في المراحل الأولى من حياة الطفل عندما يكون غير قادر على التعبير عن مشاكله وإحتياجاته وجب على الوالدين تفقد الحالة الصحية له وأية مشاكل أو تغييرات تطرأ عليه، لأن الكشف المبكر والتشخيص السليم في بداية أي مرض يُجنب التعرض للتطورات الصحية الوخيمة، وحتى لا تتأثر المسالك البولية والكُلى ووظائفهما عند الطفل”. عن هذ الموضوع وتفاصيله يحدثنا الدكتور “أريب قريش” أخصائي جراحة الكُلى والمسالك البولية للأطفال.
ما هي وظيفة الكُلى في الجسم البشري؟
بدأ الدكتور “أريب قريش” أخصائي جراحة الكُلى والمسالك البولية للأطفال حديثه قائلًا: تلعب الكُلى دورًا رئيسيًا في تنقية الجسم من السموم والفضلات وإخراجها منه، فكل أنواع السموم الضارة المتكونة داخل الجسم تُجمع وتُنقى في الكُلى ومنها إلى الحالب ثم إلى المثانة استعدادا لخروجها خارج جسم الإنسان.
ما أبرز المشكلات التي تتعرض لها الكُلى والجهاز البولي؟
بما أن الحديث عن الأطفال فسيتضح لنا أن مُحصلة الأمراض الكُلوية والبولية عندهم لا تتشابه مع أمراض البالغين، بل يبرز لنا وجود بعض الأمراض الخاصة وهي في غالبيتها عيوب خلقية، تلك العيوب قد تظهر في الكُليتين على صورة أورام أو حصوات أو تكيسات، وقد تظهر أيضًا في هيئة تكيسات أو تضيق في مجرى الإتصال ما بين الكُلى والحالب.
وتابع “د. أريب” قائلًا: وكذلك توجد بعض العيوب الخلقية في الحالب التي تؤدي إلى إرتداد البول وهو ما يُسبب الإلتهابات البولية المزمنة ومن ثَم توثر على وظيفة ونمو الكُلى. وتظهر لدى الأطفال بعض الأمراض الخاصة بالمثانة سواء كانت أمراض عصبية أو وظيفية، ومن أعراضها التبول الليلي اللاإرادي.
والأمراض والعيوب الخلقية في الكُلى والجهاز البولي يتم إكتشافها بالأساس على يد طبيب النساء والتوليد من خلال فحص السونار للجنين وهو في رحم أمه، حيث يُظهر هذا النوع من الفحص العيوب الخلقية في الأجنة ومنها العيوب الخلقية في الكُليتين والجهاز البولي، وهذا الفحص المبكر يتطلب التنسيق مع جراح الكُلى والمسالك البولية لمتابعة الحالة ووضع الخطة العلاجية، لأن التبكير في التشخيص والعلاج أفضل كثيرًا لمستقبل الطفل الصحي من حيث النمو ووظائف الكُلى، كما أنه يساعد في الوقاية من إصابة الطفل بإرتفاع ضغط الدم.
ما هي آلية تشخيص أمراض الجهاز البولي عند الأطفال؟
من خلال الوصف السابق لآلية إكتشاف العيوب الخلقية في الأجنة يمكن لنا تقسيم مراحل تشخيص الأمراض التي تُصيب الكُلى والجهاز البولي عند الأطفال إلى ثلاثة مراحل هي:
• المرحلة الأولى: وهي مرحلة ما قبل الولادة والتي يُشخص فيها المرض أو العيب الخلقي على يد طبيب النساء والتوليد.
• المرحلة الثانية: وهي مرحلة الفحص والتشخيص عند الولادة حيث يُفحص المولود بواسطة طبيب الأطفال والذي له القدرة على تشخيص أي عيوب خلقية ظاهرة.
• المرحلة الثالثة: وهي المرحلة التي يقع فيها ملاحظة مرض الطفل على عاتق الأهل لعجز الطفل عن التعبير عن آلامه ومرضه، وهنا يتوجب على الوالدين فور ملاحظة أي عَرض صحي غريب على طفلهم التوجه لإستشارة الطبيب.
والمراحل الثلاثة السابقة تستهدف الكشف والتشخيص المبكر عن المرض، وبالتالي وضع الخطة العلاجية مبكرًا لحماية الطفل من المستقبل الصحي الغير جيد والمليء بالآلام والأوجاع.
ما هي الوسائل العلاجية لأمراض الكُلى والمسالك البولية عند الأطفال؟
أشار “د. أريب” إلى أنه بعد التشخيص الدقيق للمرض أو للعيب الخلقي الذي يستلزم الإستعانة بأنواع عدة من التحاليل والفحوصات والصور الأشعية يتم تحديد الوسيلة العلاجية الأنسب لحالة الطفل وبناءًا على معطيات الفحوصات والأشعات والتحاليل، ويمكننا القول أن غالبية الحالات المرضية للمسالك البولية عند الأطفال تُعالج بالتدخلات الجراحية.
والتقنيات الحديثة المستخدمة في جراحات المسالك البولية للأطفال مكَّنت من إجراء هذه العمليات لأطفال في عمر الشهر والشهرين وهو ما اختلف عن الماضي كثيرًا حيث كان لزامًا الإنتظار لبلوغ الطفل عمر معين للتمكن من إتمام العملية الجراحية.
ما أبرز المضاعفات الصحية الوارد حدوثها إذا ما أُهمل العلاج المبكر؟
عدم التشخيص والعلاج المبكر للحالة المرضية يؤدي بدوره إلى العديد من المضاعفات الصحية الأكثر خطرًا والمؤثرة على المستقبل الصحي للطفل، وبشيء من التفصيل يمكننا ذكر بعض هذه المضاعفات الصحية في الآتي:
• بالنسبة للكُلى، قد يؤدي إهمال التشخيص والعلاج المبكر إلى الفقد الكامل لوظائفها وبالتالي إعتماد الطفل الكامل بعد البلوغ على العلاج بالغسيل الكُلوي.
• الإصابة بإرتفاع ضغط الدم.
• تأثر الصحة الإنجابية بعد البلوغ إذا وُلد الطفل بمرض الخصية المهاجرة ولم يُعالج في الوقت المناسب.
• تعزيز فرص الإصابة مستقبلًا بالأورام السرطانية الخاصة بالجهاز البولي وأعضاءه.
• أضِف إلى ما سبق كله إعتلال الصحة النفسية للطفل خلال مراحل نموه لكونه غير قادر على التشبه بالأطفال في مثل عمره من حيث اللعب والتحصيل الدراسي… إلخ.
لماذا يُصاب الأطفال دائمًا بإلتهابات متكررة في مجرى البول؟
نبه “د. أريب” على أن الإلتهاب المتكرر في مجرى البول من الأمراض الشائعة بين الأطفال، وهو من الأمراض التي يلزمها الإستشارة الفورية للطبيب للفحص والعلاج للوقاية من تطور الإلتهاب وتأثيره على إرتداد البول.
وإرتداد البول ينتج عن ضعف وإرتخاء عضلات المثانة وخلل في الصمام الواصل بين الحالب والمثانة، هذا الإرتخاء وذاك الخلل يؤدي إلى رجوع البول المتجمع في المثانة إستعدادًا للخروج إلى الكُلى مرة أخرى، فالمسار الطبيعي للبول هو من الكُلى إلى الحالب إلى المثانة، وعلى حسب درجة الإرتداد وشدته يرجع البول من المثانة إلى الحالب وقد يصل إلى الكُلى مرة أخرى عند درجات الإرتداد الشديدة، وتجمع البول المليء بالسموم والفضلات في الكُلى يضرها ويُصيبها بالتليف والجروح ثم القصور في وظائفها. ولا نغفل ذكر إمكانية الإصابة بإرتداد البول بفعل الإلتهابات المتكررة، أو لعيب خلقي منذ تكون الجنين في الرحم.
وعلاج إرتداد البول أيًا كانت مسبباته وحسب شدته هو إما زراعة حالب صناعي، وإما الدخول إلى فتحة الحالب بالمنظار وحقن مادة خاصة، وهذه هي أحدث تقنيات العلاج ونسبة نجاحها تتخطى الـ 90%.
ما هي أبرز أمراض المثانة عند الأطفال؟ وما هي أحدث طرق العلاج؟
تنقسم أمراض المثانة في مجملها إلى ثلاثة أقسام هي:
• أمراض عصبية.
• أمراض وظيفية.
• أمراض ناتجة عن عيوب خلقية.
وأحدث تقنيات العلاج لأمراض المثانة عند الأطفال هي الإستعانة بجهاز تخطيط المثانة، ويعمل هذا الجهاز على بيان المرض المثاني وتشخيص نوعه تبعًا للأقسام الثلاثة المذكورة، وبالتالي فهو يساعد كثيرًا في وضع الخطة العلاجية المناسبة للمرض.
وأشار إلى أن كل المنتجات المصنعة المحتوية على المواد الحافظة والملونات مثل الشيبسي والمشروبات الغازية والأندومي… إلخ تؤثر سلبيًا وبشكل ملحوظ على عمل الجهاز البولي بشكل عام وعلى وظائف الكُلى أيضًا.
ما هي أبرز النصائح الطبية للأمهات فيما يتعلق بأمراض المسالك البولية؟
اختتم “د. أريب” قائلًا: يتوجب على الأم الإهتمام والإلتزام بالإجراءات الصحية الآتية:
• فحص الأعضاء التناسلية للطفل بإستمرار.
• التنبه لمعدل وطريقة وطبيعة تبول وتبرز الطفل، وبيان مدى الصعوبة أو اليسر في عملية إخراج الفضلات عنده.
• التغيير المستمر للحفاضات خاصة مع التبرز لحماية الطفل من الإلتهابات، ويُراعى أن يكون إتجاه التنظيف وخاصة مع الإناث من الأمام إلى الخلف وليس العكس لتفادي الإلتهابات.
• متابعة نمو الطفل.
• العلاج الفوري للإمساك إذا أُصيب به الطفل لأنه يؤثر على عمل المثانة.
• الإهتمام بتغذية الطفل بصورة صحية ومتوازنة.