«هالة» تسأل: أعاني مشكلة نفسية كنت أظنها بسيطة لكني الآن أشعر بتطورها – فأنا أبلغ من العمر حاليًا 29 عامًا، وعندما كان عمري من 12 – 15 سنة تقريبًا كنت دائمًا أرى في أحلامي وباستمرار سلالم مخيفة بكل أشكالها، مهما تغير موضوع الحلم (سلالم ضيقة، أو مظلمة، أو شديدة الارتفاع، أو أني أهوي فعلاً من على هذه السلالم أو شديدة التعرج والسمك)، وكنت أرى إما أنني لا أستطيع الصعود أو أنني أهوي من عليها، وانقطع هذا الحلم بانتهاء هذه الفترة (12 – 15 سنة)، ولكنني ما زلت أتذكر هذا الحلم، ويؤثر عليّ في كثير من الأحيان.
حيث إنني في الحقيقة أخشى السلالم الضيقة أو المظلمة جدًّا، وأعاني من خوف ورعب من السلالم المتحركة الموجودة بالفنادق والمحلات التجارية، وعندما أحاول أن أكون متحدية هذه المشكلة، وأحاول صعود أو هبوط السلالم المتحركة أرى أمامي هذه الأحلام القديمة أسرع للخلف بخوف شديد، ولكنني بدأت أتصدى لهذه المشكلة، فلم أجد صعوبة في صعود هذه السلالم، ولكنني أجد صعوبة بالغة وحالة نفسية سيئة إذا حاولت الهبوط عليها، أما السلالم العادية فالصعوبة تقل بعض الشيء.
ولكن ما يؤرقني حاليًا أن هذه الأحلام عادت مرة أخرى منذ أسبوع ولمدة 3 أيام متتالية، ففي الحقيقية إنني كنت أنوي زيارة أحد أقاربي لمباركة شقته الجديدة، ولكن في نفس اليوم الذي قرَّرت الذهاب وقبل أن أذهب فعلاً رأيت في الحلم أن بيتهم الجديد ذو سلالم ضيقة ومخيفة وحلزوني وشديد الارتفاع، ولم أستطع صعوده، ورجعت دون زيارتهم وانتهى الحلم، لكنه أثَّر عليَّ، وفي رغبتي في زيارتهم.
أرجو تحليل حالتي، وهل أنا أعاني من مرض نفسي معين؟ وهل هذا المرض في تطور؟ وما العلاج؟ سوف أسرد بعض الملاحظات التي قد تفيد بعض الشيء في تحليل هذه الحالة:
- قبل زواجي كنت أتمتع بحياة أسرية سعيدة جدًّا بين أب حنون وأم طيبة ومحبة جدًّا لنا وأخوة متميزين.
- بعد زواجي مباشرة رزقت بطفل جميل.
- وزوجي مُحِبّ لنا ودود عطوف مؤمن مصلّ.
- كنت ناجحة في دراستي، وأتمتع بنفس النجاح في عملي، ومحبوبة من جميع زملائي.
- اجتماعية جدًّا ولديّ علاقات طيبة بكل من يحيطون بي.
- لا ولم أعانِ من أي مشاكل نفسية من قبل.
- أعتبر حياتي والحمد لله مثالية بخلاف هذه المشكلة التي أحس بتطورها داخلي ولم أصرِّح بها لأي أحد حولي.
⇐ د. أمل المخزومي «طبيب نفسي» أجابت صاحبة الاستشارة؛ فقالت: الأخت الفاضلة.. الأحلام هي عبارة عن مواقف يراها النائم، وتختلف باختلاف حالة الأفراد النفسية والجسمية، وما يتعرضون له من أحداث يومية في مسيرة حياتهم. تختلف الأحلام باختلاف العمر والجنس وطبيعة الحياة التي يمارسونها، كذلك تختلف نوعية الأحلام، فمنها الوردية، ومنها الكوابيس… وغيرها.
هناك أحلام تكون منتشرة بين الناس كرؤية الحالم نفسه في حالة سقوط أو طيران أو دخول قلاع أو الخروج منها، أو الموت، أو يرى حريقًا، أو يتسلق جبالاً، أو يكون في بحر متلاطم الأمواج، أو يحضر اجتماعًا، أو مقابلات يومية، أو يصعد سلمًا متعرجًا، ولا يستطيع ذلك أو ينحصر بممر ضيق، ولا يستطيع الخروج منه… وهكذا.
