لو لم يكن لدينا بعض الجمعيات التي أسست لحماية المواطن أو العامل في قطاع ما، لكان وضعنا أفضل، والمراد بالأفضل هنا هو بقاء الحلم بأن هذه الجمعيات كانت ستحسن الأوضاع، فلو أخذ المستهلك على سبيل المثال أن جمعية حمايته لم تنشأ، فإنه سيظل يحلم باليوم الذي تؤسس فيه هذه الجمعية لتأخذ حقه وتدافع عنه، وتكبح الاستغلال الذي يتعرض له، وتكف يد الاستخفاف التي تطاله في كل وقت.
والحال أيضا ينصب على الجمعيات الأخرى مثل هيئة الصحفيين، فسيظل الصحافي ينتظر هذه الهيئة التي ستدافع عنه وتحول واقع المهنة إلى مفهوم مختلف عن الواقع، وسيستطيع أن يقول لا للمؤسسة التي توظفه، وأن يملأ فاه بكل ما يعده معيارا مهنيا لا يجوز المساس به.
وكذلك الأمر مع كثير من الجمعيات والهيئات التي ظهرت في السنوات الأخيرة، والتي لا أعلم شيئا عن أحوالها الداخلية، لكن يكفي العنوان العام من حالة الإحباط واليأس التي تلف المنتسبين لها أو المستفيدين من خدماتها.
هذه الجمعيات والهيئات لم تقدم شيئا يستحق الذكر بخلاف التصريحات الإعلامية، لكنها قدمت شيئا واحدا، وهو أنها قتلت الحلم الذي ظل يراود الكثيرين لعقود طويلة، حلمهم بغد أفضل في وجود هذه التجمعات، لكن مع ظهورها تحولت إلى ثقل يرهق المستفيد، فهي الجهة التي تدافع عن المستفيد، ومع ذلك تغط في سبات في أحسن الأحوال، وفي أسوئها تحولت إلى «حصالة» لمجموعات من المنتفعين الذين صادروها، هذه المصادرة طالت الحلم أيضا، فلم يبق لنا حتى الحلم الذي كنا نأنس به حين لم تكن موجودة.
وبين يائس من إصلاح هذه التجمعات، يراوده اليوم حلم الخلاص منها، وذلك لاستعادة الحلم المصادر، وبين آخر يأمل أن ينصلح الحال من خلال تدخل جهات عليا، بعد أن فقد ثقته بالقائمين على هذه التجمعات التي استمرت مراوحة في المكان نفسه، والإنجاز الوحيد هو أن هناك جمعية ولو على ورق.
بقلم: منيف الصفوقي