كيف تتم تهيئة الجسم للصيام وخاصة المرضى في شهر رمضان؟
عن تهيئة الجسم للصيام في رمضان قالت “د. صبا أبو الرب” أخصائية التغذية. على جميع الناس مراجعة الطبيب قبل بدء شهر رمضان المعظم، للوقوف على الحالة الصحية للجسم وملائمتها للصيام، وأولى الناس بهذه المراجعة هم أصحاب الأمراض المزمنة، ويُقصد بالأمراض المزمنة هي الأمراض الدائمة التي ليس لها علاج نهائي مثل أمراض الضغط والسكري، لأن هذه الأمراض تتجدد الأدوية المُعالجة لها كل شهر.
ونظرًا لأن التعميم بإمكانية الصيام أو عدمها مرفوض مع هؤلاء المرضى، لذا كان الأوجب على كل حالة مراجعة الطبيب المعالج قبل تهيئة الجسم للصيام والتنسيق معه، لإمكانية المثول لشعيرة الصيام عند حالات وعدم القدرة عليها عند أخرى، فالطبيب هو وحده القادر على تحديد مدى القدرة على الصيام تبعًا لما أُتيح له من معطيات وفحوصات طبية.
ومن الإفادات المرجوة من زيارة الطبيب لأصحاب الأمراض المزمنة قبل تهيئة الجسم للصيام ترتيب وإعادة ضبط جرعات الأدوية ومواقيتها، لأن الكثير من الأدوية تختلف في تأثيرها الطبي ونتائجها العلاجية عند إختلاف مواقيت تناولها، وكذلك منها أدوية لا ينفع معها تغيير موعد التناول دفعة واحدة، بل الأمثل طبيًا هو التغيير التدريجي في ميعاد التناول، والقادر على تحديد كل هذه الأمور هو الطبيب المعالج وحده.
وفي حال أقر الطبيب بعدم صيام المريض عليه التنفيذ والطاعة، ولا يُؤثم بإذن الله على ذلك، لأن الله عز وجل يُحب أن تُؤتى رُخصه، وهؤلاء المرضى أحق الناس بهذا الترخيص الرباني بالإفطار.
أما غير أصحاب الأمراض المزمنة، وكذلك الأصحاء نوعًا ما – خاصة الكبار في العمر- عليهم متابعة الطبيب دوريًا بحد أدنى مرة كل عام، وليس من المفروض الإنتظار حتى يبلغ المرض مَبْلَغه بالجسم لزيارة الطبيب، فكثير من الأمراض تُصيب الأفراد كبارًا وصغارًا وهم لا يشعرون بها في مبدأها.
وإن حُددت هذه المرة قبل شهر رمضان فهي الأصح والأمثل، فمنها الإطمئنان على الحالة الصحية بشكل عام قبل تهيئة الجسم للصيام في رمضان، أو الإكتشاف المبكر لأي مرض خفي لا قدر الله، ومنها التعرف على حالة وقدرة الجسد على الصيام، وأخذ النصائح الطبية لصيام غير مُرهق جسديًا وعضويًا ونفسيًا.
لماذا يُصاب الصائم بالصداع وقلة التركيز؟ وكيف نتغلب عليهما؟
تابعت “د. صبا” درجت العادة عند الشعوب العربية تناول كميات ليست بالقليلة من مادة الكافيين، وما يحدث في رمضان هو الإنقطاع المباشر والمفاجيء عن تناول هذه الكمية، الأمر الذي ينتج عنه الإصابة بالصداع والخمول وقلة التركيز. والحال بالمثل مع المدخنين، والذين يُصابون على الأرجح بالصداع وقلة التركيز والعصبية، أيضًا للإنقطاع المفاجيء لفترات طويلة عن التدخين.
