«جميع مندوبينا مشغولين الآن»، و«انتظارك محل اهتمامنا»! بعد سماعي للجمل السابقة أكثر من 100 مرة في أقل من 20 دقيقة! وبعد أن استنفدت ما في جعبتي من مفردات الأسى والتشكّي والتحسر! وبعد أن قرأت جميع أدعية الفرج ورفع البلاء والحوقلة والاسترجاع! حدث ما لم يكن في الحسبان, فقد تفضل أحد الموظفين بالرد علي!
اعلم عزيزي القارئ أن خبرا كهذا سيصيبك بالذهول، إلا أن ذلك ما حصل بالفعل حتى إن جهازي العصبي الذي أصيب بالصدمة هو أيضا كاد يجعلني أغلق الخط بدلا من الحديث إلى الموظف!
ولأن مثل هذه الفرصة لا تتكرر كثيرا، فقد حرصت على الحديث معه بأعلى درجات اللباقة وأقصى حدود الأدب، فليس هناك ضمانات كافية أن يغلق الموظف الخط في وجهي لأستمتع بعد ذلك بصوت القطار ثم أعيد البناء من أول دقيقة! وبعد أن شرحت للموظف مشكلتي وحيثياتها وأسبابها، رد بإجابة تبعد عن سؤالي المسافة التي تبعدها اليابان عن جزر هاييتي؛ لذا فقد اعتذرت له إن كنت قد أيقظته من النوم، ودعوت له بأحلام سعيدة، وأن يكفيه الله شر الكوابيس.
أما بالنسبة لك عزيزي القارئ الكريم، وفي حال حاجتك إلى الاتصال بخدمة العملاء لاحقا، فإنني أقترح عليك أن تتحلى بأكبر قدر من الصبر، وأن تضع الهاتف على وضع «سبيكر»، وبعد ذلك عليك أن تمارس حياتك بشكل اعتيادي، كأن تقرأ رواية «شفرة دافنشي» مثلا، أو أن تذهب للتسوق في أبعد مركز تجاري عن منزلك، وعند فراغك سوف تكتشف أن «جميع الموظفين في خدمة عملاء آخرين»، ولست أفهم إلى الآن من هم الآخرون، ولماذا يتأخرون في خدمتهم، إلا إذا كان موظفو الشركة يقومون بتوصيل الطلبات لمنازلهم!
ورغم أن القاعدة الأولى في خدمة العملاء تنص على «أن العميل هو شريان الحياة الرئيس في المنظومة التجارية»، إلا أن مثل هذه القاعدة لا يسري العمل بها هنا على الأقل.
بقلم: ماجد بن رائف
وفي المقترحات..