هناك من يرى نفسه في موقف يحاول الهروب ولكن قدميه تخونه، كما يرى الطالب نفسه يدخل قاعة الامتحان، ولكنه لم يجد قلمًا أو مكانًا له، أو لم يعرف الطريق للوصول إلى المكان الذي يريده. قد يرى الفرد أحلامًا لها علاقة بالمثيرات الخارجية كطرق الباب أو صوت جرس الهاتف أو بكاء طفل. يراها بشكل محرَّف بعض الشيء. على سبيل المثال إن رشَّ الماء على وجه النائم، فيحلم بأنه واقف تحت خرطوم الماء أو تحت الشلال. عندما يسقط الغطاء أثناء النوم ويشعر الفرد بالبرد يرى نفسه بأنه يعوم في الماء البارد.
وقد تباينت واختلفت تفاسير الأحلام، كما كثرت الاجتهادات حول تلك التفاسير. تراود الفرد أحلام متنوعة، وتتكون هذه نتيجة لتجاربه الحياتية التي مرَّ بها، وتأتي محوَّرة بشكل مغاير للحقيقة أحيانًا، أو ناتجة عن حاجات لم يستطع الفرد تحقيقها في الواقع، فإنه يحققها عن طريق الأحلام أثناء النوم.
تحدث تلك الأحلام عندما تنطلق الصور الفكرية التي يحملها الفرد من سجنها إلى المخيلة، وتكون على شكل أحلام ناتجة عن رغبة مكبوتة لدى الفرد يصعب عليه تحقيقها في الواقع؛ ولهذا يكون البديل في تحقيق تلك الرغبة في الأحلام البديلة أو التعويضية.
تحدث تلك الأحلام عندما يكون الفرد في حالة توتر نفسي أو حالة خدر وارتخاء، ويغلف هذه الأحلام أحيانًا نوع من الغموض. وتلعب هذه الحالة النفسية دورًا مهمًّا في تلك الأحلام. تنقل الحواس الأحاسيس إلى الفكر بشكل يغلب عليه نوع من التضخيم، فنقطة الماء النازلة من الحنفية يسمعها النائم كدقات الطبول أو المدافع. كما يحيط بالأحلام نوع من الإبدال، والإزاحة، والتركيز على الموضوع الانفعالي، واللغة الرمزية، والتحوير للمواقف.
تعبِّر الأحلام عن النشاط المخي الحاصل للفرد أثناء النوم، ويكون موضوع الحلم هو تحقيق رغبة، أو تنفيس انفعالات مكبوتة لدى الفرد، وتنبع من خبرات الفرد، ومشاعره، وأفكاره التي تسيطر عليه. إن تكرر الحلم، فهذا يعني أن الأمر المتعلق بتلك الرغبة أو الموقف أصبح مسيطرًا على الفرد سيطرة تامة.
عزيزتي السائلة، للتخلص من هذه الحالة المسيطرة، ينبغي عليك اتباع التوصيات التالية:
- أشعر أن إرادتك قوية، هذا ما لمسته من محاولاتك التخلص من الخوف الذي يسيطر عليك، وهو ما يساعدك على اجتياز تلك الحالة والسيطرة عليها.
- شيء جيد أنك تحاولين السيطرة على هذا الخوف، وقد استطعت صعود السلالم، وبقي لديك السيطرة على النزول على السلالم.
- عليك السيطرة على هذا الخوف، وإن لم تسيطري عليه فإنه سيسيطر عليك، ويصبح نوعًا من الفوبيا ،و هذا ما لا نرضاه لك مطلقًا.
- حاولي أن تبعدي فكرة الحلم عن ذهنك واستخفِّي به.
- أكثر الناس يحلمون مثل أحلامك، وهذا شيء طبيعي، ولكن الفرق بينهم هو مدى السيطرة على تلك الأحلام.
- لأحلامك علاقة وثيقة بطموحاتك وأمنياتك، وكلما تتمنين شيئًا ولا تستطيعين تحقيقه يعود عليك ذلك الحلم، وذلك لوجود الارتباط الوثيق بين المنطقة المتعلقة بالأحلام الموجودة في المخ لديك، وتلك الأمنيات.
- إن الحلم الذي راودك مرة أخرى عندما أردتِ أن تباركي لصديقتك بالشقة الجديدة، ما هو إلا انعكاس لأمنياتك للحصول على شقة مماثلة لشقتها على الأرجح.
- حاولي أن تكتبي آمالك ورغباتك في الحصول على الأشياء التي تطمحين تحقيقها قبل النوم، واكتبي بجانبها بأن هذه السلالم لا علاقة لها برغباتي وطموحاتي، ولا يمكنها أن تؤثر على أحلامي المتعلقة مطلقًا، وبالتالي ستجدين الحلم قد ولَّى ولم يَعُد مرة أخرى إن شاء الله تعالى.
- حاولي أن تحكي حلمك إلى أقرب الناس لديك، وإن لم يكن ممكنًا تحدثي عن الحلم بصوت عالٍ مع نفسك، أو اكتبيه ومزقيه إربًا إربًا.
أعانك الله و وفقك إلى ما يحبه ويرضاه.