وللتغلب على مثل هذه الأعراض والأحاسيس يجب عليهم (مدمني الكافيين ومدمنى التدخين) التخلي عن هذه العادات تدريجيًا قبل شهر رمضان الكريم بوقت كافي، لإعطاء فرصة زمنية كافية للجسم للتخلص من آثار هذه المواد به خطوة بخطوة. فالمعتاد على تدخين 20 سيجارة يوميًا لديه الفرصة لإنقاص هذا العدد تدريجيًا – وليكن بمعدل 3 سجائر يوميًا – قبل رمضان بفترة كافية، حتى إذا ما حل رمضان أصبح عدد السجائر المُدخنة يوميًا أقل من المعتاد بكثير، مع إنسحاب آثار تقليل العدد تدريجيًا من الجسم، وبذا يكون قد تجنب التوقف المفاجيء بسلبياته على الجسم وقد تم تهيئة الجسم للصيام في رمضان. وكذلك الحال مع القهوة والشاي ومشروبات الطاقة وغيرها من المشروبات الغنية بالكافيين.
كم العدد الصحيح للوجبات الغذائية المفروض تناولها يوميًا بشكل عام؟
الصحيح طبيًا أن يتناول الفرد خمسة وجبات يوميًا، مع مراعاة كميات الطعام والسعرات الحرارية الداخلة للجسم، وتُوزع هذه الوجبات على مدار اليوم لنبدأ بوجبة الإفطار ثم وجبة خفيفة ثم الغذاء ثم وجبة خفيفة وننتهي بوجبة العشاء، ويفصل بينهم مدة زمنية في حدود الثلاث ساعات، يرجع هذا التقسيم والتوزيع للوجبات بهذه الكيفية لإتمام تهيئة الجسم للصيام وللمحافظة على معدل مرتفع للحرق والميتابوليزم في الجسم، وكذلك للمساعدة على حرق الدهون المخزنة في الجسم.
إن كان العدد الصحيح للوجبات هو خمسة، فكيف نستعد لتقليصهم إلى وجبتين فقط في رمضان؟
إذا شعر الجسم بهبوط مفاجيء في عدد الوجبات اليومية من خمسة وجبات إلى وجبتين فقط سيُعلن حالة الطواريء الداخلية، وسوف يستخدم أساليبه الدفاعية لمقاومة المجاعة التي يشعر بها، فيبدأ الجسم فورًا في تقليل معدل الحرق الداخلي، وأيضًا يقوم بتحويل أي طعام يدخل إليه إلى دهون ويُخزنها فيه.
وللهروب بالجسم من هذه الحالة الدفاعية يتعين على الفرد التدرج في تقليل عدد الوجبات قبل رمضان بوقت كافي، ليقوم الفرد بتناول الثلاث وجبات الرئيسية فقط ويتخلى عن الوجبات الخفيفة لفترة زمنية ما، حتى إذا هَلَّ شهر رمضان الكريم يتم تخفيض العدد من ثلاثة إلى وجبتين فقط الإفطار والسحور، وبذلك يكون التخفيض في العدد تدريجي ويكون الجسم قد هُيِّأَ له مُسبقًا. وللعلم أن التقليل لا يقتصر على عدد الوجبات فقط، بل يشمل أيضًا كمية الطعام وكمية السُعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم، فوجب تقليل هذه الكميات تدريجيًا قبل شهر رمضان، حتى يعتاد الجسم على الكميات الجديدة التي ستدخله أثناء شهر رمضان.
كل هذه الإحتياطات والإحترازات تهدف إلى تجنب ردة فعل الجسم التلقائية ودخوله في حالة المجاعة الوهمية وإجراءاتها الجسدية لقلة كميات الطعام التي يتناولها الفرد في رمضان.
كيف يحمي الصائم نفسه من خطر الجفاف؟
أوضحت “د. صبا” الكمية اللازمة للجسم البشري من الماء 2 لتر يوميًا، للمحافظة على رطوبة الجسم والبشرة، ولتسهيل أداء الجسم للعمليات الحيوية. ولتجنب الإصابة بالجفاف أثناء الصيام ولإتمام عملية تهيئة الجسم للصيام يجب تدريب النفس على تناول الكمية اليومية المطلوبة من الماء قبل دخول شهر رمضان، فيدخل الجسم في صيام الشهر وهو في كامل حيويته ورطوبته، وعند الصيام يتم الحفاظ على شرب نفس الكمية مع توزيعها على الفترة ما بين الإفطار والسحور، وعدم تناولها كلها في مرة واحدة أو مرتين، لأن الجسم سيطرد الكميات الزائدة ولن يستفيد منها. وتجدر الإشارة إلى أن العصائر الطبيعية – وليست الصناعية – بديل جيد للماء.