«شيماء» تسأل: مشكلتي أنني أحبه في الخفاء، وهو كذلك، نحن نعيش قصة حب بعيدة عن العين، أتوارى لكي لا يعلم أحد بحبي له، أحادثه عبر الهاتف في منتصف الليل، وكل الأسرة غارقون في نومهم، أحادثه وأنا أرتجف من الخوف؛ ولكن ما إن أكلمه حتى أحس أني ملكت الدنيا بما فيها، فعلاً أحبّه ولم أعرف معنى الحب إلا منه، إني حائرة خائفة من هذا الحب الذي أسميه حبًّا من وراء الكواليس، لا أستطيع إخباره بخوفي هذا، ولا أدري ماذا يتوجب علي فعله، ما أعرفه فقط هو أنني أحبه، ولا أريد تركه، ومستعدة أن أقدم له روحي إن شاء الله، أغيثوني أرشدوني إلى حل.
الإجابـة
أختنا العزيزة، أهلاً بك، وشكراً على ثقتك، ما أصدق كلماتك، وأنت تصفين مشاعر الحب الأول حين تتحرك في قلب بريء طاهر، لم يعرف غير هذا الشريك، فبدأ يبث إليه كل المخزون من المشاعر والعواطف، ووصل إلى الاستعداد لبذل الروح من أجله.
سبحان الله، ما أعجب القلوب حين تحب أو تكره!! ولكنَّ للحب وجوهًا متعددة ينبغي أن تعرفيها، ومن أهم الوجوه – إضافة إلى العاطفة – وجه المسئولية، فالحب الحقيقي يقرن العاطفة الرومانسية بالمسئولية الواقعية، فلا يكون حبًّا حقيقيًّا إلا إذا كان مسئولاً، وآية الجدية في الحب هي الاستعداد لتتويج هذه العاطفة بالارتباط الرسمي؛ لتخرج هذه العلاقة من وراء الكواليس، ولتجري بقية وقائع الحياة فوق خشبة العرض.. فهل الطرف الآخر على استعداد لهذا؟!
استمرار هذه العلاقة بهذا الشكل لا يدعو إلى الخوف فقط، ولكن إلى الاستنكار والشك في جدية أطرافها، والخوف ينبغي أن يكون من الخطأ والحرام، وليس من مجرد أن يضبطك ضابط في الأسرة.
نعرف يا أختي، أن هناك مشكلة في بعض مجتمعاتنا جعلت من العلاقات عبر الهاتف ظاهرة منتشرة، وعلاقة تدخل فيها الكثيرات طموحاً للتواصل مع الجنس الآخر ووصولاً إلى الزواج الذي أصبح مشكلة أخرى في هذه المجتمعات لأسباب متعددة، فلا تجعلي شيوع الأمر يضفي عليه المشروعية والاعتياد.
ولكن نكرر لك هنا ما نقوله دوماً عن أن العاطفة والجنس والزواج ليست هي مكونات الحياة وحدها، بل هناك أمور أخرى ينبغي إعطاؤها حقها بتوازن بين العاطفة والعقل، والعلم والروح، وجوانب الإنسان وأنشطته جميعاً، فهل فكرت في استكمال الدراسة أو ممارسة أنشطة أو تنمية مهاراتك؟!
أحسب أنك تعرفين هذا جيداً، ولكنك تشعرين بأهمية ومتعة التواصل مع الجنس الآخر، ونحن معك في أن الحب ذاته ليس خطأ أو معصية أو شيئًا ينبغي أن نستقذره، ولكن ما هو الأسلوب لممارسة هذا الحق، والنتيجة المترتبة على هذه الممارسة؟!! إذا لم تقترن المسئولية بالعاطفة في الحب يصبح شيئاً عبثاً ومدمراً، وينقلب الأمر من اللذة إلى الشعور بالندم والألم والحرمان.
فما هو تصورك، وتصور الطرف الآخر لهذه الجزئية الأساسية؟!
هل هو مناسب لك زوجاً؟ وهل فاتحك في هذا؟ وما هي خطوات إتمام الأمر؟!
المسألة ليست عسلاً فقط يا أختي، والحب أروع شيء في الوجود حين يقترن بالفهم، والاستعداد المتبادل للبذل وإلا كان من طرف واحد، أرجو أن تكون الصورة قد اتضحت أمامك، وأن نعرف تفاصيل أكثر، وتطورات الأمر منك قريباً.