بالقرب من الحدود الليبية وفي أقصى الغرب المصري جنوب مرسى مطروح وبعيدًا عن العاصمة بـ 830 كم وسط الصحراء القاحلة تقبع جنَّة تناساها الناس تُدعى “سيوة”، فيها ما يُبهر من البحيرات والينابيع، وما لا يصدق من بساتين وأشجار الزيتون وآلاف النخيل وأشجار الفاكهة، فهي حقًا جزيرة مبهجة وسط صحراء قاتمة.
وتتميز واحة “سيوة” بالغنى من الثروات الطبيعية والآثار التاريخية والعادات القبلية التي ينفرد بها سكانها البالغ عددهم ثلاثين ألف نسمة.
وتضم سيوة خيارات متعددة للإقامة، ففيها الفنادق الفخمة مثل منتجع “أدرار أملال”، وفيها الجيد والمتوسط مثل فندق “كيلاني”.
والتنقل داخل سيوة يكون بإحدى وسيلتين لا ثالث لهما، فإما الدراجات الهوائية التي تجوب الأرجاء ليل نهار بأسعار زهيدة، وإما “الكرتَّة” وهي عربة ذات أربعة مقاعد بسيطة تجرها الحمير.
أما من حيث الأنشطة السياحية والترفيهية في الواحة، فمجرد الوجود في سيوة يُعطي شعورًا بأنها مغامرة ذات مشاهد متتابعة داخل فيلم هوليودي، فالواحة مليئة بالآثار العجيبة والأماكن غير المألوفة، فالزائر لديه العديد من النشاطات.. فليستعد!
جبل الموتى
بالرغم من أن التسمية تبدو مخيفة، إلا أن المكان نفسه جميل وساحر، هو عبارة عن تل صخري مرتفع نُحتت فيه مقابر أثرية تعود إلى الرومان، وبُنيت هذه المقابر بمعمار عجيب جعلها تشبه خلية النحل وسط الصخور، والغريب أنها مازالت محتفظة برسوماتها ونحوتاتها على الجدران.
حمام كليوباترا
هو بحيرة جوانبها من الحجر ومياهها تمتليء من الينابيع الحارة، وقيل أن الملكة “كليوباترا” الجميلة مارست السباحة في هذه البحيرة، وتتعدد حول البحيرة أماكن مخصصة لتغيير الملابس وبعض المقاهي التي تقدم المشروبات والمأكولات الخفيفة، فهي نزهة لطيفة بحق.
معبد آمون
يقع على بُعد أربعة كيلومترات من قلب الواحة في منطقة تُسمى “أغورمي”، وبُني على صخرة كبيرة مستوية، وتتحدث المراجع أنه أُنشيء للكاهن “آمون” المعاصر للأسرة الفرعونية السادسة والعشرين، ثم عُرف المعبد باسم “معبد الوحي” وقيل إن سبب تغيير الاسم هو زيارة “الإسكندر الأكبر” للمعبد في عام ٣٣٢ قبل الميلاد وسؤاله لأحد العرافين هناك عن مستقبله، وقيل أنه تنبأ له بحكم العالم ولكن لفترة قصيرة، وهو ما تحقق فاعتبره الناس وحيًا، وبعيدًا عن التاريخ يمكن أثناء التواجد في المعبد مشاهدة سيوة كلها من الأعلى.
قلعة شالي
في السابق كانت مساكن وبيوت سيوة القديمة، وهي الآن عبارة عن أطلال مصنوعة من مادة تُسمى “الكرشف” وهي خليط من الأحجار الملحية والطين، والعجيب أن المدينة (أو القلعة) محتفظة إلى الآن بالممرات والدهاليز بين البيوت العتيقة التي تآكلت على مدار الزمن بما يسمح بالتجول وإلتقاط الصور الرائعة، ولكن المُقدر أن هذه الأطلال ستختفي تمامًا يومًا ما لأنها تذوب مع هطول الأمطار لكن الجيد في الأمر أن التآكل يحدث بوتيرة بطيئة جدًا.
الذهب الأبيض
تحيط البحيرات الملحية أو الملاحات بالواحة على مساحة تصل إلى 55 ألف فدان، وهي بحيرات تنتج نوعية نادرة من الملح يُطلق عليه أبناء الواحة “الذهب الأبيض”، وأثبتت الدراسات أن ملح سيوة له قدرة فائقة على إذابة الثلوج الأمر الذي حدا بالدول الأجنبية اللهث خلفه لحل أزمة الطرقات المتكدسة بالجليد شتاءًا إلا أن الأمور ليست على ما يرام في هذا الباب، كما أثبتت الدراسات أيضًا أنه يحتوي على 1400 عنصر تدخل في صناعات عديدة منها الصابون والحرير الصناعي وتكرير الزيوت والغزل والنسيج والكلور والصودا الكاوية والزجاج ومعجون الأسنان والمنظفات الصناعية وعمليات التبريد ووقود الصواريخ والبارود والطوب الحراري وفي معالجة الصرف الصحي، وبعيدًا عن الأبعاد الإقتصادية تعتبر الملاحات في سيوة منظر بانورامي أبيض لا تنساه الذاكرة أبدًا.
السفاري
بعد الإتفاق مع أحد المرشدين من أهل الواحة يمكن إستقلال سيارات الدفع الرباعي إلى وسط الصحراء حيث الكثبان الرملية العالية ومن ثَم ممارسة التزحلق على الرمال، وما إن تصل السيارة إلى خيمة بجوار أحد العيون الكبريتية الساخنة فسوف تكون ليلة العمر حيث المبيت في الصحراء وتجربة الحياة البدوية البسيطة وتناول لحم الضأن المطهو على الطريقة السيوية، فهم يضعون اللحم في وعاء كبير مع البهارات ثم يُدفن في الرمال الساخنة طول النهار، لا تستخف بالأمر فالنتيجة طعم مذهل لا يُنسى، وإكمالًا للمتعة يمكن السباحة ليلًا في العين الساخنة لإرخاء الجسم وإسترخاءه.
وقبل المغادرة حتمًا وضروريًا شراء أجود أنواع التمر الذي تشتهر سيوة به، وكذلك زيت الزيتون، ويمكن أيضًا تسوق المصوغات الفضية فالنساء هناك أكفاء في تشكيلها.
وقبل المغادرة أيضًا جرب العلاج بالدفن في الرمال الساخنة، فيُقال أنه علاج رائع لأمراض الروماتيزم وإرتفاع الكوليسترول.