لقد تعلمنا من سيدنا المصطفى ﷺ سيد الاستغفار، وكذلك الإكثار من طَلبِ المغفِرة من المولى -الرَّحيم- لأنه كان يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة، وفي رواية “إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ”.
لماذا نستغفر؟
نستغفِر، لأن الاستغفار يُنقي صاحِبه، والتوبة تجعل الإنسان يتوب إلى ربه ويتوب الله عليه.
الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه نبي ورسول ومعصوم وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومع هذا يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرَّة. معنى هذا اننا نحن البشر البسطاء، لسنا معصومين ولكننا خطّاؤون، فجدير بنا أن نستكثِر من التوبة والاستغفار.
فهو نفسه عليه الصلاة والسلام يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرَّة، فما بالك بنا نحن في أمسّ الحاجة إلى أكثر من هذا.
شرح حديث دعاء سيد الاستغفار
لقد نبهنا حبيبنا وشفيعنا ﷺ إلى صيغةٍ هامةٍ وهي صيغة سيد الاستغفار. يقول ﷺ: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللهمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ».
وأكمَل ﷺ «مَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
فهذه الصيغة هي سيد الاستغفار، أفضل صيغ الاستغفار، تبدأها بالإقرار والإعلام بأن الله ربك “اللهمَّ أَنْتَ رَبِّي”، وأنه واحدٌ لا شريك له “لا إِلَهَ إلا أَنْتَ“.
“خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ” أنت الخالق وأنا المخلوق.
“وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ” والتعبير بقول “ما استطعت” أنه قد ينتاب الإنسان فترة، تزِلّ القدم ويرتكبُ إثمًا ما.
“أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ“، أعوذ بك مما صنعته مما لا يرضيك عنّي.
“أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ“. هذه الصيغة التي فيها الإقرار والرجوع والإنابة والتضرُّع للخالق سبحانه وتعالى تُسمى بسيد الاستغفار.
ورب العزة سبحانه وتعالى ينادي بني آدم “يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة”.
اللهم اغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ونجنا من الهم والغم والكرب العظيم، ومتعنا بالنظر الى وجهك الكريم، واجعلنا من الذين تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم، دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.