«تقوى» تسأل: أنا فتاة في مقتبل العمر، وأدرس في الجامعة، وفي سن مؤهلة للزواج، وملتزمة -بفضل الله- بتعاليم الإسلام في جميع الجوانب.
تواجهني مشكلة حالية؛ إذ تقدم شاب لخطبتي، وهو أيضا يدرس في الجامعة نفسها التي أدرس فيها، وهو على وشك التخرج، وهو شاب ملتزم جدا، ومن القيادات الإسلامية الطلابية، ويحفظ ثلثي القرآن، ومثقف، وأخلاقه عالية، وأنا في الحقيقة معجبة جدا بهذا الشاب: بأخلاقه، ودينه، وشخصيته، وأتمنى أن يكون شريك حياتي…
ولكن أهلي رفضوا هذا الشاب؛ بسبب أنه مطلوب للإسرائيليين، ومعرض للاعتقال من قِبَلهم؛ بسبب نشاطه الجهادي، فهم يخشون أن يُعتقل أو يحدث له أذى، فيلحقني الضرر، وهم مصرون على الرفض بشكل قاطع، وأنا متمسكة به بشكل كبير، وهو كذلك متعلق بي جدا.. وأنا الآن حائرة، فأهلي يرغبون في تزويجي لغيره ممن يتقدمون لخطبتي، ولكني لا أريد غير هذا الشاب…
الإجابـة
ومَنْ مِن شباب فلسطين ليس معرضًا للاعتقال أو القتل؟ ومن أعطى الأمان لباقي الشباب؟ ومَنْ في مأمن؟ إنه دور سيأتي على الجميع، و”لا أمان من الموت” ! إنه على هامش الحياة في فلسطين، التي تغلي اليوم، وستظل تغلي.
هذا ما يجب أن يفهمه أهلك، وأن يصل إليهم في هدوء وصبر وتصميم؛ لأن هذا الشباب إذا لم يزوجه المجتمع ويرضى به زوجًا لبناته، فإن المجتمع يفقد احترامه لنفسه؛ حيث يحتاج إلى من يدافع عنه، ثم بعد ذلك يرفضه ويعتبر دفاعه عن وطنه عيبًا يُرفض أن يُزوّج من أجله! أي مجتمع هذا؟! وأي منطق يتعامل به؟! إننا دائمًا نتحدث عن جناحي العقل والعاطفة في الاختيار، ويجب ألا نجعل أحد الجناحين يطغى على الآخر، ومع ذلك نقول: إن جهاد هذا الشاب -الذي جعله مطلوبًا من الإسرائيليين- يرجحه في ميزان العقل، وليس العكس.
وإنني لأتساءل: هل الشباب القاعد المُرفّه، البعيد عن طريق الجهاد هو من نزوجه بناتنا؟ هل هو الذي ترجّح كفته؟! أي ميزان هذا، وأي منطق!
إن هذا الشاب الحامل لروحه على كفة، يتعلق قلبه بإنسانة من أهل الدنيا، ويحقق المعادلة الصعبة الموجودة على أرض فلسطين؛ حيث يحاول أن يعيش حياة طبيعية قدر الإمكان، وفي الوقت نفسه يعيش حياة المجاهد المتقلبة غير المستقرة، والتي يمكن أن يفقد نفسه فيها في أي لحظة. هذه الحياة هي النموذج العبقري الذي وصل إليه أهل فلسطين؛ فهل نهزم هذا النموذج، وننبذه، ونقول لمن سار في طريق الجهاد: لا، ليس لك حق أن تتزوج؟!
إن الإيذاء نسبي ومرحلي، ومَنْ يظن أنه بعيد عن الإيذاء؛ لأنه بعيد عن طريق الجهاد واهمٌ؛ لأن الطائرات المروحية وهي تدك القرى والدبابات، وهي تهدم البيوت على رؤوس أصحابها، لا تختار ولا تميز؛ لأن إسرائيل تعد كل فلسطيني عدوًّا يجب طرده.
أيتها الأخت الكريمة، لقد أحبك هذا المجاهد، وحقه عليك أن تقفي بجانبه، ليس من أجله، بل من أجل كل المجاهدين وكل الشهداء، وإن أقل تكريم نقدمه لهم أن نفتخر بهم، بل نسعى لتزويجهم؛ لأنهم غدًا هم الشهداء الذين يشفعون لنا، غدًا ستكونين زوجة الشهيد، فلتُعلني تصميمك لأهلك، ولتذكريهم بهذه المعاني.
ويمكنك مراجعة مشاكل سابقة، ومنها:
- ↵ زواج تقليدي: هل يكفي لقاء واحد لاختيار شريكة الحياة؟
- ↵ هل أقبل الزواج من ابن خالي ذي الطباع السيئة؟
- ↵ أحب فتاة من قبيلة أخرى ومن ذوي الاحتياجات الخاصة!
وليس شرطًا- أختي الكريمة- أن يكون هذا المجاهد هو فريسة الموت والإيذاء من أعدائه، وقد قالها “خالد بن الوليد” وهو على فراش الموت: “هأنا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء!”.
⇐ أجابها: عمرو أبو خليل