ما أجمل الأشجار والنخل، سبحان الخالق، وما أجمل إبداعه، أتعلمون أنه قد حثنا النبي وصحابته على الزراعة وأن ثوابها عظيم لما فيها من منافع للآخرين، فهي صدقة للمسلم.
موقف أبي الدرداء –رضي الله عنه– من الزراعة
ذات مرة مر رجل بأبي الدرداء، وهو يغرس شجره مع العلم أنه كان شيخاً كبيراً بالسن، فتعجب الرجل وسأله لماذا يغرسها، وهو يعلم جيدًا أن ثمارها تحتاج لسنين حتى تنضج؛ فرد عليه أبو الدرداء وقال: ما علي أن يكون لي أجرها، ويأكل منها غيري.
فعن أنس بن مالك –رضي الله عنه– أن رسول الله ﷺ قال «ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرعُ زرعاً فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلا كان له به صدقة».
معاني كلمات الحديث
- معنى يغرس: هو فعل أصله الغرس، وهو دفن جذور فسيلة الشجر في التربة.
- الزرع: هو نثر البذور في التربة أي هو مرحلة بعد الغرس.
- بهيمة: البهيمة هنا تدل على أي حيوان.
من هو أنس بن مالك؟
هو الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضر الأنصاري. صحب أنس النبي ﷺ ولازمه وخدمه عشر سنين، وهي مدة إقامته بالمدينة منذ هاجر إلى أن توفى، وقد دعا له النبي ﷺ «اللهم أكثر ماله وولده وأدخله الجنة»، فقال: فقد رأيت الاثنتين وأرجو الثالثة.
شهد بدراً ولكنه لم يقاتل، فقد كان صغيراً، ولكنه بقي في رحال الجيش لخدمة النبي، وحضر الحديبية وعمرتها والحج والفتح وحنين والطائف وخيبر، وقد ولاه أبو بكر صدقات البحرين، وقال عنه عمر: إنه لبيب كاتب، توفي عام 93 هجريًا بالبصرة عن عمر يُناهز 107 سنين.
نفهم من الحديث أن الزراعة من الأعمال والحرف التي فطر الله الناس على حبها، وقد قال ﷻ ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾.
أيضا قد كان الأنبياء الذين هم قدوة يعملون الحرف اليدوية، فما من نبي إلا ورعى الغنم.
حرف الأنبياء
- عمل نبي الله داود –عليه السلام– صانع دروع.
- وعمل نوح وزكريا –عليهما السلام– في النجارة.
- وعمل نبينا محمد ﷺ في رعي الغنم والتجارة.
فعن أبي هريرة –رضي الله عنه– أن رسول الله ﷺ قال «كان زكريا نجارا».
إرشادات الحديث
أن الله رتب للمسلم الذي يعمل بالزراعة أجراً كبيراً لما فيها من ثوابٍ وأجرٍ حسن عن كل ثمرة يأكلها إنسان أو حيوان أو طائر.
كما أن الإسلام رفع من شأن الزراعة لتكون عملاً أخروياً كما في قول الرسول ﷺ «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها».
وعلينا أن نحترم العمل ولا نحتقر منه شيئا.
كما يجب علينا أن نجتهد في الأكل من كسب يدينا، والاقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
الخلاصة
- النبي ﷺ حثنا وكذلك صحابته على الزراعة، وأن ثوابها عظيم لما فيها من منافع للآخرين.
- الزراعة من الأعمال اليدوية التي فطر الله الناس على حبها.
- العمل في الزراعة من عمارة الأرض.
كما عرفنا الفرق بين الغرس والزرع، فالغرس هو دفن جذور فسيلة الشجر في التربة، أما الزرع هو نثر البذور في التربة أي هو مرحلة بعد الغرس.
واخترت لك بعض المُقترحات الأُخرى أيضًا: