يذكر جيل الثمانينات، وجود المقصف المدرسي التعاوني، الذي يتيح لكل طالب المساهمة في رأس ماله في بداية العام الدراسي بأي مبلغ يريده، وتوزع الأرباح في نهاية العام الدراسي على جميع الطلاب المساهمين، ويتجاوز الربح في كثير من الأحيان 100% إلى 150%.
وكنا نحرص كثيرا على المساهمة بأي مبلغ، ونحرص على الشراء من المقصف، وما يرغب الطلاب في شرائه من البقالة بعد المدرسة، يطالبون المقصف بتوفيره ليشتروه منه «ليربح المقصف والطالب في نهاية العام»، إضافة إلى عمل بعض الطلاب داخل المقصف متعاونين بمبالغ شهرية رمزية، ولم يكن أحد من بقية الطلبة ينظر إلى هذا الموضوع على أنه عيب أو منقصة، فكلنا يا عزيزي مساهمون!
وأوقف نظام المساهمات في مقصف المدرسة في بداية التسعينات الميلادية مع تنامي دعوات التشدد، واعتبار مساهمات مقصف المدرسة من «الربا»! خصوصا أن خسارة رأس المال ليست واردة، وهو ما يؤكد وجهة نظرهم بأنه ربا.
أقرت وزارة التربية والتعليم «المعارف» نظاما للمقاصف المدرسية، وأحالتها في كثير من الأحيان إلى شركات متخصصة، وحددت مبلغ النسبة المخصصة لكل مدرسة لصالح صندوق الإدارة التعليمية، والأنشطة الخاصة بالمدرسة، ليبقى الطالب بعيدا عن «الثقافة الاستثمارية والادخارية»، وأصبح مستهلكا لمقصف المدرسة والبقالات والبوفيهات حول المدرسة التي غالبا ما يكون أصحابها من المعلمين.
ولم أستغرب كثيرا حين قرأت تصريحا للاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة في جريدة الرياض، بأن الأسرة السعودية تنفق 94% من دخلها في المتوسط شهريا، وكذلك الفرد، وأستطيع أن أضيف ببساطة أن الكثير يتجاوز هذه النسبة إلى العجز عن السداد، سواء بمديونيات للبنوك أو شركات التقسيط، فببساطة نحن لا نعرف التوفير والادخار، واصرف ما في الجيب.. يأتيك ما في الغيب!
بقلم: نايف أبو صيدة