من هو جساس بن مرة
هو شاعر من شعراء من العصر الجاهلي؛ وفارس شجاع، كان يلقب بـ”الحامي الجار المانع الذمار” فقد كان من أمراء العرب أيام الجاهلية، ومن أشرافهم.
اسمه جساس بن مرة الشيباني البكري، هو بطل من أبطال قبيلة بكر، ومشعل حرب البسوس التي دامت لأربعين سنة.
جساس وخالته
لقد كانت لجساس بن مرة خالة تُدعى البسوس بنت من مُنقذ؛ أتت لضيافته، وكانت لها ناقة خرجت لترعى فدخلت في حمى كليب بن ربيعة التغلبي فرماها بسهم فقتلها، فلما علمت البسوس بأمر بمقتل ناقتها حزنت حزناً شديداً، وأخذت تبكي وتصرخ إلى أن جاء جساس بن مرة، فأراد أن يُهدأ من روعها، فوعدها أنه سيأتي لها بناقة أفضل من ناقتها التي قتلت.
لكن ذلك لم يكن كافياً لإرضائها، فلم يزل يُساومها حتى وصل إلى أن يُعطيها 10 من الإبل إلا أن الحسرة بقيت في قلب خالته البسوس، فلما أتى الليل أنشدت تقول:
لَعمرك لَو أصبحتُ في دارِ منقذٍ
لَما ضيمَ سعدٌ وهو جارٌ لأبياتي
وَلَكنّني أَصبحتُ في دارِ غربةٍ
مَتى يعدُ فيها الذئبُ يعدُ عَلى شاتي
فَيا سعدُ لا تغرر بِنَفسك واِرتَحل
فَإنّك في قومٍ عنِ الجارِ أمواتِ
وَدونك أَذوادي فإنّي عنهمُ
لَراحلةٌ لا يَفقدوني بنيّاتي
وَسر نَحوَ جُرم إن جرماً أعزّةٌ
وَلا تكُ فيهم لاهياً بين نسواتِ
إِذا لَم يَقوموا لي بِثأري وَيَصدقوا
طِعانهم وَالضربَ في كلّ غاراتِ
فَلا آبَ ساعيهم ولا سدَّ فَقرهم
وَلا زالَ في الدنيا لَهم شرّ نكباتِ
وكأنها تقول في هذه الأبيات أنها ظُلمت بالرغم من أنها جارة لجساس بن مرة الذي كانت تظنه بطلاً يأبى الضيم، وأنها في دار غربة لا كرامة لها، غضب جساس كثيراً، لكنه لم يكن يُريد حرباً، فأسرها في نفسه، وهنا كانت البداية.
لقد كان السبب الحقيقي لقتل الناقة هو غيرة كُليب بن ربيعة من جساس فكان دخول الناقة لأراضيه مبرراً ليُفرغ حقده فيها.
لقد كانت لكليب زوجته اسمها جليلة، وهى أخت جساس بن مرة؛ سألها ذات يوم قائلاً: هل تعلمين على الأرض أمنع مني ذمة، فسكتت، ثم سألها مرة أخرى؛ فقالت له نعم أخي جساس؛ فغاض ذلك الأمر كليباً كثيراً لأنه كان متكبراً يريد أن ترى فيه زوجته أنه أشجع فارس، وأشرفهم، فخرج وهو يستشيط غضباً، وهناك لمح الناقة فقام بقتلها لما علم أنها لخالة جساس.
وتقرأ أيضًا هنا عن شاعر الزهد أبو العتاهية، وشاعر الإمارات مانع سعيد العتيبة؛ ثُم تقرأ أيضًا مقالاً عن الطبيب والمؤرخ والشاعر والحكيم لسان الدين بن الخطيب.
كيف نشبت حرب البسوس؟
ذهب بعض أفراد قبيلة جساس لشرب المياه، فمنعهم كليب من الشرب وقال: لا يشربون منه قطرة.
غضب جساس من أفعال كليب، فلحق به ومعه ابن عمه عمرو بن الحارث، فلما وصل إليه قال له: طردت أهلنا عن المياه حتى كدت تقتلهم عطشاً.
فقال له كليب: ما معناهم من ماء إلا ونحن له شاغلون.
فرد عليه جساس قائلاً: هذا كفعلك بناقة خالتي، واشتدت الخصومة بينهما واقتتلا، وكانت الغلبة لجساس.
وبعد هذه الواقعة حصلت الحرب التي عُرفت بحرب البسوس التي دامت 40 سنة، وقتل فيها الكثير من الأشراف والفرسان، وحدثت معها حروب شعرية لا يزالُ التاريخ يصدروها، ومنها قصائد المهلهل بن ربيعة الملقب بالزير سالم؛ يتواعد فيها جساس بن مرة والعكس كذلك، والعديد غير ذلك. أثناء الحرب قُتل جساس بن مرة إسر مبارزة مع أحد الفرسان، وقد كانت وفاته سنة 534 ميلادية.