفساد يفوقون بشكل كبير جدا أولئك الذين حصدت أرواحهم عجلة الإرهاب منذ أن اكتوى بنارها هذا الوطن. منهم من لقي حتفه بشكل مباشر كما فعل شهداء السيول في جدة، وضحايا حوادث السيارات الناتجة من قطع الغيار المشوهة، وضحايا الحرائق الذين كان لتجار الضمير «المبنشر» يد في حدوثها بأدواتهم الكهربائية التي تتلف دائما، وكذلك شهداء المشرط الطبي الذي يتحرك دون خوف أو رهبة! والقائمة قد تطول لتنافس من ذهبت بأرواحهم الحرب العالمية الثانية!.
كما يجب أن نضيف شهداء الضغط والسكري الذين فارقوا الحياة نتيجة للتسلط الإداري غير المبرر والبيروقراطية والظلم الذي لم يستطيعوا دفعه! إذ لا يستطيع أحد ما إقناعي بأن تحريك الموظف لمعاملة شخص ببرود واستعلاء لا يدخل ضمن الأسباب الرئيسية لأمراض القلب والشرايين!
وتطول فاتورة الفساد حتى أنها تعتبر الفاتورة الأطول في العالم والدليل أن كافة مشاكلنا التي عانيناها ونعانيها وسنعانيها لها علاقة بطريقة أو بأخرى بفساد ما وإن اختلفت الأوصاف التي تسبغ عليه. إنه قاتل أحلام مأجور وبكتيريا شديدة العدوى تنتهك كافة أنسجة المجتمع وتصل إلى جميع درجاته!.
لذلك ولأن العلاج على «قد السقم»، يجب أن نعلنها حربا وطنية ضد الفساد كما فعلنا مع الإرهاب أول مرة، الأمر ليس صعبا ولا مستحيلا، والمشكلة ليست في عدم وجود الرقابة، لأن الشعب كله مستعد أن يكون عينا إضافية إذا تطلب الأمر، بعد أن كان يشاهد القضايا، «يبلعها» ويمضي في طريقه!.
لماذا لا تكون حربا وطنية؟ تصنع لها الشعارات ذات الصدى، وتنشر فيها صور ضحايا كارثة جدة على سبيل المثال ويعلوها: «حتى لا نشاهد هذا الأمر مرة أخرى.. ساهم معنا في تنظيف وطنك».
نريد أن تنشر قوائم «الفاسدين» حتى تكون علامة فارقة في الحرب، وتوضع أرقام سهلة الحفظ وعلى قدر الأهمية من القضية للتبليغ، ولن يطالب الناس بمكافآت نتيجة لبلاغاتهم، فالكل هذه المرة مستعد لأن يدفع.. فقط «فكونا من شرهم»!.
بقلم: أيمن الجعفري
على هذا النحو نقرأ أيضًا:
- أولا: المواطن الشريف يكافح الفساد
- ومرورًا بـ: محاربة الفساد في الإسلام.. كيف حثَّت الشريعة على مكافحته!
- وختامًا؛ نقرأ هنا: آيات قرآنية وأحاديث نبوية عن الفساد والمفسدين