رمضان شهر القرآن، عرف بالقرآن وعُرف به القرآن، ففيه أنزل في ليلة استثنائية، شهدت نزول رسالة السماء ودستورها إلى أهل الأرض، وكان فيه نجاتهم وخلاصهم من ويلات الحياة والممات.
ليلة القدر حيث نزول القرآن الكريم، شهادة خاصة توثق علاقة القرآن الكريم بالشهر الكريم، ومن ثم فقد ارتبط رمضان بتلاوة القرآن وتدبره والدخول إلى عوالمه ورحابه الواسعة، وهنا في السطور القليلة القادمة سوف نسلط الضوء على قراءة القرآن في رمضان وفضله وأهميته وثماره الطيبة على الصيام وعلى الصائمين.
فضل قراءة القرآن الكريم في رمضان وثقله في الميزان
يقول الله عز وجل فيما أعده لقارئ القرآن والمقيم على حدوده: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).
فلقارئ القرآن منزلة عظيمة بين الناس في الدنيا والآخرة، وهو موعود بالنجاة من الفزع الأكبر، وموعود بالارتقاء بين درجات الجنان، وهو من خير الخلق عند الله عز وجل ، فقد جاء على لسان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- : خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
والحديث عن أجر تلاوة القرن الكريم أكبر من أن تحصيه مقاله أو يحصره موضوعٌ واحدٌ، وهذا بوجه عام، أما قراءته في رمضان فيجزى به العبد أجرًا مضاعفًا.
ومن أعظم الأجور أن القرآن الكريم حين يجتمع مع الصيام يأتيان للعبد بالشفاعة ويمداه بسبب من أسباب النجاة والخلاص، يوم القيامة.
وقد دلنا على ذلك ما جاء عن عبدالله بن عمرو، رضى الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه.
ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، فيشفعان)، فشفاعة القرآن والصيام أعظم أجرٍ وأكبر فضلٍ لهما، لأنه فضل عظيم متعلق بيوم عظيم الكرب، شديدة الوطأة فهنيئًا لمن ادخر له صيام يوم وتلاوة بعض آيات الذكر الحكيم لتنفعه في دفع شر ذلك اليوم المستطير.
بعض ثمار تلاوة القرن الكريم في رمضان
معية الله -عز وجل- والملائكة
حين يقرأ المسلم القرآن يصبح في معية الله عز وجل، وتحف مجلسه الملائكة المكرمين، والكاتبين البررة.
فما من مجلس علم أو ذكر أو تدارس لكتاب الله يحضره المسلم إلا غشيته الرحمة، وتنزلت عليه السكينة، وحفته الملائكة، وذكره الله فيمن عنده، فهو مجلس يحبه الله ورسوله ويباهي به الله ملائكته.
السكينة والطمأنينة
كلنا يعلم أثر الذكر في حلول الطمأنينة وذهاب القلق والتخلص من التوتر أو الضغوط، ومعظمنا لمس أثر هذا بنفسه مرات ومرات، و بالطبع فإن تلاوة القرآن الكريم درب من دروب ذكر الله، الذي يحصل معه سكون القلب، وتفريج الهم ونزول السكينة والهدوء.
وقد كان نبينا -صلى الله عليه سلم – يعلمنا دعاءً رائعًا في هذا الصدد، ويوصينا أن ندع الله دائما أن يجعل من القرن الكريم ربيع قلوبنا، وذهاب همومنا، ونور صدرنا، وجلاء أحزاننا، ومغفرة ذنوبنا، فهذا دعاء جامع مانع لخيرات القرآن الكريم وبركاته العظيمة.
تنزل الحسنات والخيرات
ما دام المسلم يتلو القرآن الكريم وما دام متلبسا بحالة الذكر تتنزل عليه الحسنات، ليس على كل كلمة يتلوها بل على كل حرف، فهو طوال قراءته في ارتقاء دائم بالثواب وتحصيل للأجر.
ومما دلنا على ذلك قول الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ).
شغل الوقت بالطاعة
أفضل ما يمكن أن يشغل المسلم به وقته هو قراءة القرآن، فهو الكلم الطيب الذي تطيب به الأوقات، تطمئن به القلوب، وتنال به الدرات العلى في الدنيا والآخرة، في ذلك ما فيه من البعد عن المعاصي والفرار من الذنوب.
لان تعمير الفراغ بالخير يحمي المسلم من اللجوء إلى شغله بالشر.
تدبر لآيات الله
تدبر آيات الله عز وجل والقرب من القرآن الكريم خير كله.
ففيه يقظة القلب وفيه تغذية الروح، وبه يضيء الله البصائر والألباب، فيحصل معه الفطنة والإيمان الذي يهدي الله به عباده في طريق الحياة، فيسلكون سبل النجاة ويبتعدون عن سبل الهلاك.