حضن أمي، برها ورضاها، والقرب من أبي وأخواتي وتمضية أيام العيد السعيد مع عائلتي في موطني، من أحلى متع الدنيا وأجل النعم من المولى.
أقدار الرحمن شاءت أن أغترب مع زوجي عن أوطاننا وأحبتنا، ليستقر سكنانا في إحدى المدن الجامعية على أرض كندا، وحولنا تقيم بعض الأسر المسلمة من مختلف الدول العربية والإسلامية وأعراق وأديان أخرى، حيث يمثل السكن الجامعي خليطا من البشر من شتى بلدان الدنيا.على مدى عدة سنوات عشت مع جاراتي الحبيبات وأخواتي الطيبات تجارب مميزة للاحتفال بالعيد، إذ هو محطة عاطفية لنا تزود قلوبنا بالحب والتآخي، وهو كذلك محطة تربوية للأطفال نمرر لهم عبرها قيمنا وثقافتنا، وقبلها نقيم شعائر ديننا، ومع مرور السنوات تجمعت لنا في كندا أجمل الذكريات.
صلاة العيد.. بهجة وعزة!
تحدثني صديقتي أن عينيها اغرورقتا بالدموع لما رأت تدفق الآلاف من المسلمين لأداء صلاة العيد، وحق لها ذلك، حيث شعور العزة والفرحة يحمله كل من يأتي للصلاة ذاك اليوم، هناك يحضر الجميع، رجال ونساء وأطفال، بأزياء أوطانهم التي قدموا منها، فأهل الخليج بثيابهم البيضاء، وأهل الهند وباكستان بلباسهم البنجابي، وأهل المغرب بالجلباب والطاقية، وقس على هذا.يوم عيدنا المنصرم تمكن الإخوة الفضلاء القائمون على مركز الدعوة الإسلامي في مدينتنا من إقامة صلاة العيد في قاعة ضخمة في قلب المدينة في تجمهر رهيب، أدينا الصلاة ونحن نستمتع بمنظر البحر على جانبيه المروج الخضراء والعمائر الشاهقة، وفوق ذلك كله قمم الجبال مغطاة بالثلج الأبيض، زاد ذاك الجمال جمال قراءة خاشعة للقرآن هزت جنبات القاعة من فضيلة إمام أزهري قدم إلى كندا ليؤم الناس طيلة الشهر الفضيل.
درجت عادة الأسر المسلمة -بعد تبادل التهاني والتحايا- على التوجه لأحد أماكن الترفيه العامة، حيث الكبار يأنسون والأطفال مع بعضهم يمرحون.
طالع أيضًا: صور عن العيد مع معايدات عربي وانجليزي لأحلى تهنئة مميزة
حفلة العيد.. هدية الأمهات
هذا الشعار الجميل انطلق من جارتي وصديقتي الحبيبة (نصرة) التي حجزت لنا القاعة الكبرى المخصصة للاحتفالات بمركز الحي، وعملت بحماس لإقامة حفلة بهيجة للأحبة الصغار في العيد، وفكرتها ببساطة هي إقامة أركان وأنشطة مختلفة يتنقل بينها الأطفال للعب والاستفادة وبجهود ذاتية تعاونية من الأمهات أنفسهن.
كان على بعض الأمهات مهمة استئجار وإحضار قصر مطاطي ليستمتع الصغار بالقفز في داخله.. أخريات أشرفن على طاولة حوت مستلزمات الفنون كالرسم واللصق والتلوين، وفي مطبخ القاعة تولت أخرى عمل كعكة مع بعض الأطفال، ثم قسمت لأجزاء صغيرة ليتناولها الجميع.. بعض الأمهات تولى عمل مسابقة ثقافية للكبار من الأطفال، وواحدة أخرى أخذت تلعب معهم ألعاب الفك والتركيب، ومن كانت على دارية ومهارة بفن الماكياج تولت الرسم على وجوه الأطفال.
باختصار.. قضينا وقتا رائعا معا، وتحقق شعار الحفلة الذي كان بوجه آخر (منكم وإليكم).
هنا -أيضًا- تجد: كروت معايدة عيد الأضحى معها تهنئة العيد بأرق كلمات ورسائل
جولة على البيوت!
فكرة نطقت بها واحدة من الأخوات الطيبات من عدة سنوات، وغدت واقعا رائعا نعيشه كل عيد في سكننا الجامعي بعد أن اتفقنا على تزيين بيوتنا من الخارج والداخل بزينة العيد وكل ما يحمل الطابع الشرقي، ثم الأمهات تنظم مسيرة أو جولة للأطفال على البيوت بقصد التهنئة وأخذ الحلوى، ولمزيد من التنظيم نقسم الأطفال لقسمين، جهة للأولاد وأخرى للبنات، وبطول طابور الأطفال نمد لهم حبلا طويلا يمسكه الأطفال بأكفهم اليمنى، وفي أيديهم اليسرى يحمل كل طفل كيسا للحلوى.
في مقدمة الموكب لوحة كتب عليها “مسيرة أطفال المسلمين في العيد“، وينطلق الركب مع تكبيرات العيد من أفواه الصغار ومعهم أمهاتهم يتوجهون صوب أحد البيوت، فرحة وبهجة المشهد لا تؤثر فينا فحسب، بل في كل من يرانا ذلك اليوم.
في عيدنا الماضي، أردنا تطوير الفكرة وتثبيتها كمبدأ للأسر المسلمة المغتربة في شمال أمريكا، والتي تجد في (مراسم) هذا العيد بديلا رائعا مشبعا عن الهالوين وأولاد عمومته، قمنا بتكوين فريق للتصوير وإنتاج فيلم وثائقي (مبدئي) عن أعياد المسلمين وهويتهم في الغرب، يحوي خلاله سيناريو ومقابلات مع بعض أطفالنا الذين أسعدتهم جولة العيد، وبفضل المولى علينا فإننا قد أنهيناه وحملناه على موقع يوتيوب.
كل عام مركز الدعوة الإسلامي بمدينتنا يقيم حفلا للعيد، يحضر فيه أعداد كبيرة من أسر مسلمة من ضواحٍ متفرقة، وحيث إن البيوت متقاربة في سكننا الجامعي تطوعت بعض الأمهات لتقديم نشيد عن العيد، واستقطعن لهذا أوقاتا لتدريب الفتيات عليه.. اللطيف أن هذه الأنشودة باللغتين العربية والإنجليزية، بحيث يتسنى للعرب والأعاجم فهمها وتذوقها.
صعدت صغيراتنا على المسرح ورددن: “عيد سعيد.. عيد سعيد لكل مسلم.. أيا كان لونك أنت أخي ما دمت مسلم”.
بعد انتهائهن صفق الجمهور لهن طويلا، وبقي ذلك ذكرى جميلة يحملنها.
كذلك؛ لدينا: أجمل الصور لعيد الفطر السعيد.. خلفيات عن العيد مكتوب عليها أجمل التهاني
عيد اللقاء
كمغتربات ومغتربين في كندا يعد العيد فرصة ومشروعا للأفكار الإبداعية التي يحرص عليها البعض منا، ومن جهة أخرى هو فرصة لطرح الهموم والأحزان ومرارة بعد الأهل، وفي القلب رجاء برضا الرحمن ﷻ بإقامة شعائر ديننا، وبفرح على وجه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يوم أن نلقاه على حوض الكوثر.
بقلم: أبرار البار